كان لنجاح فيلم {مليون جنيه} مذاق خاص لدى كل من حسين فوزي ونعيمة عاكف، فهو أول فيلم يجمع بينهما كزوجين، فأصبح حبهما وفنهما ونجاحهما حديث الوسط الفني والصحافي، بل والجمهور أيضاً، ما جعل عدداً كبيراً من المنتجين والمخرجين يطلبون نعيمة للعمل معهم. غير أن حسين فوزي قرر، ولأول مرة، ألا يتدخل في أي قرار تتخذه، وتركها تحدد ما إذا كانت ترغب في العمل معه أو مع غيره، حتى لا يبدو أنه يستغل سلطته كزوج ويؤثر عليها، على عكس علاقتهما سابقاً، والتي كانت تسمح له بأن يحتكر فنها لنفسه، باعتباره أستاذها ومكتشفها، أما وقد تغير الوضع، فلم يرد أن يظهر بمظهر المخرج الذي يحتكر فنانة، لمجرد أنها زوجته. إلا أن نعيمة نفسها، كانت ترفض من تلقاء نفسها كل ما يعرض عليها من أعمال، ليس مجاملة لزوجها، لكن لإيمانها العميق بدوره الكبير معها، وفي الوقت نفسه، لم تجرب العمل مع غيره منذ أن خطت خطواتها الأولى في السينما، ما جعلها تعتاد على وجوده في البلاتوه، حتى لو لم يتكلم، فيكفي مجرد النظر إليه لتفهم ماذا يريد.

Ad

وافق حسين فوزي على رفض نعيمة لكل من عرض عليها العمل، إلا واحد فقط هو من وافق على أن تعمل معه، بل هو من قام بمحاولة إقناعها بالعمل معه:

* أنا كنت فاكره إني بفهمك من مجرد النظر في عينيك وأعرف أنت عايز إيه.. لكن اللي أنت بتقوله ده مخليني كأني بعرفك لأول مرة.

= ليه بس يا نونو؟

* بعد كل المخرجين والمنتجين اللي رفضتهم.. تيجي أنت وتقوللي أشتغل مع أنور وجدي..

= وفيها إيه.. علشان سبق وكان عايز يتقدملك يعني؟

* مش بس كدا.. لكن ولنفرض.. هو ده مش كفاية؟

= ماهو علشان ده تحديداً.. وعلشان نبعد أية شبهة خلاف بينك وبينه.. وأنك بتفرقي بين حياتك الشخصية وعملك.. مافيش عندك ولا عندي أي مانع.. أنك تشتغلي معاه

* أيوا بس دا هو اللي كاتب.. وعايز يخرج وينتج كمان

= وأنا موافق.. ماهو يا ست الكل لازم تعودي نفسك تشتغلي مع غيري.. إنتاج وإخراج.. لازم تشوفي أساليب تانية.. أنت دلوقت نجمة كبيرة ومايتخافش عليكِ.. وبعدين يا ستي اشمعنى أنا بشتغل مع غيرك.

في مطلع العام 1954، كتب أنور وجدي قصة وسيناريو وحوار فيلم «أربع بنات وضابط» لينتجه ويخرج ويؤدي بطولته أمام نعيمة عاكف، غير أنه كان من الذكاء، كعادته، فلم يكتب فيلماً بعيداً عن تلك الأجواء التي عملت فيها نعيمة مع حسين فوزي، فحرص أن يضعها في الأجواء نفسها التي قدمت فيها جل أفلامها السابقة، وإن كان قد حرص على أن يضمن الفيلم واحدة من أهم القضايا التي اهتم بها المجتمع الجديد بعد 23 يوليو، وهي قضية فتيات الشوارع اللاتي يتم إيداعهن «مؤسسة الإصلاحية»، حيث الضابط «وحيد» الذي يتم نقله إلى واحدة من هذه الدور، فيصطدم بمديرة الدار، التي تعامل الفتيات باعتبارهن بنات خطيئة، مثل كلاب الشوارع الضالة، فتلجأ إلى استخدام القسوة في تربيتهن وإصلاحهن، ظناً منها أن هذه هي الطريقة الوحيدة للإصلاح، فترضخ الفتيات، باستثناء أربع فتيات يتمردن على الوضع في الدار، بما في ذلك نوعية الطعام الذي يقدمونه لهن، وهو «العدس» باعتبارهن في سجن، فيرفضنه:

= العدس الليلة الليلة ليلة عيده

يا رب تبارك تبارك وتزيده

يا رب تبارك يا رب

* يندلق العدس وينكب

= يا رب تبارك وتزيده

العدس الليلة الليلة ليلة عيده

يا رب تبارك.. تبارك وتزيده

يا رب تبارك يا رب

* يندلق العدس وينكب

= يا رب تبارك وتزيده

* أصفر ومنيل على عينه

تار بايت بينا وبينه

مش عايز يخلف مواعيده مواعيده

= يا رب تبارك تبارك وتزيده

يا رب تبارك يا رب

* يندلق العدس وينكب

= يا رب تبارك وتزيده

* المعدة حلفت ماتريده

هايكون خرابها على إيده

حتى المدمس بقى سيده بقى سيده

يا رب تبارك تبارك وتزيده

يا رب تبارك يا رب

* يندلق العدس وينكب

= يا رب تبارك وتزيده

* كادنا الله يكيده ويشمت فيه عبيده

ولا حد يمد إيده ويغمس فيه

أنا نفسي في البسلة

وأنا جبنة ومرتديلا

وأنا عايزة كباب حلة.. دا أنا نفسي فيه

يا مديرة أحسن لك لايميها

والعدس حكايته فضيها

لنخلي عاليها واطيها.. واطيها

علشان لا يجيلنا ولا نجيله

= يا رب تبارك يا رب

* يندلق العدس وينكب

= يا رب تبارك وتزيده

في الوقت الذي يحاول فيه الضابط وحيد، معاملة الفتيات معاملة إنسانية، تتهمه مديرة الدار بوجود علاقة بينه وبين «نعيمة» زعيمة المتمردات، وتهدده بإبلاغ إدارة الدار، وفيما يدافع عنهن، تتسبب الفتيات الأربع في إشعال النار في الإصلاحية، وتكون الفرصة مواتية لهن للهرب، فيتم تشكيل مجلس تأديب للضابط لإهماله وعدم قدرته على ضبطهن.

تخرج الفتيات الأربع إلى الشارع يبحثن عن لقمة العيش، فيغنين ويرقصن، حتى يصادفهن رجل مسن، يكتشف أن زعيمتهن «نعيمة» تشبه إلى حد كبير فتاة ثرية من عائلة كبيرة، اختفت منذ سنوات طويلة، فيتفق معها على القيام بعمل إنساني كبير، بأن يقدمها لهذه الأسرة على اعتبار أنها ابنتهم المختفية، فتوافق بدافع الإنسانية، وتعيش الفتيات الأربع في منزل العائلة الثرية، وتقيم الأسرة حفلا كبيرا بمناسبة عودة ابنتها، لكن نعيمة تفاجأ أن من ضمن المدعوين الضابط وحيد، الذي يتضح أنه ابن خالة الفتاة التي تحل نعيمة محلها، فيكشف وحيد أمرها هي وبقية زميلاتها للأسرة، وتهرب نعيمة. لكن الأسرة تبحث عنها وتعيدها بعدما تعلقت بها، ويتم تزويجها للضابط وحيد.

حرص أنور وجدي على أن يحتفظ بصورة نعيمة عاكف التي أحبها الجمهور، من شقاوة وعفرته وكوميديا وغناء ورقص، غير أنه استعان بمجموعة ممثلين بعيدين عن هؤلاء الذين دأب حسين فوزي وضعهم إلى جوار نعيمة، ففضلاً عن مشاركتها البطولة، استعان بثلاث فتيات إلى جانب نعيمة، راقصتين تجيدان فن الأكروبات، هما الشقيقتان رجاء يوسف وعواطف يوسف، ومعهما الطفلة المعجزة لبلبة، ابنة خالة اكتشافه السابق «فيروز»، إضافة إلى فنانة التراجيديا الأولى أمينة رزق في دور والدة الفتاة الغائبة، ومعهم الفنانة نجمة إبراهيم في دور مديرة الدار، ووداد حمدي، في دور زميلة الدار التي تقف ضد نعيمة، وزينات صدقي، في دور مربية الفتاة الغائبة التي تقدم نعيمة لأهلها.

رغبة الاختلاف

رغم تردد نعيمة عاكف في بداية الأمر، في التعامل مع أنور وجدي، ليس كرها فيه، لكن رغبة في عدم الابتعاد عن حسين فوزي، فإنها شعرت بأن ثمة اختلافاً في تقديمها للجمهور، وأن حسين فوزي كان على حق، في ضرورة أن تبحث عن التجديد من آن إلى آخر بعيداً عنه. لكنها سرعان ما عادت إلى مدرستها السابقة، لتقدم مع حسين فوزي فيلمهما الجديد.

كتب حسين فوزي قصة فيلم «نور عيني» وشارك في كتابة السيناريو والحوار مع زهير بكير، والذي لم يبتعد فيه حسين عن توليفته التي اعتاد أن يقدم نعيمة من خلالها، فهناك الحارة الشعبية، البطل الرئيس في التوليفة، إلى جانب العوامل المشهية الأساسية الأخرى، مثل الغناء والرقص والاستعراضات، بحيث يكون الفقر هو العامل المشترك الأكبر في كل التيمات، مع اختلاف تفاصيل القصة، فإما فتاة يتيمة الأبوين تبحث عن العطف والحنان، أو أن الأبوين انفصلا وتحاول الإصلاح بينهما، أو تكون سبباً في إنقاذ أسرتها من الجوع والضياع، أو تسعى كي يعمل والدها وأهل «حارتها»، أو أن والدها يساعدها لإثبات ذاتها وتحقيق مواهبها. وهذه «التيمة» الأخيرة هي ما اختارها حسين فوزي ليقدم نعيمة من خلالها في فيلم «نور عيني»، حيث موسيقي فقير، يعاني البطالة بسبب حظه العاثر، تنجب زوجته طفلة جميلة، يجري الطفل عادل ليخبره بأنه رزق بفتاة، فيقرر أن يطلق عليها اسم «نور العيون» بل يهبها للطفل عادل، ويعده بأن يزوجها له عندما يكبران.

تكبر نور العيون يوما بعد يوم، يعمل والدها على تدريبها منذ الصغر على الموسيقى والغناء والرقص، ثم يبدأ في البحث لها عن عمل:

واحد اتنين تلاتة أربعة

واحد اتنين تلاتة أربعة

سنة وسنتين.. في غمضة عين

كبرت بقيت..

في فني مبدعة

آه يا سيدي

وشمعة مولعة

آه يا عيني

وحلوة مدلعة

آه يا روحي

واحد اتنين تلاتة أربعة

واحد اتنين تلاتة أربعة

الفن له ألوان

الرقص والألحان

وكل لون فتان

وهبة من الرحمن

واحد اتنين تلاتة أربعة

تعمل في مسرح «الكواكب» الذي يتولى إدارته حنفي، الذي يتخذ من المسرح واجهة لعمله الخفي، حيث يعمل في الوقت نفسه رئيسا لعصابة تزييف العملة. لكن ما إن يرى نور العيون حتى يقع في حبها، ويرمي شباكه عليها، ويحاول الإنفاق عليها ببذخ شديد، من أجل قبولها زوجاً لها، لكن نور العيون تحب جارها المطرب الشاب عادل، الذي وعده والدها بأنها ستكون زوجة له منذ طفولتهما. غير أنه لا يعمل، فتدفع به نور إلى الغناء معها في الفرقة، ويوافق حنفي بهدف إرضائها.

يحقق نور وعادل ثنائياً فنياً ناجحاً، يشعر حنفي بالغيرة الشديدة، فيقرر التخلص من عادل من أجل الزواج من نور العيون، فيدبر له خطة، يتهم فيها في جريمة قتل إحدى المطربات، ويتم القبض على عادل، غير أن نور العيون تحاول البحث عن براءته، فتقوم باستدراج حنفي وتتمكن من سحب اعتراف منه بارتكاب الجريمة بعد أن أوهمته أنها تحبه، ليتم القبض عليه، ويخرج عادل من السجن ليتزوج من نور العيون.

اختار حسين فوزي لمشاركة نعيمة عاكف في بطولة الفيلم، محمود المليجي، حسن فايق، زينات صدقي، محمد صبيح، ومحمد شوقي، غير أنه لجأ إلى الاستعانة بمطرب جديد، بعيدا عن الأصوات التي شاركتها البطولة من قبل، فاختار ابن مدينة دمنهور المطرب كارم محمود، صاحب الصوت المميز، الذي بدأ حياته العملية وهو لايزال طفلا، حيث بدأ العمل في محل {رفا} غير أنه ورث حلاوة الصوت عن والده قارئ القرآن الكريم {الشيخ محمود أبو ريا} فاتجه إلى دراسة الموسيقى في معهد الموسيقى العربية، وتدرب على غناء التراث في حضرة معلمه محمد حسن الشجاعي رئيس قسم الموسيقى والغناء بالمعهد، ليجد مكانه بين مطربي جيله محمد قنديل وإبراهيم حمودة ومحمد الكحلاوي وغيرهم، قبل أن يبدأ مشواره السينمائي في العام 1946 عندما اكتشفه المخرج توجو مزراحي، لكن المخرج نيازي مصطفى هو الذي قدمه في فيلم {ملكة الجمال}، لتتوالى أعماله السينمائية، حتى أنه يقدم خلال العام 1954، ثلاثة أفلام {تحيا الرجالة} مع شريفة ماهر، و}حلاق بغداد} مع سلطانة، و}دستة مناديل} مع نجاح سلام، قبل أن يختاره حسين فوزي في فيلمه الرابع خلال هذا العام ليقف أمام نعيمة عاكف.

عرض فيلم {نور عيوني} في التاسع عشر من أبريل عام 1954، وحقق نجاحاً كبيراً رغم عرضه إلى جانب عدد كبير من الأفلام المهمة، لكبار النجوم والنجمات، ما بين رومانسي وتراجيدي وحركة، وإن كانت الغالبية للفيلم الكوميدي والغنائي. غير أن أكثر ما لفت نظر نعيمة، هو نجاح تلك النوعية من الأفلام التي تتضمن {مسحة} تراجيدية، إلى جانب الخط الرومانسي، مثل {ارحم دموعي} بطولة فاتن حمامة ويحيى شاهين، وإخراج هنري بركات، {الحياة الحب} بطولة ليلى مراد ويحيى شاهين أيضا، ومن إخراج  سيف الدين شوكت، و{المال والبنون} بطولة عقيلة راتب ومحسن سرحان، ومن إخراج إبراهيم عمارة، و{حدث ذات ليلة} بطولة هدى سلطان ومحسن سرحان، وكمال الشناوي، ومن إخراج هنري بركات، {الظلم حرام} بطولة شادية وماجدة وعماد حمدي وفريد شوقي، ومن إخراج حسن الصيفي، إضافة إلى فيلم {رقصة الوداع} للراقصة سامية جمال، وعماد حمدي، ومن إخراج عز الدين ذو الفقار، والذي عرض في 26 أبريل، أي في الأسبوع التالي لعرض {نور عيوني}، ولاحظت نعيمة الإقبال الكبير عليه أيضاً.  

تمرد على الكوميديا

لم تكن لدى نعيمة عاكف مشكلة في تلك النوعية التي تقدمها مع زوجها حسين فوزي، غير أن مشكلتها الحقيقية كانت في رغبتها في تقديم نوعية أخرى من الأفلام إلى جانب ما أحبها فيها الجمهور، فهي تواقة إلى تلك البطلة التراجيدية التي تواجه العديد من المصاعب والمشاكل، وتنتصر على الحياة بمساندة بطلها التراجيدي، وهو الأمر الذي فاتحه فيه زوجها المخرج حسين فوزي:

= بقالك ساعة بتلفي وتدوري وعايزة تقولي حاجة تانية خالص غير اللي بنتكلم فيه.. ما تخشي في الموضوع دوغري

* أبدا أنا بس لفت نظري إن الناس بتحب تشوف أفلام الدراما والرومانسية.. زي الأفلام الكوميدي والاستعراضية.. ويمكن أكتر

= شكلك عايزة تجربي الشغل مع عز الدين ذو الفقار

* لا والله مش قصدي

= وليه مش قصدك؟ عز من أهم مخرجين الرومانسية والدراما الموجودين دلوقت.. وشغلك معاه هايكون مكسب كبير لك

* بص يا حسين أنا عمري ما اتكلمت بصيغة شغلي وشغلك.. لأني طول الوقت بعتبر أن شغلي هو شغلك والعكس.. وأنا هو أنت.. حتى من قبل ما نتجوز، ولما بتكلم عن حاجة لفتت نظري أو عجبتني.. ببقى عايزة نعملها سوا

= حبيبتي أنت خدتي الموضوع بحساسية ليه كده؟ أنا بهزر معاكي.. وبعدين حتى بعيد عن الهزار.. أيه المشكلة أنك تشتغلي مع عز الدين ذو الفقار؟

* مافيش مشكلة.. أنا كل الحكاية أن لفت نظري النوع ده من السينما ونفسي أعمله

= على فكرة أنت بتعملي الأصعب.. سهل جدا أن أي ممثل أو ممثلة يبكي الجمهور ويعكنن عليه.. لكن صعب أوي اللي يبسطه ويضحكه ويقدم له برضه فن راقي

* هي مجرد أمنية لإشباع رغبة الممثلة جوايا.. وأنا واثقة أنك ممكن تعمل الرومانسية والدراما ببصمتك أنت.. بتوليفة حسين فوزي.. مش مسألة أحسن وأوحش.

= بس كده.. خلاص نقلبها دراما ورومانسية.. ونشوف

بدأ حسين فوزي كتابة القصة والسيناريو لفيلم جديد، غير أنه على غير العادة تكتم تفاصيله، لدرجة أنه لم يبح بكلمة واحدة عن الفيلم لنعيمة، التي كانت في العادة، تشاركه الرأي، وأحيانا بالمواقف الدرامية خلال كتابته لأغلب الأفلام التي قدماها معا، وأضعف الإيمان كان يأخذ رأيها أولا بأول في ما يكتب. إلا أنها فوجئت به يخفي عنها كل كلمة، بما في ذلك اسم الفيلم، حتى اللقاءات بينه وبين أبو السعود الإبياري، الذي عهد إليه بكتابة الحوار، كانت تتم في بيت أبو السعود، ورغم شغفها بما يكتب، فإنها تعمدت ألا تلح عليه في معرفة تفاصيل ما يكتب، وراحت تنتظر المولود الذي ستسفر عنه هذه اللقاءات السرية مع أبو السعود الإبياري. غير أنها لم تكن تدري أنها كانت على موعد مع مولود آخر، لم تعلم بوجوده في أحشائها، إلا عندما قرر عدم البقاء والنزول مبكراً، عندما فوجئت بحالة من النزف الشديد، دون أن تدري السبب، ليتم نقلها على الفور إلى المستشفى، دون انتظار وصول حسين، الذي لم يعرف كيف ساقته قدماه إلى المستشفى:

= خير يا دكتور.. في إيه مالها نعيمة.. إيه اللي حصل؟

- اهدى يا أستاذ حسين مافيش حاجة.. مدام نعيمة بخير.

= طب أيه اللي حصل.. وهي فين وعاملة إيه؟

- اتفضل يا سيدي.. مدام نعيمة هنا في الأوضة دي.. وكل الحكاية شوية نزيف والحمد لله هي دلوقت أحسن.

= نزيف... من إيه؟

- من الضيف اللي مشرفكم.. لكن يظهر أنه كان مستعجل ع الوصول لدرجة أنه ضحى بنفسه علشان يشوفكم.

= تقصد إن نعيمة كانت...

- أيوا بس للأسف ماحصلش نصيب.. لكن الدنيا لسه قدامكم طويلة.. وتقدروا تعوضوه إن شاء الله.

البقية الحلقة المقبلة