أفواه المجلس

نشر في 13-11-2015
آخر تحديث 13-11-2015 | 00:04
 أ. د. فيصل الشريفي إذا كان الدستور قد حصن أقوال النواب تحت قبة عبدالله السالم، فإن هؤلاء النواب بدورهم مطالبون بالتزام أدب الحوار وانتقاء كلماتهم، فالقاموس العربي فيه من السعة الشيء الكثير لإيصال الفكرة، حتى وإن كان الهدف النقد.

قال تعالى "وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (35)" (سورة فُصِّلت).

من الجميل أن يكون عندنا مجلس يشرع ويهتم بهذا الجانب، والأجمل منه أن يكون قادراً على المحاسبة وتوجيه الأداء الحكومي، ولا "تفرق" معي كمواطن إن كانت أداة التقويم استجواباً أو سؤالاً برلمانياً، أو حتى مداخلة في قاعة عبدالله السالم إن كانت تجد لها آذاناً صاغية من الوزير المختص.

ما نشاهده من سجال ونقاش داخل قبة عبدالله السالم لم يعد يحتمل، بعد أن تبدل الحوار من نيابي- حكومي إلى نيابي- نيابي، وكأن القضية دفاع عن الوزراء أو إرضاؤهم، وهو بكل تأكيد لا يخدم سياسة الإصلاح التي تقتضي من الوزير الرد كمختص، بوصفه المعني بشأن وزارته، ناهيك عن تلك الفزعة التي تشم منها رائحة التزلف والرياء، والتي تضر بالوزير أحياناً ولا تنفعه.

صحيح أن ضبط سير الجلسة من اختصاص رئيس مجلس الأمة أو من ينوب عنه في إدارتها، لكن الدور الأكبر يقع على النواب في احترام اللائحة الداخلية لضمان فاعلية وجدوى النقاش، وإلا فكيف نستطيع أن نفسر هذا الكم من الخروج عن نقاط النظام، والذي لا يمكن تبريره بعد أن استغل بتلك الطريقة الفجة.

الحقيقة، شئنا أم أبينا، أننا من يختار النائب، وهو بالأخير يمثل الأمة، ونحن نعرف أننا في نظام انتخابي بعضٌ من مخرجاته مبني على تقسيمات طائفية أو إثنية تتميز بالتعصب، مع أن الدستور يرفض تلك التقسيمات أو إظهارها للعلن لما تحتويه من ضرر على المجتمع، إلا أن ثقافة الاختيار في تراجع مستمر.

لا أعرف لماذا يصر بعض نواب المجلس على استخدام لغة الإقصاء والتخوين، والتي يعاب فيها على المعارضة السابقة، رغم أن الصوت الواحد يفترض أنه جاء ليقضي عليها، وكأن بعض الإخوة النواب لم يجدوا وسيلة أجدى للبقاء على الكرسي غير هذا الأسلوب اللعين.

أداء مجلس الأمة لا يمكن تجزئته بين الرقابة والتشريع، إن لم يصاحبه توجيه لرأي الذوق العام كقدوة في الحفاظ على اللحمة الوطنية، فإن كان الدستور قد حصن أقوال النواب تحت قبة عبدالله السالم، فهم أيضاً مطالبون بالالتزام بأدب الحوار وانتقاء كلماتهم، فالقاموس العربي فيه من السعة الشيء الكثير لإيصال الفكرة، حتى وإن كان الهدف النقد.

ودمتم سالمين

back to top