السماح لغير المسلم بممارسة حياته الطبيعية لا يمس المسلم بشيء، بل تلك هي طبيعة التعايش دون إضرار بالآخرين، فإن كان الأكل والشرب يجرحان مشاعر الصائمين، فيجب علينا أيضاً أن نفرض الصيام على جميع ما يعرض على التلفزيونات قبل الإفطار، كذلك مراعاة لمشاعر الصائمين.
يبدو أنني يجب أن أكرر هذا المقال في كل رمضان على أمل أن تتغير الحال في يوم ما، ففي يوم الاثنين تم القبض على وافد يشرب الماء ظهراً بتهمة المجاهرة بالإفطار والتي قد تصل عقوبتها إلى الإبعاد على ما أعتقد، لذلك أكرر مقالي الرمضاني السنوي لعل وعسى العقول تستجيب لما أقول.فأنا ما زلت أجهل سبب إغلاق كل أماكن الطعام في فترة الصيام الرمضانية؟ فلماذا نختزل الدولة التي يقطنها أكثر من 3 ملايين شخص من الديانات والعقائد والأفكار المختلفة بدين واحد فقط؟قد يكون التساؤل أصلاً غير مقبول لدى البعض بحكم أن منع الطعام بالأماكن العامة في رمضان هو ما كبرنا وتأسسنا عليه في الكويت، ولكن إن تحملتم أخذ الموضوع بروية فقد تصلون إلى ما وصلت إليه من قناعة.فالصيام أحد أركان الإسلام كالصلاة والزكاة والحج ويفترض على كل مسلم قادر أن يؤدي تلك الفرائض، ودولة الكويت كسائر البلدان الإسلامية تهيئ الظروف لكل هذه الواجبات الدينية، فتنشئ المساجد وبيوت الزكاة، بل تراعي ساعات العمل أيضاً في شهر رمضان، وكل هذه الأمور لا تؤثر في نمط معيشة غير المسلمين في الدول الإسلامية، وهذا هو الأمر الطبيعي والمقبول، إلا أن منع الطعام وإغلاق المقاهي والمطاعم أمر لا أفهمه بتاتاً، فلماذا يفرض على الجميع ما لا ينطبق إلا على فئة معينة وديانة معينة فقط؟ بل حتى إن أراد غير المسلم أن يشرب الماء في فترة الصيام يعاقب بالحبس لمدة شهر والتهمة مجاهرة بالإفطار!!هناك ديانات وعقائد متنوعة إحداها تصوم عن أكل اللحم مثلاً لمدة معينة من الزمن، فهل يقبل المسلم الذي يعيش في بلد أغلبيته، تعتقد بذلك الدين أن يمنع من اللحم طوال مدة صوم بعض مواطني ذلك البلد عنه؟كما أننا نقع في تناقض آخر غير مفهوم كذلك، فلماذا نمنع أماكن الطعام فقط في فترة الصيام، ولا تغلق الأماكن العامة في فترات الصلاة طوال السنة؟ فالمنطق واحد وهو أن نفرض على الناس جميعاً ما هو مفروض على المسلمين فقط.أعتقد أن مسألة منع بيع الطعام بالأماكن العامة ليست سوى عادات وتقاليد كانت مطبقة حينما كان المجتمع الكويتي محدود العدد جداً دون تنوع في الأديان؛ ليتحول الموضوع رغم التوسع وازدياد السكان إلى قانون دون تعمق في فهم الأمر.السماح لغير المسلم بممارسة حياته الطبيعية لا يمس المسلم بشيء، بل تلك هي طبيعة التعايش دون إضرار بالآخرين، فإن كان الأكل والشرب يجرحان مشاعر الصائمين، فيجب علينا أيضاً أن نفرض الصيام على جميع ما يعرض على التلفزيونات قبل الإفطار، كذلك مراعاة لمشاعر الصائمين.مجدداً قد لا يجد هذا الموضوع الترحيب بل قد يقابل بالاستنكار، لكني لا أجد أن فرض دين واحد على دولة مدنية يتسق مع العقل والمنطق.
مقالات
«شالفكرة»
24-06-2015