أغلق التلفاز واتجه إلى رمضان
"لماذا لا يحترم الإعلام العربي رمضان؟!"... "رمضان شهر عبادة مش فوازير"!... "يجب على الجميع احترام ميلاد المسيح وعدم شرب الخمر في ذلك اليوم حتى إن لم تكن متديناً، إذا فقد المجتمع الاحترام فقدنا كل شيء".مقتطفات اقتبستها من مقال الدكتور الراحل مصطفى محمود، رحمه الله، بالإمكان العودة إليها بالعنوان المذكور في أول العبارة، أريد أن أكمل الفكرة التي ابتدأت بها، إذا لم يكن للإعلام العربي أي احترام فمن الأحرى أن تفهم أنت كفردٍ واعٍ ماذا يعني رمضان، وما الهدف منه، وما الذي ينبغي أداؤه فيه؟
اطرح على نفسك تلك الأسئلة: ما واجبنا تجاه الضيف؟ ضيف يزورنا بالعام مرة كيف نستقبله؟ وما التجهيزات اللازمة تجاه ضيافته؟ فإن كنت لا تعلم كيفية استغلال العطاءات الربانية في ذلك الشهر فيمكنك أن تجدول نفسك، وتستغله كدورة تدريبية لتبدل كثيراً من العادات والسلوكيات والمشاعر والأفكار التي تريد التخلص منها، لننظم معاً ما يمكننا فعله واستغلاله على نحو أفضل. وإن كنت تحمل أفكاراً بأن رمضان شهر الكسل والخمول والسهر على المسلسلات ليلاً، والنوم في سبات نهاراً لانقضاء الوقت؛ فاعلم أن في مثل هذا الشهر تمّت أكثر الغزوات وأكبر الفتوحات، وإن كانت مشاعرك التي تحملها مملة فتذكر أنك نفخة من روح الله، وفرض عليك الصيام للتحلي بصفات ربك، وإن كنت تتذمر وتسلك سلوكيات تراها غير جيدة وتود الإقلاع عنها فرمضان فرصة لمساعدتك على ذلك، فبالإرادة والعزيمة وإطلاق نيتك في التغيير يمكنك ذلك. لنفصل أكثر؛ تخلص مع بداية رمضان من المقتنيات التي تأخذ حيزاً في المنزل ولا تستعملها، أو غير المستخدمة أو البالية، كالأثاث المكسور أو الملابس التي مر على تعليقها أكثر من سنة دون ارتدائها، أو الأوراق الزائدة والصحف والمجلات وغيرها، فإنها تسبب لك الاختناق، وبمجرد إزاحتها ستشعر بالراحة، ويبدأ تفكيرك ينتظم شيئاً فشيئاً. ونظف عقلك من جميع الأفكار التي تسبب لك الضجيج الداخلي، عن طريق تسجيل أي فكرة تطرأ لك على ورقة، بحيث يتفرغ عقلك للعبادة بالتدبر والخشوع، وكذلك فرغ مشاعرك من كل حقد وغل ورغبة في المثالية الزائفة. ولنتذكر أننا كما دخلنا الدنيا فارغي الأيدي سنخرج منها كذلك، ومن الأولى الخروج من الدنيا بقلب طاهر ونقي وهو محط المشاعر؛ ويتطهر قلبك بكثرة الاستغفار المقصود الواعي واستشعار مشاعر التطهير والغسل القلبي، فكما يقول غاندي: "حافظ على أفكارك الإيجابية لأنها ستصبح كلمات، وحافظ على كلماتك الإيجابية لأنها ستصبح سلوكيات، وحافظ على سلوكياتك الإيجابية لأنها ستصبح عادات، وحافظ على عاداتك الإيجابية لأنها ستتحول إلى قيم، وحافظ على قيمك الإيجابية لأنها ستحدد مصيرك".رمضان شهر واحد في السنة فانظر إلى نهايته، وقد أعتقك الله من النار، وتصرف بناء على هذا الاعتقاد باتخاذ الطاعات واسأله التقرب منه بقلب منفتح وعقل صاف وسلوك سليم.