لم يتمكن أي من المرشحين الجمهوريين لانتخابات الرئاسة الأميركية من تسجيل فوز واضح أو تقدم يعتد به خلال المناظرة التي جرت، أمس الأول، في أحد فنادق مدينة لاس فيغاس.

Ad

لكن معظم التعليقات أجمعت على أن آراء المتنافسين ونقاشاتهم لم تكن على مستوى قضية الأمن القومي التي انعقدت لأجلها المناظرة، وأظهرت في الوقت ذاته، أن الحزب الجمهوري يقف على مفترق طرق جدي في ظل الفوضى السياسية التي تحكم أجنحته وحالة "العصيان" التي تجتاح قواعده نتيجة حملة التجييش والتعبئة التي دأب مرشحوه على إثارتها لاستنهاض المؤيدين.

وبدا واضحاً أن "تسوية" ما قد تم التوصل إليها بين قيادة الحزب ودونالد ترامب، الذي عزز صدارته إلى 38 في المئة في آخر استطلاع نشر أمس الأول أيضاً، وأعلن بشكل واضح أنه لن يترشح كمستقل إذا لم ينل رضا قاعدة الحزب.

تسوية لم تعرف تفاصيلها بعد أن سعت أوساط مؤثرة إليها، بينها الملياردير شيلدون اديلسون مالك فندق الفينيشيان حيث جرت المناظرة، وأحد أكبر المتبرعين للحملات الرئاسية الجمهورية، الذي التقى ترامب قبل ساعات من المناظرة.

لم يتمكن أي من المرشحين من تقديم حضور لافت يمكنه على الأقل من الاحتفاظ بموقعه في هذا السباق، بعدما بدا أن وقف ترامب دونه صعوبات لا يمكن تجاوزها بسهولة.

وعلى الرغم من أن تجارب الانتخابات السابقة غالباً ما كانت تحمل مفاجآت، خصوصاً بعد توجه ناخبي الولايات الأولى إلى صناديق الاقتراع، لكن الاعتماد على التاريخ قد لا يكون كافياً، خصوصاً أن التغييرات البنيوية في المجتمع الأميركي تفرض معطيات لم تعهدها أميركا سابقاً.

قبيل بدء المناظرة، قال معلقون إن جمهور ترامب القادم من أصول اجتماعية واقتصادية وتعليمية وثقافية مأزومة، لا يمكن إقناعه بتغيير قناعاته، في ما يستمع إلى خطاب يعده بقلب الطاولة، سواء داخل الحزب أو في واشنطن.

لم يتراجع ترامب عن خطاباته، ولا عن اقتراحاته، خصوصاً المتعلقة بمنع دخول المسلمين غير الأميركيين إلى البلاد، ووقف في مواجهة منتقديه على خشبة المناظرة، مستعيناً بأسلوبه الهجومي والتسخيفي لمنافسيه.

هكذا رد على هجوم جيب بوش، الذي قدم أداء مقبولاً حين اتهم ترامب بأنه مجنون ومرشح فوضوي لن يقدم سوى الفوضى، متعهداً بمنعه من الوصول إلى البيت الأبيض.

وردّ ترامب عليه بالقول إنه يقدره كرجل لطيف، لكن الظروف التي تمر بها أميركا تحتاج إلى رجل قوي، مؤكداً أن استطلاعات الرأي كافية للرد على بوش.

تركيز المناظرة على قضايا مواجهة الإرهاب وكيفية حماية أميركا والسياسات الأنجع في الشرق الأوسط والعالم، أظهر أن الهوة بين المرشحين المحسوبين على المؤسسة السياسية وغير السياسيين شاسعة، رغم عدم تأثيرها على آراء الناخبين.

ترامب فشل في فهم عبارة "الثلاثية النووية" في ما ابتعد كارسون عن الجدال الذي اندلع بين ماركو روبيو وتيد كروز حول دور الحكومة في توفير الأدوات والمقاييس، التي يمكن استخدامها في مواجهة الإرهاب الدولي.

وفي انتظار الجولة الأولى من انتخابات الجمهوريين في ولاية أيوا بعد أقل من 45 يوماً، تبقى الاستطلاعات مشدودة نحو الاصطفافات التي أظهرت احتفاظ ترامب بالمقدمة على المستوى الوطني، في ما يتقدمه السيناتور المشاغب على الطبقة السياسية تيد كروز على مستوى ولاية أيوا حتى الآن، وهو ما منع ترامب من فتح النار عليه خلال المناظرة تفادياً لخسائر إضافية أمام كروز.