رغم أنني وغيري الكثير ممن دعا إلى مصالحة وطنية وعقد مؤتمر وطني تلتقي فيه جميع التيارات السياسية والناشطون وغيرهم ممن يهتمون بالشأن العام للخروج من حالة العبث السياسي، فإن تلك الدعوات باءت بالفشل رغم توقيتها الصحيح، والمؤسف أن من كان يرفضها في ذلك الوقت بات يطالب بها اليوم بعد خراب مالطة.
ولا يعني أني في هذه المقالة رافض مبدأ المصالحة، بل أعتقد أنها مطلب ضروري للخروج من أزمتنا الحالية، ولكنني أعتقد أن المطالبة بها وفي هذا الوقت ومن طرف خسر معركته مع الطرف الآخر تعني رضوخاً وتنازلاً وقبولاً بشروط الطرف المنتصر، لذلك فإن الدعوة إلى المصالحة هي انتحار سياسي للمعارضة بل نهاية حتمية لها. لذلك عليها ألا تقدم عليها قبل أن تقوم بخطوات عدة من أهمها المصارحة قبل المصالحة، وكشف أسباب الهزيمة والاعتراف بالأخطاء والاعتذار عنها، ثم طرح مشروع سياسي مقبول ومنطقي تتفق معه غالبية التيارات السياسية وتتبناه كمخرج لهذا الصراع العبثي، وبيان أهداف المصالحة وشروطها التي يجب أن يتبناها طرف محايد.ولهذا الصراع ضحايا يجب أن يكونوا من ضمن محاور المصالحة وشروطها، وهناك أساسيات ومبادئ يجب عدم التخلي عنها، كما أن الشعب يبحث عن الحقيقة الغائبة ليعرف أسباب ما وصلنا إليه، ومن تسبب في هذا العبث وساهم في استمراره.يعني بالعربي المشرمح:الدعوات التي يرددها بعض منتسبي المعارضة إلى المصالحة هي مجرد غطاء للمشاركة في الانتخابات المقبلة ومعرفة ردة فعل الشارع عليها، لاسيما أنهم لم يحددوا مع من يتصالحون؟ ولماذا؟ وما الشروط التي سيضعونها للمصالحة؟ فالمنطق يقول إن الطرف الأقوى هو من يفرض شروطه ومطالبه على الطرف الأضعف لا العكس، لذا فأي قبول للمصالحة أو الدعوة إليها من المعارضة قبل المصارحة سيكون خطوة للانتحار السياسي وخطأ كارثياً يضاف إلى أخطائها السابقة.
مقالات
بالعربي المشرمح: لا مصالحة قبل المصارحة!
04-07-2015