وضعت هيئة أسواق المال في الفترة الماضية الأطر التنظيمية لعملية الاندماج بالتوافق مع ما ورد في قانون الشركات، وبات الطريق مفتوحاً بشكل أكبر أمام الشركات الطامحة إلى تكوين كيانات جديدة عن طريق عملية الاندماج.

Ad

على الرغم من تعرض أغلب الشركات المدرجة في سوق الكويت للأوراق المالية لمشكلات عدة إثر تداعيات الأزمة المالية العالمية التي بدأت أواخر عام 2008، فإن كل هذه الشركات فزعت نحو البحث في كل الخيارات التي يمكن أن تجعلها قادرة على الاستمرار إلا خيار الاندماج، باستثناء حالات محدودة جداً لاتتعدى نصف أصابع اليد الواحدة، ... فما السبب وراء عدم اقتناع هذه الشركات بهذه الفكرة؟ ولماذا جرى شبه تجميد لبعض حالات الاندماج التي أعلن عنها؟

مصادر استثمارية، قالت لـ"الجريدة"، إن الشركات كافة التي واجهت مشاكل في قوامها المالي والإداري مرت بظروف قاسية جداً وذهبت تبحث عن كل الحلول والخيارات المتاحة لها في كل شق، واستعانت بشركات استشارية محلية وأخرى عالمية لتختار لها أفضل الطرق التي يمكن من خلالها تعديل أوضاعها وجعلها أكثر قدرة على الاستمرارية لكن لم تخرج توصية واحدة ترجّح عملية الاندماج، رغم أن القانون أتاح خيار الاندماج حتى إن كانت الشركة في دور التصفية شريطة موافقة الهيئات الرقابية صاحبة قرار التصفية على ذلك.

خيارات متاحة

ووفق المصادر، فإن الشركات التي عانت مشكلات خلال الفترة الماضية والأخرى المتعثرة استطاعت إطفاء الخسائر عن طريق مساعدة مساهميها، إذ تم إطفاء الخسائر عن طريق تخفيض رأس المال والاحتياطيات الموجودة لديها وضخ سيولة جديدة في الشركة عن طريق زيادة رأس المال، إضافة إلى نجاحها في إعادة هيكلة المديونيات الخاصة بها عن طريق تقديم ضمانات جديدة أو عمليات سداد عينية ونقدية للشركات المليئة.

أما بالنسبة للشركات المتعثرة، فقد تلمست من خلال مفاوضاتها الطويلة مع البنوك أن الأخيرة مستعدة لشطب جزء من المديونية، بل والمساهمة أيضاً في تحويل جزء آخر من المديونية إلى مساهمة في رأس المال، لذا باتت لديها قناعة أن هناك نوعاً من المساعدة سيطولها بشكل أو بآخر، وبالتالي فإن أمر التصفية صعب المنال خصوصاً بعدما تم إقرار قانون الاستقرار المالي رغم شروطه الصارمة في اختيار الشركات التي يمكن أن تدخله تحت غطائه، أضف إلى ذلك أن سياسة بنك الكويت المركزي في ضمان الودائع لدى البنوك وإجباره كل البنوك على استقطاع المخصصات والتي وصلت إلى نسبة تعادل 100 في المئة من قيمة الديون المشكوك فيها حمت الجهاز المصرفي.

في المقابل، أيقنت الشركات التي تعاني مشكلات بأنها جزء من النظام المؤسسي، وأنها يمكن لها أن تصل الى اتفاق مع البنوك الدائنة لها لطالما أخذت هذه البنوك الاحتياطيات كافة اللازمة لتأمين نفسها.

معوقات الاندماج

وأضافت المصادر، أن خيار الاندماج في وقت الأزمة قد يثقل كاهل الكيان الجديد بمديونيات والتزامات جديدة ناتجة عن اندماج الشركتين وليس هناك من داع لتحمل المزيد من المديونيات، وذلك طيلة الإجراءات الخاصة بعملية الاندماج حيث عانت شركات أعلنت نيتها إتمام عملية الدمج لكن لديها مشكلات في عملية تقويم الأصول التي تأخذ أكثر من 70 في المئة من وقت الاندماج مع صعوبة انجاز تلك العملية في ظل الظروف الصعبة وتهاوي الأصول، إضافة إلى أن هناك قناعة لدى كبار الملاك بعدم جدوى شركاء جدد يتقاسمون معهم التوزيعات والأرباح حتى لو قابل ذلك نمو في حجم الشركة، كذلك صعوبة إيجاد الشريك الجديد، فضلاً عن أن عملية الاندماج تحتاج إلى مصاريف إضافية لإنجاز عملية تقييم الأصول وكذلك ندرة مكاتب التقييم في السوق المحلي .

حالات ناجحة

وترى المصادر أن نجاح عملية الاندماج يرتبط ارتباطاً كلياً بقاعدة كبار الملاك، ففي حال كانت قاعدة المساهمين واحدة في كلا الشركتين، فإنه يمكن إتمام عملية الاندماج بنجاح، حيث إن الفائدة ستعظم من خلال  زيادة القدرة المالية، والقدرة على المنافسة في الأسواق الداخلية والخارجية، وكذلك تقليل النفقات والمصاريف، إمكانية الحصول على تسهيلات ائتمانية بفضل القوة التي أصبح عليها الكيان الجديد.

خيار صعب

ويقول رئيس مجلس إدارة إحدى الشركات الاستثمارية، إنه بعد نجاح العديد من الشركات في تعويم نفسها من خلال خوضها كل الحلول المتاحة أمامها لتعديل أوضاعها، يفضل القيام بعمليات الاندماج في ظل الظروف الجيدة بدلاً من الانتظار إلى أيام الأزمات، خصوصاً أن اللجوء إلى هذا الخيار في ظل الظروف الصعبة يخلق مشكلات أصعب ويواجه معوقات عدة قي ظل ضبابية أوضاع الشركات وأوضاع السوق عموماً، أما في فترات الرواج يمكن أن تقيم الأمور بشكل أفضل، خصوصاً أن الهدف الرئيسي من عملية الاندماج تكوين كيانات قوية قادرة على المنافسة، بالتالي فإن "الاندماج في اليوم الأبيض ينفع لليوم الأسود".

التحالف أفضل

وأفاد أحد مديري الاستثمار بأن طبيعة مكونات سوق الكويت للأوراق المالية تقوم على أساس المجاميع الاستثمارية، وتوجد قناعة لدى المجموعة الاستثمارية الواحدة بأن التحالفات تعتبر خياراً آخر يسبق   الاندماجات وأفضل منها بدلاً من الخوض في مغامرة جديدة قد تحمل في طياتها العديد من المشكلات في المستقبل، مشيراً إلى أن الاندماج أو التحالف بين الكيانات القوية له مؤشرات نجاح أما الاندماج بين الشركات المتعثرة والأخرى التي تعاني مشكلات قد يزيد من التعثر والمشكلات وبالتالي لاجدوى فيه.

هيئة الأسواق

وأشارت المصادر إلى أن هيئة أسواق المال وضعت خلال الفترة الماضية الأطر التنظيمية لعملية الاندماج بالتوافق مع ماجاء في قانون الشركات، وبات الطريق مفتوحاً بشكل أكبر أمام الشركات الطامحة إلى تكوين كيانات جديدة عن طريق عملية الاندماج.