الأرشيف العثماني كنز من الوثائق التاريخية لا تقدر قيمته بثمن، ليس فقط عند العرب أو المسلمين، بل حتى عند المهتمين بالشؤون التاريخية للدول التي لها علاقة بالدولة العثمانية مثل بريطانيا وألمانيا والولايات المتحدة وبقية الأقطار العالمية.
قبل حوالي أسبوعين، زرت الأرشيف العثماني، وهو مركز حكومي كبير يحتفظ بوثائق الدولة العثمانية ومراسلاتها خلال قرون عديدة، ويتبع وزارة الدولة لشؤون الثقافة.عند المدخل الرئيس استقبلني أحد الموظفين ممن يتحدثون اللغة العربية، واسمه دورموش ورحب بي، ثم أخذني في جولة بالمركز، وفهمت منه أنه يتضمن ثلاث مبان متجاورة، وهي مبنى المتحف، ومبنى صالات البحث ومخازن الأرشفة، ومبنى الإدارة وما يلحق بها.بدأنا في التجول بالمتحف، وشاهدت وثائق أجمل من أن أستطيع وصفها، لروعة الخطوط، وجمال الأختام، ودقة التنسيق والترتيب بين كلماتها، إضافة إلى عمقها التاريخي.وعلى سبيل المثال، شاهدت وثيقة لوجهاء الحجاز ممهورة بتوقيعاتهم يعود تاريخها إلى عام 1883م، يعربون فيها للدولة العثمانية عن رضاهم وامتنانهم لإدارة الوالي صفوت باشا، ويطلبون من السلطان استمرار ولايته في الحجاز.وشاهدت وثيقة أخرى في هذا المتحف الرائع، وهي رسالة من إمبراطور اليابان في نهاية القرن التاسع عشر، يتقدم فيها بالشكر للسلطان عبدالحميد الثاني على ما قدمه من مساعدة لابن الإمبراطور أثناء وجوده في إسطنبول.ويضم المتحف الكثير من الوثائق والأدوات والقطع النادرة الخاصة بالدولة العثمانية، وأنصح كل من يزور الأرشيف بالاطلاع على هذا المتحف النادر في محتواه التاريخي.قمنا بعد الاطلاع على المتحف بزيارة مبنى البحث وقاعات المراجعين والمواد الأرشيفية، وهو مبنى كبير جداً يتكون من ثلاثة أدوار، واتجهنا إلى الدور الأول، المخصص للباحثين. يوجد في هذا الدور مجموعة من الموظفين المتخصصين الذين يقدمون الدعم الفني للباحثين، لكي يتمكنوا من القيام بأبحاثهم. ويعطى كل باحث حساباً إلكترونياً في موقع الأرشيف الإلكتروني، ورقماً سرياً خاصاً به، ومن خلال هذا الحساب يستطيع الباحث الدخول على الأرشيف والبحث وطلب نسخ من الوثائق التي يحتاج إليها مقابل مبلغ بسيط من المال.وقد ترددت على الأرشيف مدة 3 أيام، وحصلت على مجموعة من الوثائق الجميلة، إلا أن معظمها مكتوب باللغة العثمانية التي لا أستطيع فهمها، رغم أنها تستخدم الحروف العربية. وعثرت على بعض الوثائق المكتوبة باللغة العربية كرسالة من الشيخ مبارك الصباح بتاريخ 16 صفر 1330هـ، موجهة إلى والي البصرة يبلغه فيها تفاصيل رفع العلم العثماني على قصر السيف في تلك الفترة والحفل الذي أقيم بمناسبة منح السلطان وساماً خاصاً للشيخ مبارك.والحقيقة أن الأرشيف العثماني مليء بالوثائق العثمانية التي توثق جوانب عديدة من التاريخ الكويتي والخليجي، ولا غنى عنها أو بديل، ولكننا نحتاج إلى الجدية والدعم الفني والمال لكي نصل إلى هذه الوثائق ونستفيد منها في كتابة تاريخنا وتوثيق أحداث منطقتنا. فهل نجد من يقف إلى جنبنا ويقدم لنا الدعم الكافي؟
أخر كلام
وثيقة لها تاريخ : الأرشيف العثماني: الإمبراطور يشكر السلطان... ووجهاء الحجاز يمدحون الوالي
28-08-2015