تلك الأقنعة التي تغطي وجوهنا تكتم أنفاسنا، وتنهكنا، وتزيدنا تعبا فوق تعبنا، لكننا نرفض أن ننزعها كي لا نكشف عن وجوهنا ونتحدث بصراحة عما يعترينا، نكابر فوق جروحنا التي تزداد عمقاً، فقط كي لا نشير إلى أنفسنا كجزء من المشكلة، محاولين إيجاد أي مخرج يجعلنا نضع رؤوسنا على الوسادة ليلاً لننام وينام معنا ضميرنا الذي يلفظ آخر أنفاسه.
الحكومة من وزراء، ووكلاء، ومديرين ورؤساء أقسام، وموظفين تتحمل جزءاً كبيراً من حال البلد لأنها مسؤولة عن السياسة العامة للدولة، فباستطاعتها عمل "الاستثناءات" إن صحت التسمية لمن تريد، خصوصا ممن يحنون الرؤوس معلنين أنهم من الفصيل الأليف لا الشرس، وبقية الهرم بعد الوزراء أشخاص مثلنا، مواطنون، يتذمرون من الوضع الذي نتذمر منه نحن أيضا، لكن في المقابل من هم الذين يعطلون العمل لما يقارب الساعة من أجل وجبة فطور يجب أن تؤكل في البيت؟ ومن الذين يتقبلون المعاملات الـ"في آي بي" أمام أنظار البقية دون استحياء؟ ومن الذين يطلبون أوراقاً لا يحتاجون إليها في حال كان الشخص في مزاج متعكر؟ ومن الذين يقبلون الرشا في مؤسسات الدولة؟ أولسنا نحن؟من يطلب من المرشح أو النائب خدمة ما، ليطلبها هو بدوره من الحكومة، والتي تشتري رضاه على حساب مواطن آخر يتذمر بدوره؟ ليتم التصويت لهذا النائب مجددا، ليكرر نهجه و"يتضخم" هو على حساب ذبولنا؟ أولسنا نحن؟ إن الفساد نخرنا نخراً من حيث نحتسب ومن حيث لا نحتسب، وأصبحنا نشير إلى مواضع وننسى أخرى، لتكون إشارتنا نحو الفساد فساداً بحد ذاته. حاولت صباح اليوم أن أتسم بالإيجابية، وأن أبحث عنها بمجهر لعلي أراها، فسألت عن الشيء الذي يسير في البلد بشكل صحيح، فعرفت أن البحث عن الإيجابية تشاؤم بحد ذاته.
مقالات
ماذا نخشى؟
10-10-2015