«الأفراد» يسيطرون على 50% من تداولات السوق خلال الأزمة
هيمنتهم دفعت إلى انتشار المضاربة والضغوط البيعية وجني الأرباح السريعة على حساب الأداء
يبدو أن شريحة الأفراد تحتفظ بالنسبة الأكبر بالنسبة لأداء المتعاملين في السوق منذ انطلاق الأزمة المالية، حيث استحوذت على نسبة تتراوح بين 52.4 و37.8 في المئة من إجمالي الأسهم المشتراة خلال تلك الفترة، مقابل نسبة تتراوح بين 54.2 و41.8 في المئة من إجمالي الأسهم المبيعة.
على مدار السنوات السبع الماضية، سيطر الأفراد على نحو 50 في المئة من حجم التداولات في سوق الكويت للأوراق المالية، بينما تتوزع الحصة المتبقية بين مؤسسات وشركات وصناديق استثمارية وعملاء، ما يدفع إلى سيطرة عمليات المضاربة والضغوط البيعية وجني الأرباح السريعة على أداء مؤشرات السوق عموماً، تأثراً بالحالة النفسية التي تتحكم بشكل كبير في القرارات الاستثمارية لهؤلاء الأفراد، مما يشير إلى عزوف المستثمرين عن دخول السوق في ظل تراجع الدور المؤسسي فيه.واستناداً إلى إحصائية سوق الكويت للأوراق المالية للفترة من 1 يناير إلى 31 يوليو الماضيين، يبدو أن شريحة الأفراد تحتفظ بالنسبة الأكبر بالنسبة لأداء المتعاملين في السوق منذ عشية انطلاق الأزمة المالية، حيث استحوذت على نسبة تتراوح بين 52.4 و37.8 في المئة من إجمالي الأسهم المشتراة خلال تلك الفترة، مقابل نسبة تتراوح بين 54.2 و41.8 في المئة من إجمالي الأسهم المبيعة.وتشير الإحصائية إلى انحسار أداء المؤسسات والشركات على مدار الأعوام الماضية، وتراوحت نسبة تعاملاتها من إجمالي الأسهم المشتراة بين 22.3 و16.1 في المئة، بينما تراوحت نسبة الأسهم المبيعة بين 19.2 و14 في المئة، علماً أن عام 2008 شهد ارتفاعاً في تعاملات المؤسسات والشركات، حيث كانت تقارب 30 في المئة من إجمالي قيمة الأسهم المشتراة، ونحو 20 في المئة من الأسهم المبيعة.وتراجع أداء محافظ العملاء من أعلى مستوى وصل إليه خلال الأزمة من حصة تعادل 21.6 في المئة من الأسهم المشتراة، ونسبة 22.1 في المئة من الأسهم المبيعة إلى 14.5 في المئة و15.5 في المئة على الترتيب في الفترة نفسها المقارنة من عام 2015، بينما تستحوذ الصناديق الاستثمارية على نسبة تتراوح بين 9.8 و4.6 في المئة من إجمالي الأسهم المشتراة، مقابل نسبة بين 9.7 و4.2 في المئة في المئة من الأسهم المبيعة خلال تلك الفترة.«سياسة القطيع»وقالت مصادر استثمارية لـ"الجريدة"، إنه نتيجة لسيطرة الأفراد على النسبة الكبرى من عمليات البيع والشراء في سوق الكويت للأوراق المالية، فغالباً ما تعتمد القرارات الاستثمارية على الحالة النفسية والمزاجية لهم، بالتالي فإن أي أحداث سياسية أو اقتصادية أو حتى اجتماعية تتحكم في أداء السوق، ما يجعل الأداء المضاربي هو المسيطر على الأداء العام لمؤشرات السوق كونه يتأثر بشكل كبير بالإشاعات واتباع سياسة القطيع بدلاً من اتباع الأسس العلمية الصحيحة والتحليلات الفنية الدقيقة المبنية على قراءة الميزانيات والمؤشرات المالية الدقيقة. وأضافت المصادر أن تراجع استثمارات المؤسسات والشركات في سوق الكويت للأوراق المالية يعطي صورة غير لائقة لسمعة السوق، على اعتبار أن غياب المؤسسات والشركات أو انحسار تعاملاتها يدلان على عدم ثقة هذه المؤسسات التي تعتمد في استثماراتها على اختيار أفضل الأسواق لتحقيق العوائد، ما يجعل الظروف غير مواتية أمام الشركات الأجنبية لضخ أموالها للاستثمار في سوق الكويت للأوراق المالية، ومن المؤكد أن السوق تأثر، بشكل أو بآخر، نتيجة انسحاب وشطب أكثر من 40 شركة من مقصورة الإدراج.وذكرت أن سيطرة العمليات المضاربية على مؤشر السوق نتيجة الأسلوب المرتبط بأداء الأفراد تخلق سوقاً مبنياً على التلاعبات أو ارتكاب الأخطاء، كما لوحظ خلال الفترة الماضية من ارتفاع حالات الإحالة إلى النيابة العامة نتيجة تطبيق المادة 122 من القانون رقم 7 لعام 2010، بالإضافة إلى أنها تدفع إلى انحسار عمليات الإفصاح والشفافية، على اعتبار أن الأفراد يعملون دائماً على الوصول إلى المعلومات أولاً، والاستفادة منها قبل أن تصل إلى عموم السوق.وأشارت إلى أن النسبة الكبرى من تعاملات الأفراد دائماً ما تركز على الأسهم ذات الأسعار المنخفضة للمضاربة لتحقيق الأرباح السريعة، ما قد يؤدي إلى اهتمام بأسهم دون أخرى، بغض النظر عن ملاءة هذه الشركات وقدرتها على تحقيق الإيرادات التشغيلية من عدمه، فضلاً عن أن تلك الاستراتيجية تخلق أسعاراً غير عادلة لأسهم على حساب أخرى، لاسيما أن الأفراد لا قدرة لديهم على تقييم أسعار هذه الأسهم وفقاً لصورة عادلة مبنية على قراءة صحيحة للميزانيات.غياب القرارعلى صعيد متصل، أكدت المصادر ضرورة معالجة الأوضاع التي يمر بها السوق، مضيفة أن هناك دراسات وتقارير كثيرة لتشخيص وضع السوق، كان آخرها بتكليف من مجلس الوزراء وضع حلول ناجعة نتيجة الهزات السابقة التي تعرض لها السوق وانخفاض السيولة إلى مستويات متدنية جداً، لكن إلى الآن لم نلاحظ خطوات إيجابية لدعم البورصة باستثناء تعديلات قانون هيئة أسواق المال الأخيرة والمحفظة الوطنية.واعتبرت المصادر أنه من غير المعقول أن يستمر السوق على هذه الحالة طوال السنوات الماضية، فلا توجد أدوات استثمارية ولا مالية جديدة رغم التكاليف الباهظة لاستقطاب نظام تداول جديد يضمن تشغيل هذه الأدوات، كما أن المؤشرات المعمول بها لا تعكس الصورة الحقيقة للسوق، وهو ما كشفته حالة التداول أخيراً من خلال سيطرة الشركات الخاملة على مجريات الحركة في السوق.بدوره، قال أحد مديري الاستثمار لـ"الجريدة" إن "الصغير والكبير في سوق الكويت للأوراق المالية، شركات وأفراداً، لديهم القدرة على تشخيص الأوضاع"، مبيناً أن "كل من في السوق أدلى بدلوه حيال ذلك".ورأى أن ما "ينقصنا بالفعل هو اتخاذ القرار"، متسائلاً: "من يملك القدرة على اتخاذ القرارات التي تخدم مصلحة السوق عموماً ولا تقتصر على فئة دون أخرى؟"