مع اقتراب بدء دور الانعقاد لأعمال مجلس الأمة وتشكيل اللجان البرلمانية ومنها اللجنة التشريعية، أتمنى أن يحسم مشروع قانون استقلال السلطة القضائية بدعوة كل الأطياف القضائية المعبرة عن الجسد القضائي من مجلس القضاء حتى الفريق القضائي الذي اختاره اجتماع القضاة الذي أعلن رفضه لمشروع وزير العدل وزير الأوقاف والشؤون الاسلامية يعقوب الصانع، الذي رفعته الحكومة إلى مجلس الأمة.

Ad

لا يمكن بأي حال من الأحوال الالتفاف على الملاحظات التي عبر عنها السادة أعضاء المجلس الأعلى للقضاء أو حتى التي تمسك بها السادة القضاة في اجتماعهم الرافض لمشروع قانون الوزير، والذي حضره أكثر من 150 قاضياً ومستشاراً، وذلك لأن المشروع المرفوع إلى مجلس الأمة إذا تم تمريره بصورته الحالية فإنه يعد انتكاسة حقيقية لدور السلطة القضائية والقضاء، ومن هنا يجب تنبيه السادة الأعضاء في مجلس الأمة وعلى رأسهم مرزوق الغانم والإخوة راكان النصف وأحمد القضيبي وفيصل الشايع وأحمد لاري وعدنان عبدالصمد وغيرهم إلى خطورة هذا المشروع، الذي يسمح بسطوة حقيقية للسلطة التنفيذية على السلطة القضائية، وهو أمر نهى عنه الدستور وخبراؤه ونادوا باستقلال القضاء وفق نص المادة 163 منه.

وفي ذلك يقول الخبير الدستوري وأستاذ القانون العام في كلية الحقوق المرحوم د. عثمان عبدالملك الصالح في بحثه "ضمانات حقوق الإنسان في الكويت بين النظرية والتطبيق"، إن الدور الذي يقوم به القاضي في حماية الأفراد وحرياتهم هو دور أساسي لا يمكن إنكاره، ولكي يقوم القاضي بمهمته هذه يجب أن يكفل له الاستقلال في الرأي والحيدة في أحكامه، ولهذا تحرص الدساتير على تأكيد مبدأ استقلال القضاء كأحد المبادئ الاساسية في الدستور، لذلك نجد أن الدستور الكويتي قد نص في مادته 163 على أن "لا سلطان لأي جهة على القاضي في قضائه، ولا يجوز بحال التدخل في سير العدالة، ويكفل القانون استقلال القضاء ويبين ضمانات القضاة والأحكام الخاصة بهم وأحوال عدم قابليتهم للعزل".

ويضيف د. عثمان: "وقد ظهرت الحاجة الملحة إلى ضمانة عدم قابلية عزل القضاة في العهود التي ثقلت فيها يد الحكومات على كل من عبر باستقلال عن رأيه، وأنه بدون هذه الضمانة لايمكن لقاض أن يطبق ما يعتقد أنه القانون ولا يمكن بالتالي لقانون أن يسود".

يجب أخيراً تأكيد أن قدراً كبيراً من المشاكل التي عاشها القضاء منذ نشأته ومازال يعيشها مرتبطة بأمر استقلاله إداريا على نحو يسمح له باتخاذ قراراته دون تدخل أو وصاية، وباستقلاله ماليا بما يسمح له التوسع في دور العدالة وتحقيق أهدافه بما يكفل له التطور اللازم والتقدم الهام، ومن دون تحقيق هذا الاستقلال لا يمكن الحديث عن معالجة القضايا التي تواجه القضاء وتمنع تطوره وتوسعه وتقدمه وتحرره من الروتين والوصاية الإدارية المفروضة عليه بفعل القوانين التي يوسعها مشروع القانون المرفوع إلى مجلس الأمة!