إن لم يكن العالم كله فعلى الأقل منطقة الشرق الأوسط هذه التي بقيت تعاني وتقاسي الأمرين خلال السبعة أعوام الماضية من عمر هذه الإدارة الأميركية "الديمقراطية"، بانتظار ما وعد به الرئيس باراك أوباما، الذي قال إنه سيزور "البنتاغون" اليوم ليراجع مع كبار المسؤولين العسكريين والأمنيين فيه طرق وأساليب المواجهة مع تنظيم داعش الإرهابي، الذي تَشكل هذا التحالف الدولي، المكون من أكثر من ستين دولة، للقضاء عليه، وإنهاء وجوده في العراق وسورية، والمفترض أيضاً في ليبيا، وفي كل مكان بالكرة الأرضية.

Ad

ولعل ما يدل على أهمية هذه الزيارة أن كل المعنيين بمواجهة "داعش"، سواء في هذه المنطقة الشرق أوسطية أو خارجها، بادروا إلى طرح أسئلة كثيرة، على أنفسهم وفي ما بينهم وعلى غيرهم، عما سيفعله أوباما في "البنتاغون" اليوم، وما إذا كان سيأتي بما لم يفعله ولم يقْدم عليه منذ بدايات المواجهة مع هذا التنظيم الإرهابي منذ بدايات استفحال هاتين الأزمتين الطاحنتين: "العراقية والسورية" أم أن حليمة ستبقى على عادتها القديمة، وأن الرئيس الأميركي ربما يقْطَع على نفسه وعوداً كثيرة، لكنه لن يبر بأي وعد من هذه الوعود المفترضة، والدليل تراجعه عن كل ما قاله وألزم نفسه به في خطاب مدرج جامعة القاهرة الشهير قبل بضعة أعوام.

لكن ورغم أن هذا هو الانطباع العام لدى أهل هذه المنطقة، الذين قاسوا الويلات ومازالوا من السياسات والممارسات الرديئة لإدارة أوباما منذ عام 2011 حتى الآن، فإن هناك من يسأل عما إذا كانت زيارة أوباما هذه الآنفة الذكر لـ"البنتاغون" ستؤدي إلى تغييرات جوهرية وأساسية في هذه السياسات، وأنه سيكون هناك بعد اليوم تعامل جدي، حاسم وحازم مع هذا التنظيم الإرهابي الذي تمكن ليس في غفلة من الزمن، وإنما بتآمر "المتآمرين"، من إقامة دولة نفطية في العراق وسورية، استدعت إعلان كل هذا الاستنفار العالمي الذي تجاوز حتى استنفار الحرب العالمية الثانية.

وهكذا وبانتظار ما سيخرج به أوباما من اجتماع هذا اليوم في "البنتاغون" فإن هناك من يذهبون بتصوراتهم بعيداً، ويتوقعون أن يتخلى الرئيس الأميركي، بعد ما سمعه من كبار جنرالاته العسكريين والأمنيين، ومن خبراء وزارة الدفاع الأميركية، عن تردده وميوعة مواقفه، ويلجأ، إضافة إلى القصف الجوي المستمر منذ أكثر من عام، إلى "القوات البرية"، الكفيلة بحسم معركة كهذه المعركة التي لا يمكن حسمها بالطيران وحده، مهما جرى من حشد له، سواء من خلال التحالف الدولي القائم الآن أو من خارجه.

فهل يا ترى ستكون زيارة اليوم (الاثنين)، التي سيقوم بها باراك أوباما لـ"البنتاغون" حاسمة، وستكون بداية تحولات "دراماتيكية" في الشرق الأوسط كله، سواء بالنسبة للقضاء على "داعش" وباقي التنظيمات الإرهابية أو بالنسبة للأزمة السورية ومسألة بقاء بشار الأسد أو رحيله، وأيضاً سواء بالنسبة لأوضاع العراق، التي هي أسوأ وأخطر كثيراً من أوضاع سورية، التي أصبحت تقف على مفترق طرق كل واحد منها أخطر من الآخر وأكثر تعقيداً.

وحقيقة إنه لا تجوز المراهنة أكثر من اللزوم على زيارة أوباما اليوم لـ"البنتاغون"، فتجارب الأعوام السبعة الماضية عودتنا على أنه لا ثقة بوعود هذا الرئيس الأميركي، وبالتالي فإن الحرب على "داعش" قد تتطلب سنوات طويلة، والسبب أولاً: ان استخدام القوات البرية بالكثافة والأعداد التي يتصورها البعض غير وارد على الإطلاق، وثانياً: ان القضاء على هذا التنظيم الإرهابي يتطلب إخراج إيران من العراق، مع إنصاف العرب السنة وإعادة كل حقوقهم إليهم، ويتطلب أيضاً التخلص من بشار الأسد وبعض نظامه، إن ليس كله، ويتطلب كذلك إلزام الروس بالتخلي عن كل هذه السياسات الانتحارية التي يمارسونها في هذا البلد العربي، وبالتالي إجبارهم على الرحيل وإخراج وجودهم العسكري من هذه الدولة العربية التي لن تكون إلا دولة عربية.