النفط والطاقة: القطاع النفطي الكويتي غير مرغوب فيه بدول شرق آسيا
مصفاتا الصين وإندونيسيا متعطلتان والهند ترفض الشراكة في «البتروكيماويات»
سياسة القطاع النفطي، التي رسمت للاتجاه شرقا، بدأت تتضح معالمها، فجميع ما تم التصريح به سابقا حول المشاريع المزمع إقامتها في هذه الدول لم تر النور او لن ترى النور نهائيا.
لطالما تحدث المسؤولون في القطاع النفطي عن أسواق شرق آسيا الواعدة اقتصاديا، مشيرين إلى ان الجميع يحرص على ان تكون له حصة في هذه الدول، لطلبها المتزايد على النفط ومشتقاته، مؤكدين في الوقت ذاته ان الكويت تواجه باستمرار منافسة شديدة في الاسواق النفطية، خاصة مع عودة النفط العراقي، واعلان بغداد زيادة انتاجها، وعودة النفط الايراني بعد رفع الحظر الاقتصادي عن طهران.لكن من الواضح ان سياسة القطاع النفطي، التي رسمت للاتجاه شرقا، بدأت تتضح معالمها، فجميع ما تم التصريح به سابقا حول المشاريع المزمع إقامتها في هذه الدول لم تر النور او لن ترى النور نهائيا، لكن الاسباب هذه المرة ليست مجلس الامة وتدخل بعض نوابه او التأخر في اخذ الموافقات اللازمة او قلة الميزانية، وانما السبب انها «غير مجدية اقتصاديا» رغم عدم توضيح هذه الجدوى للتأكد إن كانت صحيحة ام لا، لانه من غير المعقول ان الدول المنافسة للكويت تدخل في مشاريع مع هذه الدول رغم ان الكويت لديها الميزة النسبية والافضلية كونها تمتلك علاقات تاريخية مع اغلب الدول الشرق آسيوية، حيث تحرص القيادة السياسية بين فترة واخرى على زيارة هذه الدول، الا انه من الواضح انها لم يستغلها القطاع النفطي بالشكل المطلوب.فهل دعوة أحد القيادات النفطية السابقة إلى تجميد المشروعات الخارجية النفطية للكويت كانت محقة، لأن القيادات الحالية لا تمتلك القدرة على إدارتها، وأنه يجب التركيز على إجراء الاصلاحات الجذرية الداخلية للمؤسسة والشركات التابعة، لأن المستوى الحالي «اقل من الحد الأدنى»، وانه يجب التركيز على العمل داخل الكويت؟مشروع الصينأول المشاريع التي تنتظر رصاصة الرحمة هو مشروع المصفاة مع الصين، الذي تبلغ تكلفته 9 مليارات دولار بسعة تكرير 300 ألف برميل يومياً. وتم إدراجه ضمن المشاريع التنموية، حيث بدأت المفاوضات حول هذا المشروع قبل اكثر من 10 سنوات ومازالت الكويت تنتظر.كما صرح وزير النفط على العمير بأن المضي قدما في مشروع مصفاة مع الصين سيتوقف على المنافع التي سيعود بها على البلاد، مضيفا: «نحن غير مستعدين للمضي قدما في مشروع مصفاة الصين ما لم يحقق لنا المنفعة الكافية».وأشار الوزير إلى المحادثات المتوقفة مع «سينوبك» الصينية بخصوص المشروع، والتي كان للقيادة السياسية دور في تحريك عجلة المشروع بعد زيارة للصين الا انه لم يتم اي شيء. مشروع إندونيسياالكويت في هذا المشروع فهمت الدرس ولن تكرر ما قامت به في مشروع مصفاة الصين الذي استمرت عملية التفاوض بشأنه سنوات طويلة تجاوزت العشر، الا ان شركة البترول العالمية حريصة وملتزمة بتحقيق استراتيجيتها في مشاريع التكرير والاتجاه بها شرقا، في اشارة الى المشروعات الخاصة بالتكرير المزمع انشاؤها في الجزء الشرقي من العالم.وفي هذا المشروع قامت الكويت، ممثلة في شركة البترول الكويتية العالمية، بإيقاف المحادثات في مشروع مصفاة اندونيسيا الى حين وضوح الصورة من قبل الإندونيسيين، وتركت الكرة في ملعبهم، حيث لم تكن هناك اي حوافز قد تشجع على الدخول فيه كما اشارت المصادر في ذلك.يذكر أنه تم توقيع مذكرة شاملة للتفاهم بشأن هذا المشروع مع شركة «إس كي للطاقة» الكورية الجنوبية في اغسطس 2012 لتطوير مشروع متكامل مكون من مصفاة لتكرير النفط الكويتي ومجمع للبتروكيماويات في إندونيسيا، مبينة ان الطرفين سيقومان بموجب الاتفاقية بالتعاون لتطوير المشروع بالشراكة مع شركة برتامينا الاندونيسية الحكومية.وتهدف الاتفاقية الى التعاون لتطوير مشروع إقامة مصفاة في اندونيسيا مصممة لتكرير النفط الخام الكويتي بنسبة 100 في المئة، وبطاقة استيعابية تتراوح بين 200 و300 ألف برميل يوميا، وبنظام متكامل مع مجمع للبتروكيماويات.مشروع الهندودرست الكويت في 2013 ووقعت، خلال زيارة سمو رئيس الوزراء، اتفاقيات تعاون مع الهند في كثير من المشروعات، ابرزها مشروعا اوبال الخاص بالاوليفينات واومبل الخاص بالارماتك.الا ان ما كشفه الرئيس التنفيذي لشركة صناعة الكيماويات البترولية المهندس أسعد السعد حول وقف شركة أومبال الهندية المفاوضات لبيع حصة 30 في المئة للكويت من مشروع مجمع للعطريات في الهند التي كانت تسعى الكويت إلى الاستحواذ عليها مقابل 160 مليون دولار لم يكن مفاجأة، والغريب انه حتى اليوم لم يتطرق احد للاسباب رغم الادعاء بأن الكويت تمتلك رصيدا تاريخيا مع هذه الدول.وهذه الامثلة كفيلة وتؤكد الخلل الواضح في القطاع النفطي وعدم وضوح الرؤية في انجاز المشاريع الاستراتيجية الخارجية، فكثير من الدول اليوم تتنافس في الحصول على هذه المشاريع، الا ان الكويت وقطاعها جل اهتمامه مرتكز على المنافسة في الحصول على الكراسي، متناسين مستقبل الكويت، ومنعزلين كليا عن العالم الخارجي، وهي نتيجة حتمية بسبب الصراع «النتن» لتفريغ القطاع النفطي.