أكد وزير الإعلام الفلسطيني الأسبق في حكومة الوحدة الوطنية، عضو مجلس العلاقات العربية والدولية

Ad

د. مصطفى البرغوثي أن الاستراتيجية الفلسطينية الوطنية الجديدة ستركز على تغيير موازين القوى وجعل خسائر الاحتلال الإسرائيلي أكبر من مكاسبه، مشيراً إلى نجاح المقاطعة بخسارة إسرائيل 15 مليار دولار خلال عامين.  وقال د. البرغوثي، في لقاء مع «الجريدة»، إن القضية الفلسطينية تواجه تحدياً كبيراً، وإن نهج المفاوضات فشل فشلاً ذريعاً خلال الـ23 عاماً الماضية، لافتاً إلى أن إسرائيل تعمل على تكريس فصل الضفة عن قطاع غزة لتسهيل ابتلاعها وتهويدها بما في ذلك القدس الشريف كما فعلت في أراضي 48.

وأشار إلى أن اتفاق أوسلو فشل باعتراف أصحابه، مؤكداً أن نشوب الانتفاضة الفلسطينية الجديدة تعبير عن تبني الشعب والرأي العام الفلسطيني الاستراتيجية الجديدة التي تركز على تغيير ميزان القوى.

وشدد على ضرورة تحقيق الوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام وبناء قيادة وطنية موحدة، لأنه لم يعد هناك مبرر للانقسام، فالصراع الدائر في أكثره صراع على السلطة، والسلطة كلها تحت الاحتلال... وفي ما يلي تفاصيل اللقاء:

● بداية ما واقع الوضع الفلسطيني اليوم؟

- إن القضية الفلسطينية تواجه تحديا كبيرا، وهناك فشل لكل نهج للمفاوضات خلال الـ23 عاما الماضية، فالفلسطينيون وجميع المتابعين للقضية الفلسطينية ادركوا بما لا يدع مجالا للشك أن المفاوضات مع الجانب الاسرائيلي اثبتت فشلها، إذ بعد 23 عاما لم نتوصل إلى أي شيء بل على العكس ازداد الاستيطان والطغيان الإسرائيلي، وها هي إسرائيل تعيث في الأرض الفلسطينية فسادا وإفسادا، كما أن اتفاق اوسلو فشل باعتراف اصحابه، وإسرائيل تعمل اليوم على تكريس فصل الضفة الغربية عن قطاع غزة لتسهيل ابتلاعها مستقبلا وتهويدها بما في ذلك القدس الشريف كما فعلت في أراضي 48، والشعب الفلسطيني أمام مفترق طرق وعليه تبني استراتيجية وطنية جديدة.

● من وجهة نظركم ما السبيل لمواجهة إسرائيل وسياساتها؟

- إن نشوب الانتفاضة الفلسطينية الجديدة هو تعبير عن تبني الشعب والرأي العام الفلسطيني هذه الرؤية الجديدة التي تركز على تغيير ميزان القوى، وجعل خسائر الاحتلال الاسرائيلي أكبر من مكاسبه، كما أن الاستراتيجية الجديدة للشعب الفلسطيني يجب أن تستند إلى عدة محاور أولها المقاومة الشعبية على الارض، إضافة إلى تكريس المقاطعة والعقوبات على اسرائيل من الداخل، إذ إن 70 في المئة من استهلاك البضائع الاسرائيلية يأتي من خلالنا، وعلينا وقف هذا الاستهلاك ومقاطعته عالميا من خلال حركة BDS، حيث خسرت اسرائيل 15 مليار دولار خلال عامين وفقدت 50 في المئة من الاستثمارات الاجنبية بفضل صمود الشعب الفلسطيني في غزة، كما ان الانتفاضة والمقاطعة عطلت النمو الاقتصادي الاسرائيلي حيث بلغ 0.25 في المئة العام الماضي، في حين كان يصل إلى 5 في المئة في السابق.

● كيف يمكن دعم الشعب الفلسطيني في مواجهته حكومة الاحتلال؟

- أعتقد أن دعم صمود الشعب الفلسطيني على الارض محور مهم في الاستراتيجية الوطنية الجديدة التي يجب أن تطبق من خلال مشاريع تنموية، مثل التي يقدمها الصندوق العربي للتنمية الاقتصادية، والتي تهدف إلى دعم صمود شعبنا وبقائهم في وطنهم ومساعدتهم لمواجهة الضغوط، إضافة إلى ضرورة تحقيق الوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام وبناء قيادة وطنية موحدة، وهذا مازلنا نسعى لتحقيقه بكل طاقاتنا باعتبار أننا مستقلون عن حركتي فتح وحماس.

● هل هناك مبرر للانقسام الفلسطيني؟

- موضوعيا لم يعد هناك مبرر له، لأن طريق المفاوضات أغلق وطريق اوسلو فشل، فلابد من ان نتفق، ومن ناحية اخرى فإن أكثر الصراع الدائر صراع على السلطة، والسلطة كلها تحت الاحتلال، إذن "فليس هناك مبرر للاستمرار في صراع على سلطة كلها تحت الاحتلال ويسلبها الاحتلال كل يوم أي اختصاصات، حتى إن الجيش الإسرائيلي يدخل إلى أي قرية أو مخيم يريد، حتى وصلت به الوقاحة للدخول إلى مدينة الخليل التي يفترض أن تكون تحت سيطرة السلطة الفلسطينية، ويعتقل مريضا من فراشه ويطلق الرصاص على مرافقه داخل المسشفى. كما وصلت الوقاحة إلى أن يدخل إلى مناطق السلطة ويغلق محطات اذاعة رخصتها السلطة الفلسطينية.

لذا يجب أن نتوحد الآن، وهناك فرصة من خلال عقد المجلس الوطني لمنظمة التحرير لانضمام الجميع تحت وحدة وطنية وقيادة موحدة في اطار المنظمة، لتفعيل طاقات الفلسطينيين المشتتين الذين لهم دور مهم جدا في مساندة النضال الفلسطيني.

معضلة ديموغرافية

وهنا لابد أن اشير إلى أن اسرائيل تسعى بكل طاقتها لإبقاء الانقسام لأنه يخدم مصالحها، كما انها تدرك وجود معضلة ديموغرافية، إذ إن عدد الفلسطينيين في تزايد مستمر، ونحن ننمو بشكل اسرع ونمثل عددا أكبر من الاسرائيليين، ولم يعد الاحتلال قادرا على جلب المزيد من اليهود من الخارج، وبالتالي فهو يسعى إلى تفريغ الاراضي الفلسطينية من أهلها.

مجلس العلاقات العربية

● هل هناك دور لمجلس العلاقات العربية والدولية في إنهاء انقسام الفلسطينيين؟

- بالتأكيد هناك عدد من أعضاء المجلس قاموا بجهود في مجال المصالحة الفلسطينية ولا يزالون، وقد اتفقنا على مواصلة هذه الجهود لأن هؤلاء الأعضاء يحظون باحترام كل الاطراف، ويمكن أن نعمل معا لتوحيد الصف الوطني الفلسطيني.

● هل تعتقد أن الانتفاضة الفلسطينية الحالية ستستمر؟

- لابد أن تستمر هذه الانتفاضة باعتبارها تمردا على الواقع الظالم الذي تحاول اسرائيل تكريسه من خلال الاستيطان، كما أنها وسيلة من وسائل الدفاع عن النفس ومحاصرة إسرائيل وتعريتها أمام المجتمع الدولي وشعوب العالم التي ربما لم تعرف بعد وحشية وغطرسة الجانب الاسرائيلي.

● تتحدث اليوم عن فشل اتفاق أوسلو، فهل كنت مقتنعاً به في السابق؟

ضمانات اسرائيلية

- حقيقة أنا ومعي الدكتور ادوارد سعيد والدكتور حيدر عبد الشافي وآخرون مثل الاستاذ عبدالمحسن قطان عارضنا اتفاق أوسلو منذ اللحظة الاولى، وقلنا إنه خطأ ولا يجوز عقده دون وقف الاستيطان اولا، وأوضحنا أنه لا يجوز عقد اتفاق دون ضمانات بأن اسرائيل لن تواصل الاستيطان لتغيير الامر الواقع في القدس، لكن للأسف لم يسمع أحد رأينا، واليوم أدرك الجميع خطأ الوقوع في ذلك الاتفاق، ولسنا الان في مجال المحاسبة على الماضي بقدر ما نسعى إليه من توحيد الصفوف ومواجهة سياسات اسرائيل الاستيطانية التي استغلت اتفاق أوسلو استغلالا بشعا، الذي كان بمثابة فخ نصب للفلسطينيين، ولقد أكد لي ذلك الرئيس الراحل ياسر عرفات قبل استشهاده بأيام قليلة.

لذلك ليس هناك اليوم أفق للتفاوض مع حكومة متطرفين صهيونية، ولابد أولا من تغيير ميزان القوى، وأن يكون الاطار السياسي مختلفا عن تفرد الولايات المتحدة بملف المفاوضات لأنها منحازة إلى الجانب الاسرائيلي، والدليل على ذلك عندما حاول اوباما أن يلعب دورا ايجابيا بمطالبته بوقف الاستيطان لم يستطع أن يفرض ذلك على اسرائيل وتراجع أمام نتنياهو.

لذلك نحن بحاجة إلى خلق ميزان قوى جديد يكون فيه المستقبل السياسي ضمن اطار دولي واسع فيه عدة اطراف وليس قاصرا على دولة واحدة.

المفاوضات الإيرانية

● من برأيك يمكنه لعب دور في المفاوضات غير أميركا التي تراها غير محايدة؟

- هناك دور مهم لدول البركس مثل روسيا والصين والبرازيل وجنوب افريقيا، وهناك دور مهم للاتحاد الاوروبي وللدول العربية، مثل ما حصل في قضية المفاوضات الايرانية حيث كانت في اطار دولي واسع، وأؤكد أنه لن نحصل على شيء لا بالمفاوضات أو المؤتمرات إن لم نغير ميزان القوى اولا، لذلك فإن هدفنا المركزي اليوم هو تحقيق ذلك أمام اسرائيل، خاصة انها تتعرى اليوم امام المجتمع الدولي، وأكثر شيء نجحنا فيه خلال السنوات العشر الماضية أننا أثبتنا أنها دولة عنصرية، وما أنشأته هو نظام "ابرتايد" ونظام تميز عنصري.

● هل يمكن للدول العربية لعب دور أكثر في عملية تغيير ميزان القوى لمصلحتكم؟

- نحن ندرك تماما أن أول عنصر يمكنه احداث تغيير في ميزان القوى هو العنصر الفلسطيني، لاننا نؤمن بمبدأ "ما حك جلدك مثل ظفرك"، فالدور الاول علينا نحن- الفلسطينيين- ويأتي بعد ذلك دور الشعوب العربية، ونحن لا نطلب من أحد أن يرسل جيوشا لتحارب معنا لأنه امر غير واقعي وغير قابل للتطبيق، بل نريد فقط مقاطعة اسرائيل وحصارها ودعم الصمود الفلسطيني على الأرض.

إشادة بدعم سمو الأمير والكويت للفلسطينيين

قال د. البرغوثي إن «فلسطين تقدر كل من يقف معها في مواجهة العدوان الاسرائيلي المتواصل على شعبها الاعزل، وأنا بشكل خاص اريد أن اشيد بموقف سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد وموقف الكويت حكومة وشعبا في دعمها للشعب الفلسطيني».

دعم صمود الفلسطينيين بالمشاريع التنموية

طالب البرغوثي بتعزيز دعم صمود الشعب الفلسطيني، من خلال تمويل المشاريع التنموية، مثل تلك التي يقدمها الصندوق العربي للتنمية الاقتصادية، التي ستساهم بتوفير الفرصة للفلسطينيين، لمواصلة الصمود أمام العدو الاسرائيلي، ومواجهة ظروف الحياة الصعبة، منوها إلى أن الشعوب تحتاج في نضالها إلى المساعدة والدعم، ولاسيما المادي.

وأضاف أن العدوان يواصل سياساته في التضييق على الفلسطيني، في شتى المجالات، ومنها المجال الاقتصادي، حيث أصبح المواطن الفلسطيني يواجه مشاكل مالية عديدة، ولا يتمكن الكثيرون من الوفاء بالتزاماتهم المادية تجاه اسرهم، وهذا الوضع يجعل مسألة الصمود والمواجهة مع العدو أكثر صعوبة.

ولفت إلى أن الشعب الفلسطيني أثبت على مدى العقود الماضية، أنه قادر على الصمود والمواجهة والتحدي أمام المشاريع الاسرائيلية البغيضة، التي تسعى إلى افراغ الارض من سكانها الاصليين، واستبدالهم بالمستوطنين اليهود، وهذا الأمر يضع العرب أمام مسؤولياتهم في توجيه دعم أكبر لأشقائهم في الاراضي المحتلة.

الانتفاضة بحاجة إلى دعم  إعلامي

أكد د. البرغوثي أن الشعب الفلسطيني يتطلع إلى تركيز إعلامي أكبر لما يجري في فلسطين، قائلا: «نحن نعرف أن هناك انشغالات بمشاكل المنطقة، ولكن الانتفاضة الشعبية تحتاج إلى تركيز اعلامي لمساندتها ومتابعة ملامح النضال الوطني الفلسطيني، ونأمل أن يتحقق ذلك بصورة كبيرة خاصة أن الموضوع الفلسطيني يبقي الموضوع الاساس، والكل أدرك استحالة تهميش القضية الفلسطينية».