تشكيل «هيئة انتقالية» في سورية لم يعد إلزامياً
تنازلات أميركية قادت إلى بيان رئاسي أممي بلغة جديدة
البيان الرئاسي، الذي صدر عن مجلس الأمن أمس الأول، دعماً لجهود المبعوث الدولي إلى سورية ستيفان ديمستورا، لا يمكن التعامل معه من وجهة نظر القانون الدولي، على أنه يتمتع بصفة إلزامية تجعله مرجعاً دولياً.لكن أهميته تكمن في أنه يؤشر إلى تفاهمات جديدة تحتاج إليها القوى الكبرى، تمهيداً لتحويل «الإنجازات» إلى مشروع قرار إلزامي يقطع مع المراوحة.
تقول أوساط دبلوماسية دولية واكبت النقاشات المكثفة، التي دامت نحو شهر، إن صدور القرار كان متعذراً لو لم توافق واشنطن على تمرير لغته التي اعتبرت جديدة في هذا السياق.فهو فضلاً عن تأجيله بت مصير الرئيس بشار الأسد، استخدم عبارات مطاطة، حين أكد ضرورة الشروع في عملية سياسية تفضي إلى انتقال سياسي «بطرق منها إنشاء هيئة حكم انتقالي»، نازعاً صفة الإلزام الموجودة في بيان «جنيف 1» الصادر عام 2012. تقول تلك الأوساط إن تنازلاً حقيقياً حصل حين تم التشديد على أولوية محاربة الإرهاب، وعلى عدم إلزامية تشكيل هيئة الحكم الانتقالي، الأمر الذي أبقت فنزويلا اعتراضها الشكلي عليه، عبر قبولها بالصيغة التي أُقرت مقابل «نأيها» بنفسها عن معارضة البيان أو تأييده.تضيف تلك الأوساط أن البيان يشكل نقطة تقاطع دولية، علماً أن تناقضات إقليمية تتحول إلى استعصاءات حين يتقدم النقاش في مستقبل سورية.وتتناقل الأوساط تسريبات عن «تباينات» روسية - إيرانية، تسبب فيها نشاط موسكو الحثيث لتوسيع دائرة اتصالاتها مع المعارضة السورية وقوى إقليمية، تستميلها لتكوين إجماع سياسي، يأخذ في الاعتبار ضرورة البحث بمستقبل النظام السوري، وقد لا يكون الأسد في نهاية المطاف جزءاً منه.وتنقل تلك الأوساط أن الإيرانيين أنفسهم يعتبرون أن مستقبل دورهم السياسي في سورية قد لا يكون مرهوناً باستمرار الأسد، خصوصاً أن رهانهم لا يأخذ في الاعتبار صيغة الحفاظ على أكثر من «سورية المفيدة» إذا تعذر الحفاظ عليها موحدة. هذا ما أظهرته المفاوضات التي تجريها طهران مع فصائل مقاتلة من المعارضة السورية في مدينة الزبداني، التي تريد «تطهيرها» تمهيداً لربط مناطق نفوذها.وتختم تلك الأوساط بالقول إن واشنطن، التي مررت تلك «التنازلات» في متن البيان الرئاسي، تراهن على تناقضات لا يمكن حجبها طويلاً بين اللاعبين الذين يتولون تسويق صيغة للحل، بينما هي تشكك في نجاح تلك الجهود على المدى الطويل، بعد أن ضمنت إجماع كل الأطراف على أولوية محاربة الإرهاب، وتَحَوّل البحث في مستقبل الأسد إلى مشكلة للآخرين.