بعد غياب عن السينما التونسية دام سبع سنوات، تعود الممثلة هند صبري إليها بفيلم «زهرة حلب». بدأت تصويره في شوارع تونس، وهو أول إنتاج لشركتها التي أعلنت تأسيسها خلال فعاليات مهرجان «كان» السينمائي هذا العام في محاولة لمساندة صناعة السينما العربية.

Ad

«الجريدة» عاشت أجواء الكواليس في منطقة المرسى، حيث واكبت تصوير مشهد يعرض عناصر من  تنظيم «داعش» الإرهابي يقتحمون أحد محلات الملابس الداخلية النسائية، ويحاولون إغلاقه، وتغطية المانيكان في الواجهة، كذلك يهددون أصحاب المحل بتغطية كل المانيكانات الموجودة لديهم.

كانت مشاركة هند صبري الأخيرة في السينما التونسية  من خلال «عرائس الطين» مع المخرج نوري بوزيد منذ سبع سنوات. والفيلم الجديد {زهرة حلب} هو التعاون الأول بينها وبين المخرج رضا الباهي، ويدخل في منطقة شائكة تؤكد أنه سيثير الجدل بمجرد عرضه، إذ يتعرّض للجماعات الإرهابية المتطرفة، التي أطلقت على نفسها اسم «داعش»، وبدأت  القتل باسم الدين الإسلامي، وترويع ضحاياها من المسلمين.

تجسد هند دور صحافية ترصد انتهاكات إنسانية يتعرّض لها العرب من الجماعات الإرهابية عن طريق تتبع رحلة امرأة تونسية وضعتها الظروف في موقف صعب بعدما ذهب ابنها إلى سورية، حيث بدأ تدريباته للانضمام إلى تنظيم «داعش» الإرهابي.

يوضح الفيلم الآثار الإنسانية للحرب، وكيف تبدلت أحوال الناس، مما يجعل له صبغة إنسانية أكثر من كونه فيلماً سياسياً، ويرسم العمل صورة بالألوان الطبيعية لحالة تونس بعد ثورة 2011، وتداعيات تلك الثورة على المستوى الاجتماعي، وما طرأ على المجتمع من تغييرات. كذلك يتطرّق إلى استغلال البشر تحت شعار الدين، ويعرض مصير الأطفال الذين يأتون نتيجة جهاد النكاح، وصعوبة وضعهم القانوني.

يشارك في البطولة كل من محمد علي بن جمعة، وهشام رستم، وفاطمة ناصر من تونس، وباسم لطفي، ومحمد آل رشي، وجهاد زغبي من سورية، وعدد كبير من الوجوه الجديدة، ومن المقرر متابعة التصوير ما بين لبنان وتونس على مدار سبعة أسابيع.

المخرج رضا الباهي قال

لـ «الجريدة» إن التعبير عن الثورات العربية، أو ما يسمى بالربيع العربي، تحقّق فعلاً في تجارب سينمائية وثائقية عدة، فيما يحتاج الفيلم الروائي الطويل إلى سنوات أكثر لدراسة الوقائع وتناولها.

درس رضا الإخراج في معهد السينما بتونس، وبدأ الكتابة والإخراج والإنتاج السينمائي منذ عام 1960، وأطلق فيلمه الأول «شمس الضباع» عام 1977. كذلك فاز بجائزة فيبرسي الدولية في أيام قرطاج السينمائية عن فيلم «السنونو لا يموت في القدس». ومن أبرز أعماله «الملائكة»، حيث استعان بالفنان المصري الراحل كمال الشناوي، و{شمبانيا مرة» و{صندوق عجب» و{العتبات الممنوعة».

ويتميز رضا الباهي ببصمة سينمائية خاصة تحمل توقيع إبداعه في كل عمل يقدمه، ويخاطب معظم أفلامه العقل. أما آخرها فكان «ديما براندو»، وهو مشروع طارده طويلاً، ونال موافقة النجم العالمي مارلون براندو للمشاركة فيه، إلا أن رحيل الأخير شكَّل صدمة قاسية للمخرج، فغيّر من السيناريو ليمزج فيه بين الروائي والوثائقي، وأسند بطولته إلى أنيس الرعاش، الذي يشبه براندو إلى حد كبير.

واستغرق تصوير الفيلم سبع سنوات كاملة، وعرض في مهرجانات عدة من بينها واجادوجو ودبي، وووهران، حيث فاز بجائزة لجنة التحكيم الخاصة.

وعمّا إذا كانت هند صبري تخشى حساسية الدور، قالت: «على العكس. أنا سعيدة جداً بالفيلم، وأشعر أن مسوؤلية أي فنان الآن أن يتصدى للإرهاب بفنه وموهبته وإصراره على عدم الخضوع لأي ابتزاز، وأحب أن أوضح حقيقة خبر انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي ويقول بتهديدي من بعض الجماعات الإرهابية بالقتل في حال صوّرت الفيلم، وهذا الكلام عار تماماً من الصحة».

وعن سر إنتاجها الفيلم دون غيره، أجابت: «تأتي مشاركتي في الفيلم ضمن مخطط المشاركة في أعمال سينمائية عربية، وانتهيت أخيراً فعلاً من تصوير دوري في الفيلم الأردني - الألماني «الببغاء»، ويحكي عن عائلة مغربية يهودية، تبحث عن مأوى لها في حيفا بفلسطين، وهناك تواجه مشاكل مع الاحتلال الإسرائيلي».

حصلت هند على إجازة لمدة يوم من التصوير لحضور حفلة افتتاح الدورة 26 من أيام قرطاج السينمائية، وزارها في موقع التصوير كل من الفنان فتحي عبد الوهاب، والفنانة كندة علوش المشاركان في قرطاج، وأهدياها باقة ورد، مع التمني لها بالنجاح في تجربتها السينمائية الجديدة المثيرة.