أجمع المتحدثون في ندوة «قانون الإعلام الإلكتروني الحقيقة الغائبة»، التي نظمها المنبر الديمقراطي مساء أمس الأول، في ديوان النائب السابق عبدالله النيباري، على ضرورة سحب القانون وإعادة دراسته بما يسمح للجميع بالحرية، والدخول إلى فضاء الإنترنت دون قيود، موضحين أن «وزارة الإعلام نصبت نفسها الخصم والحكم في نفس الوقت، الأمر الذي يؤدي إلى تقييد ومصادرة الحريات».

Ad

وأكد المتحدثون أن «معارضتنا للقانون لم تكن مادية، بل على بعض المواد التي تتطلب تعديلات، وتمنع سيطرة وزارة الإعلام على مستخدمي الإنترنت»، لافتين إلى «أننا مع تنظيم الإعلام الإلكتروني، لكن وفق أسس مدروسة من أناس متخصصين»، معتبرين ان «القانون بصورته الحالية سينضم إلى ترسانة الخلايا النائمة».

الخصم والحكم

في هذا السياق، ذكر الكاتب الصحافي إبراهيم المليفي أن «قانون الإعلام الإلكتروني يضع وزير الإعلام في موقف الخصم والحكم، وفقا للمادة العاشرة منه، وهذا أمر مرفوض»، موضحا «اننا جميعا مع التنظيم، لكن هذا القانون يجب سحبه وإعادة دراسته لأن هدفه التكميم والتقييد».

وتساءل المليفي: «هل ينضم هذا القانون إلى ترسانة القوانين المقيدة للحريات، لأنه من الواضح أن كل أمر خارج النطاق الرسمي مطلوب تقييده، لاسيما اننا نعيش اليوم حالة فوضى من التشريعات لا تعدل بسن مثل قانون الإعلام الإلكتروني، خصوصا انه منذ عام 2006 اختلفت أدوات نقل الأخبار وطريقة التعبير عن الرأي من خلال الشكل التقليدي للصحافة، الذي بدأ يختل لنصل إلى ما يسمى باليوتيوب وكذلك المدونات».

واردف ان «تطور التكنولوجيا في أشكال مختلفة، خصوصا مع ظهور تويتر ووسائل التواصل الأخرى، أدى إلى خلق عصر جديد من التواصل الاجتماعي ونقل وتبادل المعلومات».

وتابع المليفي ان «قانون الإعلام الإلكتروني مر بمرحلة تعتبر جديدة في الكويت، وهي مرحلة النقاشات وتبادل الآراء عن طريق مجموعة من النواب والمفكرين والمختصين كي يخرج القانون بصيغة جيدة، وهذا أمر جيد لكن للأسف لم يطبق ما طرحه بعض المختصين على أمر الواقع، أو لم يؤخذ بآرائهم وهذا ما يدعو للاستغراب».

وبين أن «هناك من يرى أنه ليس من الضرورة وجود قانون كامل، لكن الضرورة تكون في مراقبة المواقع الإلكترونية لأنه يمثل حالة من الرعب»، متسائلا: «هل سينضم هذا القانون إلى ترسانة الخلايا النائمة، وهو وصف عن القوانين التي تم تشريعها لكنها لم تفعل، بحيث يفاجأ الشخص بمخالفة القانون دون علمه».

فراغ تشريعي

بدوره، أكد أمين عام التحالف الوطني الديمقراطي بشار الصايغ ان «وزارة الإعلام تسعى للسيطرة على فضاء الإنترنت بالكويت، لكنها غير قادرة»، متسائلا: «هل نحن بحاجة إلى قانون الإعلام الإلكتروني؟ وهل هناك فراغ تشريعي في ما يتعلق بالإعلام الإلكتروني؟»، موضحا ان «قانون الجرائم الإلكترونية سد ذاك الفراغ».

وأضاف الصايغ أن «الحكومة خلال السنوات السابقة كانت تقول إن شبكات التواصل الاجتماعي أصبحت خارج السيطرة، وأن هناك حسابات تسيء الى الحكومة، لكن بعد إقرار قانون الجرائم الإلكترونية، وقبله قانون هيئة الاتصالات، الذي يجرم مثل هذه الأفعال، لم تعد هناك أي اساءات أو تطاول أو تشهير، لأنه أصبح هناك رادع وعقوبة لمن يقوم بذلك، علما أن الحكومة إذا أرادت أن تصل إلى المسيء فبمقدورها ذلك، لكن إن لم ترغب فإنها تخلق أعذارا مختلفة بحجة عدم استطاعتها التوصل إليه».

مفهوم واسع

وقال الصايغ ان «وزير الإعلام الشيخ سلمان الحمود يقول إن من أعد القانون أناس متخصصون، وأنا أكاد أجزم بأن من صاغ القانون هم موظفو وزارة الداخلية وليس الإعلام، فهذا القانون هدفه التقييد والتكميم، لأنه لا يستهدف الحسابات الإخبارية فقط، بل يمس ويقيد الحسابات الشخصية ايضا».

ولفت إلى ان «مفهوم الإنترنت في الإعلام كبير، ويشمل الترويج للخدمات والأعمال الخاصة والأندية الرياضية والاتحادات الطلابية والانتخابات البرلمانية وغيرها، لذا فإن أي شخص يروج لنفسه ينطبق عليه القانون، وبالتالي يجب أخذ موافقة وزارة الإعلام، التي منحت لنفسها أحقية الرفض أو القبول، في حين نجد ان مواقع الجهات الحكومية وجمعيات النفع العام هي المستثناة من قانون الإعلام الإلكتروني».

وتابع الصايغ: «نسأل وزير الإعلام تويتر تحت أي بند يصنف، هو منصة إخبارية عالمية، لكن وفق القانون أم وفق رؤيتكم سيكون ضمن القانون؟»، مبينا ان «التكنولوجيا قطار سريع لا نعرف أين سيصل بنا، وبالتالي فإن الحديث عن ان القانون لا يخضع للحسابات الشخصية غير صحيح».

والمح إلى «وجود بعض الحسابات الشخصية لعدد من الشباب الكويتيين ينشرون الأخبار، فهل سينطبق عليهم القانون؟»، مؤكدا «اننا كشباب تم الاتفاق بيننا على تنظيم العمل، لأنه من الممكن أن يساهم في خلق فرص عمل للشباب الكويتي المتجه بقوة إلى فضاء الإنترنت، لذا لا يمكن وضعنا كجسر لتحقيق مآرب أخرى».

حرية الإنترنت

وأكد الصايغ ان «معارضتنا للقانون ليست مادية، بل لأنه يقيد حرية فضاء الإنترنت، لكن للأسف هدف وزارة الإعلام هو السيطرة على الإعلام الإلكتروني وليس التنظيم، لأنهم يريدون خلق قوانين الخلايا النائمة»، موضحا ان «وضع قانون لتنظيم الصحافة الإلكترونية يتطلب أناسا مارسوا هذه المهنة».

وزاد ان «أحد المستشارين، وهو أكاديمي للأسف، يقول بفخر غريب إننا أول دولة تضع هذا القانون، وهناك دول تنتظرنا لتأخذ طريقنا، ولم يدرك ان في أميركا وأوروبا نقاشا كبيرا لمنح مزيد من الحرية على الإنترنت، وانتصرت هذه الدول لحقوق الفرد، لكن في الكويت ينتصر البعض للتقييد ومصادرة الحريات».

المزين: وصمة عار في تاريخ الحرية والديمقراطية

ذكر رئيس المكتب الإعلامي في المنبر الديمقراطي خليفة المزين أن «السلطة لا تريد أن يكون هناك أشخاص مؤثرون على الرأي العام خارج إرادتها»، مؤكدا أن «الجيل الجديد لا يقبل بقواعد اللعبة السابقة، وهذا الذي يجعل السلطة تهاب ذلك».

واوضح ان «هناك أفرادا مؤثرين أكثر من الصحف المطبوعة، وهذا يؤكد ان السلطة تخاف من هذه الأداة»، مؤكدا ان «القانون يرسخ جهاز أمن دولة جديدا بشكل آخر بعيدا عن وزارة الداخلية».

واردف المزين ان «خلفية وزير الإعلام عسكرية، ويريد تطبيقها علينا، وهذا أمر مرفوض، ومن هو وزير الإعلام حتى يحدد المحتوى الإلكتروني الموجود، خصوصا أن وزارة الإعلام فشلت في كل شيء إعلامي، كالتلفزيون والإذاعة، وتريد فرض سيطرتها على هذا الإبداع».

مواجهة الهاكرز

وتابع المزين ان «وزير الاعلام لا يمتلك القدرة على مواجهة الهاكرز الكويتيين، والوزارة ومواقعها عرضة لهؤلاء»، موضحا أن «الوزير لم يستطع السيطرة على إعلام الدولة فكيف سيسيطر على الاعلام الالكتروني وفضاء الانترنت».

وافاد بأنه «في حال تم تطبيق هذا القانون بصيغته الحالية فسيكون وصمة عار في تاريخ الحرية والديمقراطية، ومن يصوت بالموافقة عليه سيكون مساهما في قتل الحريات بالكويت». وتابع ان «خوفهم نابع من أننا لا نملك مجلس أمة حقيقيا، فأي وزير حالي لا يخشى من الصعود على منصة الاستجواب لكنه يخاف من تغريدة»، مبينا ان «مجلسنا اليوم هو تويتر، ولا نحتاج إلى البرلمان لتوصيل صوتنا، بل عبر تويتر نستطيع قول كل شيء، ومجلس الأمة لم يستطع إزاحة رئيس الوزراء لكن تويتر استطاع»، مضيفا أن «75 في المئة من المجتمع الكويتي يستخدم قنوات التواصل الاجتماعي في حياته اليومية والقانون يريد تقييد هذه الفئة».