السينما والسياسة... وجهان لعملة واحدة

نشر في 18-09-2015 | 00:01
آخر تحديث 18-09-2015 | 00:01
• وزراء فاسدون في الأفلام المصرية

مشهد القبض على وزير الزارعة بتهمة الفساد في مطلع الشهر الحالي، سبق أن شاهدناه مراراً على شاشة السينما عبر أفلام أكَّدت أن الفن غالباً يستشرف فهناك أفلام تعري «فساد» رجال السياسة واستغلالهم السلطة لأجل المصلحة الخاصة. السطور المقبلة قراءة في صورة رجال السياسة في السينما، وكيف تناولت الأخيرة قضايا الفساد، وهل نقلتها عن الواقع، أم العكس؟
«نهر الحب» أحد أبرز الأفلام التي تناولت شخصية الفاسد الطاغية المستبد، وجسدها ببراعة الراحل ذكي رستم، وأدى بطولته كل من عمر الشريف وفاتن حمامة، وأخرجة عز الدين ذو الفقار، طارحاً من خلاله علاقاته غير الإنسانية بزوجته، وشذوذه السياسي والاجتماعي ومركَّبات النقص التي يعانيها وجبروته وتسلطه وكم القسوة التي حكمت تصرفاته.

أما فيلم «القاهرة 30» للراحل صلاح أبو سيف، فشاهدنا من خلاله أكثر الوزراء فساداً في هذه الحقبة الزمنية من خلال الدور الذي جسده الفنان أحمد مظهر، مؤدياً شخصية الوزير الذي يلهث خلف ملذاته، ويقع اختياره على فتاة فقيرة أدت شخصيتها الراحلة سعاد حسني، واستطاع الفيلم أن يحاكي الظروف الاجتماعية والسياسية في ثلاثينيات القرن الماضي.

الزعيم عادل إمام أحد أكثر الممثلين الذين تناولوا قضايا «الفساد» في كثير من أعماله، وكان أحد أهم أفلامه «النوم في العسل» في عام 1996، حيث جسد شخصية العقيد مجدي نور، رئيس مكتب التحقيقات. وفي الفيلم، ظهر وزير الصحة (نظيم شعراوي) كشخصية لا تقوم بمسؤوليتها بالقدر الكافي. وحتى عند استجوابه في مجلس الشعب، كالعادة ينكر وينفي كل شيء، فتتطور الأحداث، ويُطلب منه عادل أمام تقديم استقالته، بسبب الاستهتار بصحة الشعب.

وفي عام 1991، قدم عادل إمام فيلم «اللعب مع الكبار»، حيث طرح شخصية البرلماني الذي حاول الهرب بمخدرات داخل حقيبته، معتمداً على حصانته البرلمانية في ظل حماية من منظومة وزارية فاسدة.

وفي «الواد محروس بتاع الوزير» عام 1999، قدم الفنان الكبير كمال الشناوي شخصية الوزير الفاسد، فيما الزعيم يستغل نفوذه ليحتل منصب مدير مكتبه، وهو لا يجيد القراءة والكتابة، ويستخدمه في التستر عليه في بعض أعماله حتى يتم اكتشاف الأمر، والقبض عليه.

السيناريست الكبير وحيد حامد طرح بحرفية عالية علاقة السلطة بالفساد في فيلمه «طيور الظلام»، حيث تناول  فكرة الوزراء الذين يسعون إلى تثبيت مقاعدهم الوزارية عبر وجودهم في البرلمان، وذلك عن طريق الوزير الفاسد جميل راتب، الذي يستعين بفتحي نوفل (عادل إمام)، وهو محام مغمور يتحول من محام ملتزم صاحب مبادئ إلى انتهازي يستغل ثغرات القانون في أموره الشخصية لأجل مصالح الوزير وأهدافه.

ولم يغفل الراحل أحمد زكي تجسيد دور الوزير الذي تؤرقه أفعاله التي تشوبها ملامح الفساد، في فيلم «معالي الوزير»، بعدما أُختير رأفت رستم (أحمد زكي) عن طريق الخطأ لتشابه اسمه مع اسم شخص آخر، وينجح في البقاء في منصبه فترة طويلة مع تكرار الكوابيس التي تظهر فساده نتيجة تربحه من استغلال منصبه‏.

«هدى ومعالي الوزير»

أما فيلم «هدى ومعالي الوزير» الذي أخرجه سعيد مرزوق، وأدت بطولته نبيلة عبيد، وشاركها الفنان يوسف شعبان، فقدم صورة الوزير المنحرف بإغواء المال. والفيلم عن قصة واقعية لصاحبة الكثير من قضايا القروض، وخلال الحوادث تحقق هدى أحلامها وطموحاتها بطرق ملتوية، فتحتاج إلى حماية حكومية، عندها تلجأ إلى الوزير الذي جسد شخصيته يوسف شعبان بإتقان ليضاف إلى قائمة وزراء السينما المصرية الفاسدين.

في هذا السياق، ترى الناقدة ماجدة خيرالله أن السينما والقيمين على الأعمال فيها استطاعوا أن يقدموا على شاشاتها قضايا عدة تتعلق بالفساد وبأنواع  مختلفة، لكن غلبت على معظمها السطحية في معالجة القضية ولم تسعَ إلى تقديم حل أو مخرج لها، وهو ما يمكن أن يصيب المٌتلقي بإحباط مع إصرار السنمائيين على تقديم السينما بشكل يعتمد على رصد الواقع ومخلفاته من دون محاولة لتقديم حلول.

وأكدت خير الله أن السينما لم تظلم أحداً، فالواقع تخطى ما قدم في السينما، وأن الأفلام التي وردت فيها قضايا فساد لسياسيين، وعرض أعمال الفساد التي يقوم بها المسؤولون لم يختلف كثيرا عما حدث على أرض الواقع.

 بينما يرى الناقد محمود قاسم، أن ما تقدمه السينما من قضايا فساد من  المسؤولين قد يؤثر في أوقات كثيرة بالإيجاب على الواقع من خلال إرشادات لتفادي حدوث هذا النوع من الفساد، خصوصاً مع تسليط الضوء عليه من حين إلى آخر، مضيفاً: «دائما ما تكون السينما المرايا التي تعكس الواقع، ما يؤكد أنً السينما والسياسة وجهان لعملة واحدة، لأن السياسة تمثل الواقع والسينما هي محاكاة لهذا الواقع من خلال محاولة السينما في رفع وعي المتلقي سياسياً».

back to top