غياب مهرجان غنائي دولي في مصر... تخاذل الدولة أم أهل الموسيقى؟
رغم وجود أسماء لامعة في مجال الموسيقى والغناء في مصر، تفتقد الساحة مهرجاناً موسيقياً غنائياً يليق بما نملك من مواهب على المستوى نفسه، ما يجعلنا نسأل عن السبب، وهل يرجع إلى تقاعس أهل الموسيقى والغناء أم الجهات المسؤولة عن ذلك؟
يرى محمد حماقي أن الدولة لا تهتم بالفن والموسيقى وتعتبرهما من الأمور الثانوية، هدفهما التسلية، وليسا صناعة قوية تجلب إيرادات ومن أبرز وسائل الترويج للسياحة، وفرصة لنشر الثقافة المصرية والعربية والاحتكاك بالثقافات المختلفة، لذا لن تقوم بأي شيء يخصهما.يضيف: {استفاد المغرب، على سبيل المثال لا الحصر، بشكل كيبر من وجود أكثر من مهرجان فني على أرضه على غرار {مهرجان موازين الذي أخذ الشارة الدولية ويشارك فيه كبار المطربين العالميين، وفي الكويت لا يقل {مهرجان هلا فبراير} عن المستوى نفسه ويشارك فيه كبار نجوم الغناء}.
بدوره، يوضح الملحن حلمي بكر أن {أي مهرجان قوي لن يظهر لدينا، إلا بعد أن تغير الدولة نظرتها إلى الفن والثقافة عموماً وتقتنع بأهميتهما كقوة ناعمة لها تأثير كبير}.يضيف: {في نهاية التسعينيات كنت أميناً عاماً لأحد المهرجانات الغنائية، وكانت تحضره أكبر الفرق الموسيقية الإنكليزية والأميركية، واحتلّ المرتبة الثالثة بين أفضل المهرجانات الغنائية على مستوى العالم، وفي آخر دورة له كانت ضيفة الشرف المطربة الأميركية ويتني هيوستن، ولكن عدم اهتمام الدولة بالموسيقى واستخفافها بها تسببا في توقف المهرجان}.يتابع: تزخر المنطقة العربية بمهرجانات مهمة، جعلت هذه الدول مقصداً للمهتمين بالفن والموسيقى، وروجت لها سياحياً، في ظل غياب تام لنا رغم تاريخنا الكبير ومواهبنا المهمة التي لم نقدرها كما تستحق}.محاربة الإرهابيؤكد الملحن هاني مهنى أن صناعة الفن، عموماً، ليست ضمن اهتمامات الدولة، في حين أن للفن دوراً مهماً في محاربة الإرهاب والفكر المتطرف، فضلا عن دوره في الأزمة الاقتصادية ودعم السياحة... {كل هذه الأمور لا تدركها الدولة وتتعامل مع الفن بشيء من الاستخفاف}. يضيف: {مسؤولية المهرجان تقع على عاتق وزارة الثقافة التي تدعم مهرجانات السينما والمسرح، كذلك لاتحاد الإذاعة والتلفزيون دور مهم في تنظيم مثل هذه المهرجانات}، مشيراً إلى أن {الإذاعة المصرية كانت تتولى إنتاج قصائد وأغانٍ يبتعد عنها المنتج الخاص لأنها لا تحقق ربحاً، وتبنت مواهب شابة، قديماً كان هذا دور الدولة ممثلة في الإذاعة والتلفزيون، وهو الجانب الثقافي والتنويري للفن الذي لا يستطيع المنتج الخاص القيام به}. كان الناقد طارق الشناوي عضواً في لجان تحكيم أحد المهرجانات الغنائية في نهاية التسعينيات، ثم توقف المهرجان بعدما تراجعت الدولة على المستويات كافة، وبالطبع تراجعت عن دعم الفن.يضيف أن مثل هذه المهرجانات لن تُقدم إلا من خلال الدولة، لكن الأخيرة لا تضع الفن في اهتماماتها، رغم تصريحات المسؤولين حول أهميته ودوره التنويري.عجز وعشوائيةفي المقابل تتساءل أنوشكا: {إذا كنا فشلنا في تنظيم ليالي التلفزيون وأضواء المدينة ولم تستمرّ، فكيف لنا أن نُقيم مهرجاناً دولياً على مستوى عال؟ غياب المهنية والتخصص وتحكم العشوائية في كل شيء... كلها أمور لا تجعلنا مؤهلين لمثل هذا الحدث، حتى مهرجانات السينما لديها مشاكل في التنظيم والشكل}.تضيف: {مهرجانات كثيرة ظهرت في المنطقة حديثاً وأصبحت أكثر أهمية ومقصد كبار النجوم العالميين}، لافتة إلى أن منظمي حفلة افتتاح قناة السويس استعانوا بشركة فرنسية لإخراج الحفلة كي تظهر بشكل لائق.تتابع: {حتى الحفلات الغنائية يتم التعامل معها بعشوائية، فالهندسة الصوتية علم وتختلف بين حفلة في مكان مفتوح واخرى في مكان مغلق، بين حفلة أوركسترا وحفلة آلات شرقية... للأسف الحفلة عندنا عبارة عن ميكروفون وسماعة وجمهور فقط، بعد كل ذلك، هل لدينا قدرة على تنظيم مهرجان عالمي حتى لو توافر لنا تمويل؟}بدورها تعزو الناقدة علا الشافعي غياب مهرجان غنائي قوي إلى أن الدولة لا تهتم بالفن، ولكن صُناع الأغنية يتحملون جزءاً من المسؤولية، إذ لم يُقدموا أي منتج، {مثلا محسن جابر، رغم تاريخه الطويل وخبرته في صناعة الأغنية، أو أي مُهتم بالموسيقى، لم يبادر إلى اقتراح أو تنظيم مهرجان دولي، ثم بعد ذلك يطلب دعماً أو مساعدة الدولة}. تضيف: {لا نملك قدرة على تنظيم مهرجان كبير، بدليل أن مهرجانات السينما والمسرح، رغم استمرارها، لكنها ليست على المستوى المطلوب وفيها مشاكل}.تتابع: {كان لدينا مهرجان الإسكندرية للأغنية، بدأ قويا ثم ضعف حتى اختفى، وأيضا كان لدينا مهرجان الإسماعيلية للفنون الشعبية، كان قوياً ومُنظماً وتحرص على حضوره أكبر الفرق الإفريقية والأجنبية، لكنه أصبح ضعيفاً وعشوائياً ثم اختفى، في حين أن {مهرجان موازين} يُنظم تحت رعاية ملك المغرب مباشرة، وهذا الفرق في الاهتمام بالفن بيننا وبين دول أخرى}.