يرى المنتج محمد العدل أن رفع أصحاب دور العرض {قدرات غير عادية} أمر طبيعي، لأن الفيلم لم يحقق الحد الأدنى لبقائه، وليس منطقياً أن يبقى دون إيرادات ويتكبد أصحاب الصالات الخسائر. وأضاف العدل أن ما حدث مبرره أولاً طبيعة الفيلم التي لا تناسب الجمهور كله، لأن لأفلام داود جمهور خاص وهو ليس بالواسع، وثقافة الجمهور المصري تحتاج إلى تغيير كبير لتستوعب أفلام داود وخان ويسري ومن قبلهم يوسف شاهين، وذلك يعوزه الوقت الطويل والتعاون بين المنتج الخاص والدولة الغائبة عن الصناعة تماماً. ثانياً، لم يكن مناسباً توزيع الفيلم في دور عرض كثيرة وطباعة عدد كبير من النسخ، بل كان يجب أن تكون النسخ أقل وتوزَّع في صالات متنوعة وبعيدة نوعاً ما عن بعضها البعض.

Ad

يرى المستشار الإعلامي للشركة {العربية} عبد الجليل حسن أن أزمة فيلم {قدرات غير عادية} تخصّ الجمهور بالدرجة الأولى، الذي أصبح يبحث عن أفلام ذات مستوى مُحدد ويرفض غيرها، ورغم تاريخ داود الكبير والمهم، فإن معظم أفلامه لا يحقق إيرادات عالية على عكس الأفلام الشعبية التي يُقبل عليها الجمهور. ويضيف أن الحد الأدنى للإيرادات يتم تطبيقه وفقاً للموسم السينمائي، إن كانت ثمة أفلام جيدة يُرفع الفيلم قليل الإيرادات ليسمح بعرض عمل آخر يحقق إيرادات. أما خارج المواسم، فيبقى الفيلم حتى وإن لم يحقق إيرادات، وفعلاً ما زال الفيلم يُعرض في معظم سينمات الشركة.

بدوره، يرى المنتج هاني جرجس فوزي أن ما حدث مع فيلم {قدرات غير عادية} مرّت به أفلام كثيرة لخان وداود ويسري، وقد تعرض فيلمه {ظاظا} لهاني رمزي إلى الأمر نفسه حينما رُفع من دور العرض بعد أيام من دون الانتظار لتحقيق الحد الأدنى للإيرادات. ويضيف جرجس أن السبب خصخصة السينما والصالات وتراجع دور الدولة في حماية الفيلم، الذي أصبح فريسة في يد الموزع ويتصرف فيه صاحب الدار كيفما شاء. ويتابع: {يجب تطبيق القانون بحزم على الموزع في الـ hold over، ولا بد من تغييرات في غرفة صناعة السينما التي يُسيطر عليها الموزعون حيث تُدار الأمور لصالحهم وضد صناعة السينما}.

في السياق نفسه، يؤكد المخرج محمد حمدي أنه عندما توجه إلى إحدى السينمات حيث فيلم داود فوجئ بأنه لا يُعرض، رغم وجود الملصق على صالة العرض. ويضيف حمدي أن سيطرة الموزعين على صناعة السينما أدت إلى ما نحن فيه الآن وما حدث مع داوود سوف يحدث مع أي فيلم لا يحقق  مكاسب، وطالب حمدي بضرورة تعديل قانون الحد الأدنى للإيرادات وزيادته وأن يتحمل الموزع جزءا من الخسارة مع المنتج، كما يشاركه في الربح، أيضا منع الاحتكار وسيطرة بعض الموزعين على الغرفة التي كان من المفترض أن تنظم وتحمي الصناعة.

الناقدة ماجدة خير الله ترى أن ما حدث مع فيلم {قدرات غير عادية} حدث سابقا مع {فتاة المصنع} لمحمد خان و{بتوقيت القاهرة} لنور الشريف، و{ديكور} و{أبيض وأسود} لخالد أبو النجا، والسبب سيطرة الموزعين وأصحاب دور العرض على كل شيء، في ظل إدارة غرفة صناعة السينما لصالح الموزعين وأصحاب دور العرض، كذلك غياب الدولة وعدم رقابتها على صناعة السينما سمح بالتلاعب ورفع أفلام بعد حفلة واحدة لصالح أفلام أخرى. وتضيف خير الله أن الدولة تملك دور عرض كثيرة منحت حق إدارتها للقطاع الخاص، ما زاد الأمر سوءاً، والغريب أن التعاقد بين الدولة والقطاع الخاص لإدارة هذه الدور انتهى من أشهر ولم تهتم الدولة باستلامها حتى الآن. كذلك لم تقف الدولة موقف المتفرج فحسب، بل شاركت في الإضرار بالصناعة عندما قررت زيادة الضرائب والرسوم على تذكرة السينما، وكان هذا كل ما يهمها، وبالتالي تعامل أصحاب دور العرض حسب مصالحهم من دون اهتمام بتدمير صناعة أو أي شيء.

في السياق نفسه، ترى الناقدة علا الشافعي أن العشوائية والفوضى تُسيطران على صناعة السينما، وغرفة صناعة السينما لا تقوم بدورها كما يجب، والقانون الذي يُجبر صاحب دور العرض على بقاء فيلم ما دام يحقق الحد الأدنى من الإيرادات (hold over) لا يُطبق، وكل موزع أو صاحب دار عرض يبحث عن مكاسبه الشخصية من دون أي اعتبار أو اهتمام لحماية الصناعة في مصر، ذلك كله في ظل غياب تام للدولة التي تفتقد الرؤية والاستراتيجية في كل شيء، خصوصاً الفن. وتنفي علا أن يكون اسم خالد أبو النجا مبرراً لما حدث، فقد تعرض فيلم {فتاة المصنع} للأمر نفسه، وربما يتعرض فيلم خان المقبل ويسري نصر الله وهالة خليل للمصير ذاته، إذا كانوا بعيدين عن الجمهور فنياً.