حذر رئيس القطاع الديني في وزارة الأوقاف المصرية، الشيخ محمد عبدالرازق، من خطورة توظيف الدين لأغراض سياسية، مؤكداً في حواره مع "الجريدة" أن  التيارات الدينية ارتدت عباءة الدين لتحقيق أغراض سياسية، محذراً من استغلال المساجد في الدعاية الانتخابية لأي حزب أو فصيل، مما ينال من قدسيتها ورسالتها الدعوية، فالمساجد لله وليست للسياسة الحزبية... وفيما يلي نص الحوار.

Ad

• ما رأيك في دعوات فصل الدين عن السياسة؟

- السياسة لها رجالها، والدين له علماؤه، ونحن ليس لنا علاقة بالسياسة الحزبية، أما السياسة الشرعية والعامة فالدين منهج حياة، والدين من الله عز وجل والسياسة هي تسييس الخلق لشؤون الدولة، ومقاصد الشريعة جاءت لحفظ الدين والنفس والعقل والنسل والمال.

• إذاً ما مخاطر ربط الدين بالسياسة؟

- خطر ربط الدين بالسياسة مرده ليس لأن الإسلام لا توجد به تشريعات سياسية، بل لأن السياسة متغيرة وتتغلب فيها المصالح، وقد تخدم فئة معينة أو حزبا محددا، عند ذلك يكون إبعاد الدين عن التوظيف لمآرب سياسية من الواجبات لا من الرخص أو المندوبات.

• ماذا عن استغلال بعض التيارات المساجد للدعاية الانتخابية؟

- هذا حرام شرعا، ولا يصح بأي حال من الأحوال استخدام بيوت الله لأغراض دنيوية وحزبية، فالمساجد للعبادات وإقامة الشعائر ولابد من الحفاظ على قدسيتها، أما استغلالها لتحقيق بعض الأغراض الحزبية فهذا مرفوض، منعا لحدوث انتهاكات وتجاوزات لحرمة المساجد، فبيوت الله تجمع ولا تفرق وليست مكانا لبث الفرقة والنزاع بين صفوف المواطنين.

• البعض يستغل حاجات الناس المادية لتحقيق أغراض سياسية، فما رأيكم؟

- استغلال البعض لحاجات الناس المادية والاجتماعية في الأحياء والقرى والعشوائيات لتحقيق أغراض سياسية والحصول على أصوات انتخابية يخالف مقاصد الشريعة، حيث يقول الله عزوجل: "وَمَا آتَيْتُم مِّن رِّبًا لِّيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُو عِندَ اللَّهِ وَمَا آتَيْتُم مِّن زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ" (الروم: 39).

• هل التصويت في الانتخابات يكون لأهل الثقة أم للكفاءات؟

- الأمانة جزء من الدين والتصويت جزء من السياسة، فإذا أعطيت صوتك لمن لا يستحق فقد مارست حقك الانتخابي ولن يحاسبك أحد عليه في الدنيا، لكنك أمام الله لم تؤد الأمانة التي هي واجب ديني عليك، وبالتالي التصويت يكون للكفاءة حتى يقوم بدوره خير قيام في تمثيل من ينوب عنهم.

• توجد دعوات بإعلان دولة الخلافة، فما رأيك؟

- هذا كلام غير دقيق، فالإسلام لم يضع الخلافة كنظام للحكم رغم أن القرآن لم يتحدث في السياسة إلا في القيم العليا، فقال: "وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ" (الشورى: 38)، وترك لهم اختيار الشكل الذي يرونه مناسبًا لشؤون حياتهم.

• ماذا عن الخطوات التي اتخذتها الأوقاف المصرية مؤخرا بشأن الدعوة؟

- القطاع الديني يعكف على إعداد خطة دعوية عاجلة للنهوض بالدعوة وتجديد الخطاب الديني وتصحيح المفاهيم المغلوطة عن الإسلام، والرد على الفكر التكفيري والتيارات الإرهابية التي تستخدم الدين غطاء لتنفيذ مخططاتها، وتلعب على وتر البسطاء ومحدودي الثقافة والشباب.

• هل يوجد تنسيق بين وزراء الأوقاف في العالم العربي؟

- نعم، وهناك تشاور بين وزير الأوقاف المصري الدكتور محمد مختار جمعة ونظيره الكويتي من أجل وضع خطبة جمعة موحدة كل شهر على مستوى منطقتنا العربية لمناقشة القضايا المستجدة، وتشكيل رأي عام حول الأحداث الإجرامية التي تشهدها المنطقة من عمليات ذبح وحرق وتنكيل وأسر باسم الإسلام وهو منها براء.

• ماذا عن دعوات التكفير لمؤسسات الدولة من جيش وشرطة؟

- ما تفعله بعض التيارات التي تلقب نفسها بالجماعات الإسلامية في بلاد المسلمين من خروج على حكام المسلمين بعد تكفيرهم أو تكفير الشرطة والجيش أيضًا، أو رفع للسلاح بدعوى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أو غير ذلك من أفعال التخريب التي أفرزتها مناهج الإرجاف الضالة، هذا كله حرام، وهو نوع من البغي الذي جاء الشرع بصده ودفعه بل وقتال أصحابه إن لم يرتدعوا عن إيذائهم للمسلمين ولغير المسلمين مواطنين ومستأمنين.

• لكن تلك الممارسات تتم تحت مسمى الجهاد؟

- قتل الأبرياء والتمثيل بهم وذبحهم ما هو إلا تدليس وتلبيس منهم حتى ينطلي فسادهم وإرجافهم على ضعاف العقول الذين يغترون بباطلهم، وهؤلاء يعدون بغاة يقاتلون إن كانت لهم منعة وشوكة حتى يرجعوا عن غيهم وإرجافهم.

• هل دور المؤسسات الدينية كفيل بالقضاء على الإرهاب؟

- هذه المؤسسات عليها دور كبير في نشر وسطية وسماحة الدين، وفي الوقت ذاته هناك دور على أجهزة الإعلام والثقافة والتعليم لا يقل أهمية عن المؤسسات الدينية، ولابد من وضع خطة دعوية شاملة لدول المنطقة لنشر الفكر الوسطي ونبذ التشدد والتطرف والتأكيد على مهمة رجال الجيش والشرطة الوطنية في الدفاع عن أرض الوطن ومحاربة الإرهاب، والتركيز على براءة الدين مما تقوم به الجماعات والتيارات الإرهابية من ممارسات باسم الدين.

• لكن حتى الآن مازالت الصورة مغلوطة عن الدين في الغرب؟

- بكل أسف الصورة مغلوطة في بلاد الإسلام عن الدين فما بالنا بالخارج، فعلينا أن نبدأ بأنفسنا لاستئصال التشدد والتطرف من جذوره ونشر صورة الدين الصحيحة وتعاليم الإسلام السمحة، ويجب توحيد الجهود العربية من أجل القيام بحملات في الغرب لإبراز حقيقة الدين والرد على المتنطعين والمتربصين بالإسلام.