أجمع مسؤولو جمعيات النفع العام على انتقاد مشروع قانون الشؤون ورأوا أنه يعرقل سير عمل المجتمع المدني في الكويت، ويعد بداية تقييد للحريات، وتهميش دور جمعيات النفع العام، فضلا عن أنه يشوبه عوار دستوري، ويقتل روح التطوع لدى فئة الشباب.

Ad

في ردة فعل مضادة لمشروع قانون الجمعيات الأهلية الجديد، الذي أنجزته وزارة الشؤون الاجتماعية، وانفردت «الجريدة» بنشره، انتفض ممثلو جمعيات النفع العام ضده، مؤكدين أنه يفرض وصاية حكومية، ويدمر تاريخا طويلا من العمل المجتمعي والمدني، وتمريره بهذه الصيغة «وصمة عار» لكل من يصوت معه، سواء من الوزراء أو أعضاء مجلس الأمة.

وقال هؤلاء، في تصريحات متفرقة لـ«الجريدة»، إن «المشروع يعرقل سير عمل المجتمع المدني في الكويت، ويعد بداية تقييد للحريات، وتهميش دور جمعيات النفع العام، فضلا عن أنه يشوبه عوار دستوري، ويقتل روح التطوع لدى فئة الشباب».

وأعربوا عن بالغ أسفهم وخيبة أملهم لإنجاز وزارة الشؤون الاجتماعية قانونا يخصهم، دون استشارتهم، أو الاستئناس برأيهم، أو دعوتهم للمشاركة في وضع وصياغة مواده، داعين في الوقت ذاته إلى عقد لقاء مشترك للتباحث حول مشروع القانون الجديد لتوحيد الآراء ومواجهته.

وصاية حكومية

بدوره، رفض أمين عام التحالف الوطني الديمقراطي بشار الصايغ مشروع القانون، مؤكدا أنه «لا يمكن أن يطور أعمال المجتمع المدني، لاسيما في ظل التدخلات الحكومية في أعمال جمعيات النفع العام الظاهرة في معظم مواده».

وقال الصايغ إن «الأصل في مؤسسات المجتمع المدني وجمعيات النفع العام الاستقلالية من التدخلات الحكومية، ونستغرب سلوك الوزارة المتواصل في وضع قوانين للسيطرة عليها وتقييدها، وفرض وصاية حكومية عليها»، متسائلا: «أي استقلالية لمؤسسات المجتمع المدني والحكومة تريد تعيينا مباشرا لأعضاء في مجالس الإدارات؟».

وشدد على أن «مرور هذا القانون بالصورة التي انتهت اليها وزارة الشؤون من شأنه تدمير تاريخ طويل للعمل المؤسسي المجتمعي والمدني في الكويت»، مؤكدا أن «تمرير مشروع القانون بصيغته الحالية وصمة عار لكل من يصوت معه سواء من الوزراء أو أعضاء مجلس الأمة».

الانشقاقات والخلافات

من جانبه، أكد رئيس مجلس إدارة جمعية المحامين الكويتية وسمي الوسمي أن «مشروع القانون بصيغته الحالية لا يمكن قبوله مطلقا، لاسيما المادة 10 الخاصة بتطبيق الصوت الواحد في انتخابات مجلس الإدارة، وعدم الاعتداد بنظام القوائم، فما يسري على مجلس الأمة أو الجمعيات التعاونية لا ينطبق على جمعيات النفع العام».

وقال الوسمي إن «منظمات المجتمع المدني ذات طابع خاص، يجب معه تجانس مجلس الإدارة منعا للانشقاقات أو الخلافات، وإقرار الصوت الواحد يضرب بهذا التجانس عرض الحائط»، مبديا رفضه فكرة السماح للوزير المختص بتعيين أعضاء داخل مجالس الإدارة، «لاسيما انه لا سلطة يحق لها اختيار الأعضاء أو عزلهم إلا الجمعية العمومية، وفق النظام الأساسي للجمعية، وفي حال اكتشاف مخالفات يحق للوزارة التدخل واللجوء إلى القضاء وإحالة الأمر إلى النيابة».

مخيب للطموح

وحول تحديد مشروع القانون دورة واحدة لأعضاء مجالس إدارات الجمعيات دون السماح لهم بالترشح دورة ثانية، على أن تكون مدة الدورة ثلاث سنوات، أشار الوسمي إلى أنه «لا يوجد نص دستوري يمنع إعادة الترشح، ولنا في مجلسي الأمة والوزراء خير مثال على ذلك».

وأكد أن «هذه المادة تتعارض والمادة 43 من الدستور، التي كفلت حرية تكوين الجمعيات والنقابات»، مضيفا أن «جمعيات النفع العام تؤدي دورا فاعلا وكبيرا خلال السنوات الماضية، ليس سياسيا فحسب بل اجتماعي حقوقي تنموي وقانوني أيضا».

الاستقلال عن الحكومة

من جهته، ذكر رئيس مجلس إدارة جمعية الخريجين الكويتية عبدالعزيز الملا: «بداية نود توجيه الشكر إلى صحيفة الجريدة على نشرها مشروع القانون لتنبيه الرأي العام عموما، وجمعيات النفع العام خصوصا، على ما احتواه من مواد ستنعكس وبالا على المجتمع المدني في البلاد، وتقيد حريته وتحد من عمله».

وأكد الملا أن «جمعية الخريجين ترحب بأي تطوير للقانون رقم 24 لسنة 1962، الصادر بشأن الأندية وجمعيات النفع العام، بما يضمن المزيد من الاستقلالية عن وزارة الشؤون الاجتماعية، ويكرس المفهوم الحقيقي لمؤسسات المجتمع المدني التي تعمل في فضاء العمل الأهلي المنظم غير الرسمي».

وأشار إلى أنه «من أهم مطالبنا في هذا الصدد الاستقلال المالي والاعتماد على النفس في تسيير أعمالنا، حتى يبرز الجهد الأهلي الحقيقي البعيد عن الاتكالية التي تعتمد على الحكومة في كل شيء».

قتل روح التطوع

وألمح الملا إلى أنه «إذا كان الهدف من مشروع القانون المقترح تنظيم عمل مؤسسات المجتمع المدني، لاسيما جمعيات النفع العام، فإن هذا القانون سيعمل على تحجيم دورها».

وتابع: «جاءت الفقرة الثالثة من المادة 11 من مشروع القانون، التي حددت الاشتراطات التي يجب توافرها في عضو مجلس الإدارة، بأن يكون قد بلغ سن 30 سنة ميلادية كاملة في نهاية السنة المالية الأخيرة، لتقتل روح العمل التطوعي بالأخص لدى فئة الشباب».

وزاد: «أما في ما يخص المادة 10 من مشروع القانون التي قضت بأن (يكون لكل عضو من أعضاء الجمعية العمومية صوت واحد فقط في الانتخابات، ولا يعتد بنظام القوائم)، فهي تؤثر سلبا على مجالس الإدارات، كونها تفرز مجالس غير متجانسة قد تعطل عمل الجمعيات».

تقليص الصلاحيات

وحول المادة 13 من مشروع القانون التي اجازت للوزير أن «يعين بالإضافة الى الاعضاء المنتخبين عضوا أو أكثر في مجلس الإدارة، بما لا يجاوز ثلث اعضاء المجلس المنتخبين»، أكد الملا أن «هذه المادة يشوبها عوار دستوري، ولا تتوافق ونص المادة 43 من الدستور، التي تكفل حرية تكوين الجمعيات والنقابات، إضافة إلى أنها تقلص صلاحيات الجمعية العمومية ومجلس الإدارة».

وشدد على أن «مؤسسات المجتمع المدني شريك أساسي في مشروع التنمية المجتمعية، وكان الأجدر بوزارة الشؤون دعوة ممثلي الجمعيات، وعرض مشروع القانون عليهم، والاستماع إلى وجهات نظرهم في هذا الشأن».

ودعا جمعيات النفع العام كافة، الموجودة في البلاد، إلى عقد لقاء مشترك للتباحث حول مشروع القانون، «لتوحيد الآراء ومواجهة بعض المواد التي تعرقل سير عمل المجتمع المدني».

أمر مؤسف

من جانبه، شدد أمين سر جمعية الصحافيين الكويتية فيصل القناعي على أنه «من المؤسف أن تنجز وزارة الشؤون الاجتماعية مشروع قانون خاصا بالجمعيات الأهلية في البلاد دون استشارتنا أو الاستئناس برأينا أو دعوتنا للمشاركة في وضع وصياغة مواده، التي لم نسمع بها أو نقرأها إلا من خلال صحيفة الجريدة».

وزاد القناعي: «أسجل اعتراض جمعية الصحافيين الشديد على المادة 9 من مشروع القانون، التي قصرت العضوية في الجمعيات على الكويتيين فقط، لاسيما ان قبول الوافد في عضوية الجمعية يكون بصفة منتسب غير عامل، فلا يحق له الترشح أو الانتخاب، بل يقتصر الأمر فقط على التمتع ببعض المزايا الأخرى».

إفلاس

ولفت القناعي إلى أنه «في جميع دول وبلدان العالم لا يمارس الصحافي عمله، إلا من خلال مظلة شرعية تحميه وتوفر له الغطاء القانوني والأدبي والاعتباري، وهذا هو الدور الذي تقوم به جمعية الصحافيين الكويتية».

وكشف عن «توجه مجلس إدارة الجمعية إلى طلب مقابلة وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل وزيرة الدولة لشؤون التخطيط والتنمية هند الصبيح، لعرض الأمر عليها، ومحاولة تعديل بعض مواد مشروع القانون التي من شأنها الحاق الضرر بالجمعيات الأهلية في البلاد».

ولفت إلى أن «تطبيق المادة التاسعة من مشروع القانون يعني حرمان الجمعية من رافد مالي قوي، وهو مقابل العضوية، لاسيما في ظل ما تعانيه من إفلاس مالي ونقص حاد في الميزانية»، مشددا على أن «الجمعية لن تتوانى في الدفاع عن أي صحافي بالبلاد، وتوفير الحماية القانونية والأدبية له، سواء كان حاملا لعضويتها أو لم يكن».

غير دستوري

من جهته، ذكر أمين عام المنبر الديمقراطي بندر الخيران أن «الأمانة العامة للمنبر عقدت أمس اجتماعا، تباحثت خلاله حول مشروع القانون»، مؤكدا أنه «مليء بالمثالب والعيوب وغير دستوري».

وشدد الخيران على أن «مشروع القانون يحتاج إلى رد حاسم وقاطع وتحرك مشترك من قبل منظمات المجتمع المدني لوأده قبل ظهوره»، مشيرا إلى أنه «في الوقت الذي نتشدق بالديمقراطية في الكويت تظهر مثل هذه القوانين التي تتعارض ومبادئ الديمقراطية».

«الصوت الواحد»

إلى ذلك، رفض رئيس مجلس إدارة جمعية المعلمين الكويتية وليد الحساوي نص المادة 10 من مشروع القانون، التي استبدلت نظام القوائم الانتخابية بـ»الصوت الواحد»، مؤكدا أنها «تؤثر سلبا على مجالس الإدارة، كونها تفرز مجالس غير متجانسة قد تعطل عمل الجمعيات»، مدللا على ذلك «بما يحدث من مشكلات داخل مجالس إدارات الجمعيات التعاونية».

وقال الحساوي إن «مجالس إدارات هذه المؤسسات تدير رؤوس أموال يجب معها التجانس والتناغم بين الأعضاء لتحقيق الأهداف المرجوة ومصلحة منتسبيها»، معتبرا أن «نص المادة 13 التي اجازت للوزير تعيين عضو او اكثر في مجلس الإدارة بداية تقييد للحريات، وتهميش دور المجتمع المدني في الكويت، فهل هذه هي الديمقراطية التي نسعى اليها؟».

وأضاف: «جمعيات النفع العام تابعة لوزارة الشؤون، ونحن مع العمل المنظم الذي يسمح للوزارة بالتدخل في حال وجود خلل أصاب عمل الجمعية، بل ومحاسبة المتجاوزين والمخالفين، غير اننا شريك فاعل، وكان لزاما على الوزارة الاستئناس برأينا قبل صياغة مشروع القانون».

وحول قصر عضوية الجمعيات على المواطنين فقط، زاد: «نرفض هذه المادة جملة وتفصيلا، لاسيما أن جمعية المعلمين الكويتية حاضنة لجميع المعلمين، ولا تستغني عن اعضائها من الجنسيات العربية الذين خرجوا أجيالا من طلبة الكويت»، مؤكدا أن «الجمعية مع أي تحرك جماعي من منظمات المجتمع المدني ضد هذا القانون».

العويهان: يحد من الحريات

أكد أمين سر جمعية المحامين خالد العويهان، أن «مشروع القانون يحد من الحريات، وجاء مخيباً لتطلعات وطموحات وآمال منظمات المجتمع المدني، التي كانت تتطلع إلى قانون يمنحها مزيداً من الحريات ومساحة أوسع في التحرك، ولاسيما أنها المتنفس الوحيد الآن للمجتمع»، مشيرا إلى أن «الإبقاء على مشروع القانون بصيغته الحالية «كارثة» ستنعكس وبالاً على المجتمع المدني، وتحد من تحركه».