في ظل تطرف فكري تعيشه الأمة الإسلامية نجد تطرفا في سوء الأخلاق كذلك، وكأننا لسنا بالأمة الوسط، فتاهت معالمنا ما بين الإرهاب والتطرف، وبين الخلاعة والمجون وتوافه الأمور على شاشات الفضائيات، حيث المليارات تنفق على برامج ومسلسلات رمضانية تافهة في مجملها، لا تعالج قضية ولا تدعو لإصلاح بل تكمل مسيرة الهدم والتشويه.

Ad

 وهنا تذكرت كلمات الدكتور مصطفى محمود حين ذكر أن والدته كانت تقوم بإدارة وجه التلفاز للحائط في شهر رمضان، وكان يعتبر ذلك في نفسه تطرفا من والدته، لأنها تمنع عنه مشاهدة الفوازير والبرامج المسلية، إﻻ أن وجهة نظره تغيرت عندما علم أن بعض دول الغرب كانت تضع قفلا على المكان الخاص بالخمر يوم ميلاد المسيح عليه السلام.

 بلاد الغرب والحرية تحترم يوم ميلاد المسيح وﻻ تقدم فيه خمراً، وليس من التطرف في شيء احترام المناسبات والمقدسات الدينية، ونحن عندنا شهر رمضان في بلاد الإسلام شهر العبادة أصبح شهر الإفساد الأخلاقي والجسدي بالإفراط في المسلسلات الخليعة جسديا وأخلاقيا، وبكلمات أشبه بكلمات بنات الليل وشتائم وبرامج بلا أخلاق؛ لنصبح في قمة الخجل عندما نطالع الشاشة في وجود الأسرة أو الضيوف.

تطرفنا في كل شيء، ولم نترك لأمة الوسط سوى التشدق بكلمات دينية وفتاوى في أمور واضحة، واقعنا أليم ومرير، وجوهرنا في حاجة للعودة إلى الله، ولكن دون التشدق بالكلمات بل باﻻتزان في الأفعال، فلا نريد من يصلح بالأقوال وأفعاله تحزن، ولكن نريد من يصلح وأفعاله تشهد عليه، فكلنا في حاجة لمراجعة النفس، ونعلم أن الأمة الإسلامية هي في حاجة ليؤدي الجميع دوره في الحفاظ على الدين ووسطيته.

على الأسرة والمدرسة والإعلام دور كبير، فإن أدرك كل دوره تحول إلى عامل من عوامل اﻻستثمار في أخلاق المجتمع، وذلك حتى لا يكون سببا في نخر عظام الأمة وعقولها، لتصبح أمة خاوية هشة يسهل سحقها وتدميرها، وهذا ليس من قبيل المصادفه بل هو معد سلفا؛ لتفريغها من جوهر إسلامها لتعيش متطرفة أو متزندقة.

 إن أخطر الهدم ليس هدم الصواريخ والمدافع بل هو الهدم الفكري، ولكن هيهات لهؤﻻء أن ينتصروا، فتعاليم الإسلام انتشرت في الأرض شرقا وغربا وشماﻻ وجنوبا وأصبح ما يقرب من المليار و300 ألف مسلم تحت راية واحدة راية ﻻ إله إﻻ الله.

لقد سقطت الماركسية واختفت الشيوعية وبقي الإسلام، فهو من حمى العرب من قتل أنفسهم بعد أن كانوا قبائل يقتل بعضهم بعضا، والإسلام هو من حافظ على اللغة العربية وجعل لها كيانا بين لغات العالم، والإسلام منهج حياة لا تخلف، وتعايش لا استعلاء وأصولية، وتسامح لا غل وحقد.

 فالكثير يريدون عزل الأمة الإسلامية عن دينها وإخراجها من الساحة وإبطال دورها، والأدوات هذه المرة تكمن في السينما والمسرح والملهى بأدواتهم الهابطة وتجارتهم الرخيصة لا بأدوارهم وفنهم النبيل، فالسينما والمسرح والفن ليست للهدم بل للبناء والأخذ بيد الجميع، وإصلاح ما في المجتمع من عطب ودعوة للحياة لا الفساد، فالإسلام منهاج حياة.