يقول تقرير جديد إن فشل وكالات الائتمان في وضع أخطار المناخ بصورة ملائمة في الحسبان قد يفضي الى الأزمة المالية العالمية التالية، وبحسب التقرير فإن وكالات التصنيف الائتماني مثل موديز وستاندرد أند بورز تخطئ في حساب وتقدير أخطار تغير المناخ التي قد تؤدي الى حدوث الأزمة المالية الكبيرة التالية.

Ad

وهذا التقرير الذي صدر في الأسبوع الماضي عن مركز القانون البيئي الدولي (سيل) في العاصمة الأميركية واشنطن يقول إن وكالات التصنيف الائتماني– وكما فعلت الى حد كبير خلال أزمة المنازل في عام 2008 عندما بالغت البنوك في تقييم ما يدعى «الرهونات العقارية العالية المخاطر»– تفعل الشيء ذاته في ما يتعلق بالوقود الأحفوري مثل الفحم والنفط.

ويقول ميوريل مودي كورول وهو محام رفيع في (سيل) وواضع التقرير المشار اليه «إن قيمة استثمارات الوقود الأحفوري في مسار تغير المناخ الراهن قد تتراجع بشكل دراماتيكي تماما كما كانت الحال عندما أصبحت الأصول العالية المخاطر عديمة القيمة خلال الأزمة المالية، وكما أن وكالات التصنيف صنفت الأصول بصورة غير كافية في ذلك الوقت فإن من المحتمل أن تبالغ في تقدير قيمة أصول الوقود الأحفوري الآن».

ومن أجل تفادي حدوث كوارث بيئية مثل ارتفاع مستوى مياه البحر اتفق العلماء على أن درجة حرارة الأرض لا يمكن أن تتجاوز 2 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية، وبغية تحقيق هذا الهدف تشير التقديرات الى وجوب بقاء نحو 80 في المئة من احتياطيات الفحم ونصف كمية الغاز وثلث النفط في باطن الأرض.

وويؤكد التقرير أن على الرغم من ذلك فإن وكالات التصنيف الائتماني تتبع أسلوب «العمل كما المعتاد» إزاء استثمارات الوقود الأحفوري، ومن خلال عدم تضمين عوامل أخطار تغير المناخ بالنسبة الى  تلك الاستثمارات قد تكون عملت على تضخيم التصنيف الائتماني وقيمة الشركات التي تسهم في الاحتباس الحراري؛ مما يفضي الى تعريض المستثمرين الى الخطير والى احتمال مواجهة مسؤوليات قانونية.

وقد أقر بعض وكالات التصنيف الائتماني بوجود إمكانية حدوث تأثيرات مدمرة تنجم عن الاحتباس الحراري، وصدر عن «إس and بي» على سبيل المثال تقرير خاص حول تغير المناخ في وقت سابق من هذه السنة تضمن مقالة تتحدث عن كيفية تأثير الكوارث الطبيعية المتزايدة على القيمة الائتمانية للشركات.

وقال المتحدث باسم «إس and بي» جون بيوكش «نحن نشرنا ونستمر في نشر بحوث موسعة حول مضاعفات أخطار البيئة، وتلك ذات الصلة بالمناخ بالنسبة الى الشركات التي نقوم بتصنيفها، ونحن نضمن الأخطار البيئية والاجتماعية في تصنيفنا للشركات حول العالم».

وفي غضون ذلك تقول وكالة موديز إنها تضمن أخطار تغير المناخ في تصنيفها الائتماني، وقال متحدث باسمها إن الوكالة «علقت بصورة مكثفة على تأثير الائتمان على الأخطار البيئية بالنسبة الى طائفة من الصناعات حول العالم، كما حرصت على تضمين تحليلات لهذه الأخطار على شكل جزء من تقييمها الائتماني، حيث يؤثر في التخلف عن السداد وفقدان التزامات الديون».

كما أكدت نيرانجالي أميراسنغ وهي مديرة برنامج المناخ والطاقة لدى (سيل) أنه على الرغم من أن وكالات مثل «إس and بي» و»موديز» بدأت باستكشاف ما يمثله تغير المناخ بالنسبة الى الأوساط المالية فإن هذا الفهم لم يشق طريقه الى عملية التصنيف التي تقوم بها تلك الوكالات، مضيفة: «تميل الوكالات الى النظر الى إطار زمني أقصر– خمس سنوات مثلاً- فيما تميل الأخطار المرتبطة بتغير المناخ لأن تمتد لفترة أطول نحو عشر سنوات أو أكثر من ذلك».

وفي نظرتها الى المستقبل تقول أميراسنغ إن على وكالات التصنيف تضمين نوعين من الأخطار في طرق عملها «خطر الحدث» وهو الضرر الذي يمكن أن يسببه تغير المناخ والخطير المتعلق بالأصول الذي يشير الى إمكانية بقاء الوقود الأحفوري في باطن الأرض.

وتضيف «إذا افترضنا أن أسعار الوقود الأحفوري سترتفع فسنصل الى نقطة- عندما تتراجع الصناعة– نضطر فيها الى إعادة تقييم تلك الأصول، وقد يؤدي ذلك الى انهيار محتمل».

لا تزال الطريق طويلة أمام وكالات التصنيف الائتماني من أجل تضمين أخطار تغير المناخ في تحليلاتها، وتقول في هذا الصدد لينورا سوكي وهي رئيسة قسم استراتيجية تمويل المنتجات لدى بلومبرغ «بشكل عام يتعين على تلك الوكالات القيام بعملية دمج شاملة وشفافة لتلك القضايا في نماذج ائتمان تقليدية».

والقضايا المتعلقة بتغير المناخ مثل التحول عن استخدام الفحم الآن في الولايات المتحدة بدأت تؤثر على مقدمي القروض وسوف تستمر على هذا النحو لسنوات عديدة مقبلة.

وخلصت سوكي الى القول «تواجه وكالات الائتمان ضغوطاً ويتعين عليها تحسين عملها بسرعة من حيث الشمولية والشفافية ليس في ما يتعلق بتغير المناخ وغير ذلك من القضايا البيئية فقط، بل في توضيح دور تلك العوامل في قراراتها المتعلقة بالتصنيف الائتماني.