اكتملت الفضيحة الكبرى عندما تقدَّم عبد الستار فتحي، رئيس الرقابة، ببلاغ إلى جهاز أمن الدولة، وطالب بالقبض على مورغان فريمان وفريق عمل فيلم the story of god لتصويرهم في مصر من دون تصريح، موضحاً أنه لم يقرأ السيناريو ليجيز لهم التصوير، في حين أعلنت الهيئة العامة للاستعلامات أن فريق العمل حصل على التصاريح اللازمة للتصوير، وإلا ما كان الأمن سمح له بالدخول إلى مصر ومعه المعدات المطلوبة!
يعيد هذا الأمر فتح ملف معوقات تصوير الأعمال الأجنبية في مصر. أكَّد عبد الستار فتحي، رئيس جهاز الرقابة على المصنفات الفنية، ما قام به فعلاً من مخاطبته جهاز الأمن الوطني بسبب تواجد مورغان فريمان في مصر، وتصويره فيلماً وثائقياً من دون الحصول على تصريح من الرقابة، ذلك بعدما تواصل مع أكبر شركتي خدمات في مصر، لمعرفة ما إذا كان فريق الفيلم الوثائقي حصل على التصاريح اللازمة، وهو ما تبين له أنه لم يحدث، وأوضح فتحي أن تصوير فيلم بلا تصريح اعتداء على سلطة الجهة المختصة بإصدار التصاريح، وهي الرقابة على المصنفات الفنية، وأشار إلى أنه فور إعطاء الرقابة تصريح تصوير لأي فيلم أجنبي يصاحب فريق العمل رقيب يحضر كواليس التصوير، وفي حالة اكتشافه أي تجاوز يبلغ الرقابة لوقف التصوير فوراً.بدوره، أكد السفير صلاح الدين عبدالصادق، رئيس الهيئة العامة للاستعلامات، حصول فريق الفيلم على التصاريح اللازمة كافة للتصوير منذ ما يقرب من أربعة أشهر، وبعد موافقة الجهات السيادية، وأضاف: {نستخرج أكثر من 30 تصريح تصوير في الأسبوع، بعد مراجعة الوثائق الخاصة بالفيلم المطلوب تصويره، والاستعلام عن الشركات المنتجة}. وأضاف: {ناشيونال جيوغرافيك إحدى أكبر شركات الأفلام الوثائقية في العالم، وزيارة فريمان إلى مصر يتم استغلالها لتنشيط السياحة ولكن بصورة غير رسمية، لا سيما أن الممثل يرفض تواجد الصحافة والإعلام في أماكن التصوير، وشدد عبدالصادق أن الهيئة العامة للاستعلامات هي الجهة الوحيدة في مصر المختصة بإصدار تصريح تصوير الأفلام الوثائقية، أما الأفلام الروائية فهي من اختصاص هيئة الرقابة على المصنفات الفنية.من جانبه، يرى المخرج محمد حمدي أن لدينا إجراءات معقدة لمنح تصاريح التصوير للفيلم الأجنبي، مشيراً إلى أن هذه الإجراءات هي الأعقد على مستوى العالم، وهي السبب الرئيس في هروب صانعي الأفلام الأجنبية من التصوير في مصر. مثلاً، من بين المعوقات يشترط وجود خطاب ضمان من أحد البنوك بقيمة معدات التصوير قبل دخولها البلاد، وهو شرط لا يوجد إلا في مصر، ما يدفع عدد كبير من صانعي الأفلام العالمية للجوء إلى بلدان أخرى تذلل لهم تلك المعوقات لعل أبرزها المغرب والتي تتربح كثيراً من جراء ذلك، سواء كدولة أو كعاملين في هذا المجال. حمدي يرى أن ما فعله رئيس الرقابة محاولة لتأمين نفسه، خصوصاً عندما علم باسم الفيلم، وأنه خاص بالأديان، فخشى أن يحتوي على ما قد يُزعج الأزهر وحماة الدين في مصر، وقرر إثبات موقفه وتأمين نفسه ومنصبه بهذا التصريح العجيب وغير المسؤول.في السياق نفسه، يرى المنتج والمؤلف محمد حفظي أن ثمة تخبطاً وعشوائية في أجهزة الدولة، مضيقا أن الرقابة من حقها الاطلاع على السيناريو إن كان روائياً والمعالجة إن كان وثائقياً، ولكن هذا الحق لا يبرر لرئيس الرقابة إصدار مثل هذه التصريحات الكارثية، مؤكداً المعوقات الرهيبة التي تدفع الجميع للهروب من تصوير أفلامهم في مصر.الكلام نفسه أكدته الناقدة ماجدة خير الله، لأن ما فعله رئيس جهاز الرقابة يظهر أن مسؤولي الدولة مغيبون وخارج الزمن، حتى إنه لا يعرف صلاحيات منصبه، فليس من حقه الاطلاع على سيناريو الفيلم سواء كان روائياً أو تسجيلياً، من حقه فقط منع الفيلم من العرض في مصر إذا رأى فيه إهانة للوطن أو للثوابت الدينية والقيمية للمجتمع، أما دون ذلك فليس من حقه، كما أن مسؤولي هيئة الاستعلامات صرحوا بالتصوير بعد الاطلاع على سيناريو العمل، مؤكدة أن مثل هذا التخبط يشكل أحد أكبر الأسباب لعزوف شركات إنتاج عالمية عن تصوير أعمالها في مصر، وبالتالي خسارة الإيجابيات التي تنعكس على الصناعة وعلى أوضاع البلاد الاقتصادية.
توابل - سيما
مورغان فريمان يزور مصر... إعادة فتح ملف تصوير الأفلام الأجنبية
26-10-2015