تساءل تقرير نشره موقع مجلة "الإيكونوميست" عن الطريقة التي ستتصرف بها الرئيسة البرازيلية حيال الأزمة الاقتصادية، مع دعوات الإقالة التي تواجهها، وفقدها السيطرة على القاعدة السياسية.

Ad

أزمة الموازنة تتصاعد

وكانت الرئيسة البرازيلية، ديلما روسيف، أرسلت إلى البرلمان في 31 أغسطس الماضي الموازنة الخاصة بالعام المقبل، والتي تتضمن عجزا أوليا (قبل دفعات الفائدة) بقيمة 30.5 مليار ريال (8 مليارات دولار) تمثل 0.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، في تحد للبرلمان الذي طالب بسد العجز.

وكانت هذه الخطوة من قبل الرئيسة البرازيلية تمثل كسرا للممارسات المالية السليمة التي عززت الاقتصاد في البلاد، في حين ذكر بعض المعارضين أن هذا يمثل تصرفا غير قانوني.

ومن وجهة نظر أخرى، فإن روسيف صدمت المشرعين في البلاد، باتخاذ قرارات مالية صعبة، بدلًا من مجرد حجب المقترحات المالية الخاصة بها، بينما ترى الأسواق أن رئيسة البلاد لا تعرف كيفية إخراج البرازيل من الركود الاقتصادي الحالي.

وفي اليوم التالي لإرسال الموازنة إلى البرلمان، انخفض مؤشر البورصة الرئيسي بنسبة 2 في المئة، كما أنهت العملة تداولاتها متراجعة بنحو 3.7 في المئة مقابل الدولار، مسجلة أدنى مستوياتها منذ ديسمبر 2002، في حين قام البنك المركزي في الثاني من سبتمبر الجاري بتثبيت معدل الفائدة الذي قام برفعه بشكل متواصل منذ بداية العام الحالي.

صعوبات اقتصادية ومعارضة سياسية

وذكر التقرير أن المالية العامة في البرازيل شهدت تراجعا ملحوظا خلال العام الحالي، حيث خفضت الحكومة توقعاتها للفائض المخطط له من 1.1 في المئة إلى 0.15 في المئة فحسب في يوليو الماضي، مع ارتفاع معدلات الفائدة، وتراجع الضرائب المحصلة.

وتشير البيانات إلى أن إجمالي العجز في الموازنة العامة للبرازيل خلال العام الحالي سيتراوح بين 8 و9 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.

وخفضت وكالة "موديز" التصنيف الائتماني للبرازيل في أغسطس الماضي إلى مستوى أعلى قليلا من "الخردة"، مشيرة إلى أن الأسوأ قادم بفعل التحديات المالية التي لا تزال تواجه البلاد.

وأشار بعض المعارضين إلى أن خطر خفض التصنيف الائتماني وراء التشاؤم الذي يسيطر على الحالة في أروقة السلطة بالبرازيل، في حين يقول ألبرتو راموس الخبير الاقتصادي لدى "جولدمان ساكس" إن "الحكومة قامت بالفعل بالاستسلام للوضع الحالي".

ويوضح التقرير أن الرئيسة روسيف تبدو في وضع صعب، حيث أصدرت الموازنة الخاصة بها بعد إلغاء خطة لإعادة فرض ضريبة على المعاملات المالية، والتي كان من المفترض أن تجلب إيرادات بقيمة 80 مليار ريال في عام 2016، وذلك بعد اعتراض نائب الرئيس على الفكرة.

ويرى معارضون أن روسيف قامت بمخالفة قانون مالي تم وضعه منذ عام 2000، كجزء من الجهود التي بذلت آنذاك لرأب الصدع في المالية العامة للبلاد، بعد عقود من الفوضى، مهددين بمقاضاة ديلما بسبب الموازنة.

ويقول الخبير الاقتصادي، مانسيوتو ألميدا، الذي عادة ما ينتقد روسيف، إنه بالرغم من أن القانون يتطلب إجراءات تنفيذية لإظهار كيفية تمويل هذا الإنفاق المرتفع، فإنه يسمح بارتفاع الديون.

في حين يرى مارسيلو أوليفيرا، المدعي العام في المحكمة الاتحادية للحسابات، أن روسيف تصرفت بشكل قانوني هذه المرة.

وأشار التقرير إلى أنه بصرف النظر عن مدى قانونية تصرف الرئيسة البرازيلة من عدمه، فإن هذه الخطوة أضعفت وزير ماليتها جواكين ليفي، الذي تلفت تقارير إلى أنه ضغط من أجل خفض الإنفاق، وهو الأمر الذي مثل طمأنة للأسواق المالية.

وترى "الإيكونوميست" أن الرئيسة البرازيلة فشلت باستمرار في تحقيق أهدافها الاقتصادية منذ انتخابها في عام 2010، وهو ما دفع العديد من الأشخاص إلى إلقاء اللوم على وزير ماليتها السابق "غيدو مانتغيا" الذي كان معروفا بإلقاء وعود واعدة أكثر من الحقيقة، ليتم استبداله بليفي الذي كان من المفترض أن يعمل على إصلاح هذه المشكلة، إلا أن القرارات الأخيرة تهدد بفقدانه المصداقية.

ويعتقد راموس أنه من أجل استعادة المصداقية، فإن الحكومة بحاجة لإنهاء الموازنة بفائض يتراوح بين 3 و3.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، مشيرا إلى أن استقرار معدل الدين إلى الناتج المحلي لا يعتبر أمرا جيدا بشكل كاف، مع حقيقة أنه مرتفع للغاية بالفعل، ما يشير إلى صعوبات تلوح في الأفق بالمفاوضات بين الحكومة والبرلمان.

وكان رئيس مجلس الشيوخ البرازيلي، رينان كالهيروس، أعلن في الأول من الجاري أنه لن يعيد إرسال الموازنة إلى روسيف مجددا كما يريد بعض المعارضين، مشيرا إلى أن الأمر متروك للبرلمان لتحسين هذه الموازنة.

ويشير التقرير إلى أن البرلمان أيضا يقع عليه بعض اللوم بسبب المشاكل الاقتصادية في البرازيل، حيث إنه رفض بعض الأفكار الجيدة لوزير المالية ليفي.

الخروج من الأزمة؟

وتساءل التقرير عن وجود أي طريق للخروج من الأزمة، مشيرا إلى أن الوضع الحالي يرجح صعوبة تجنب زيادة الضرائب، حيث إن الموازنة لا تترك مساحة كبيرة لخفض الإنفاق.

ويعتقد التقرير أنه إذا كانت الحكومة البرازيلية قوية وتتمتع بالثقة، فإنها قد تعترف بالحاجة إلى زيادة قصيرة الأجل للديون، في الوقت الذي تسعى فيه لإيجاد طريقة للحد من الإنفاق على المعاشات، والصحة، والتعليم، ووضع خطة طويلة المدى لاستعادة السلامة المالية.

إلا أن تمرير هذه الإصلاحات عبر البرلمان سيكون بحاجة إلى إرادة سياسة، مع الاعتراف بعدم تنفيذ هذه الخيارات في سنوات الازدهار الاقتصادي في البلاد، وهو ما كان سيعتبر أمرا أكثر سهولة آنذاك.

ويقول ألميدا إن البرازيل تدفع ثمن الأخطاء التي ارتكبتها في السنوات الخمس الماضية، لافتا إلى أن الأمر المحير هو كيف لم تخسر البلاد درجاتها الاستثمارية بالفعل طوال هذه الفترة.

(أرقام)

«ستاندرد آند بورز» تجرد البرازيل من درجة الاستثمار

جردت مؤسسة ستاندرد آند بورز البرازيل أمس الأول من تصنيفها الائتماني عند درجة الاستثمار، في خطوة تلقي بالشكوك على جهود الرئيسة ديلما روسيف الرامية إلى استعادة ثقة الأسواق وانتشال اقتصاد البلاد من الركود.

ومن المرجح أن يهزّ خفض التصنيف - الذي جاء أسرع من المتوقع - أسواق المال البرازيلية، في حين يشكل خفض التصنيف انتكاسة كبيرة لإجراءات وزير المالية جواكيم ليفي من أجل تعزيز الماليات العامة للدولة.

وخفضت ستاندرد آند بورز تصنيفها للبرازيل إلى‭‭‭ BB+ ‬‬‬(الذي يشير إلى مخاطر ائتمانية كبيرة) من ‭‭‭BBB-‬‬‬ .

وأبقت المؤسسة توقعاتها للتصنيف الجديد سلبية، مما يعني احتمال قيامها بمزيد من التخفيضات للتصنيف في الأجل القريب.

(رويترز)

... وباربوسا: سنستردها عندما ينمو الاقتصاد

قال وزير التخطيط البرازيلي نيلسون باربوسا إن بلاده ستسترد تصنيفها الائتماني عند درجة الاستثمار ما إن يعود الاقتصاد للنمو.

وجردت مؤسسة ستاندرد آند بورز البرازيل أمس الأول من تصنيفها الائتماني عند درجة الاستثمار في خطوة تلقي بالشكوك على جهود الرئيسة ديلما روسيف الرامية لاستعادة ثقة الأسواق وانتشال اقتصاد البلاد من الركود.

ويشكل خفض التصنيف انتكاسة كبيرة لإجراءات وزير المالية جواكيم ليفي من أجل تعزيز الماليات العامة للدولة.

وقال باربوسا إن الحكومة تدرس مقترحات جديدة من أجل تحقيق التوازن بحساباتها المالية وإنها تراجع الأهداف والنطاقات الزمنية لعدة برامج من أجل التصدي للعجز.

وأضاف: "ستواصل البرازيل الوفاء بكل التزاماتها."

(رويترز)