أول العمود:

Ad

 في مشهد عبثي يمثل حال مؤسسات الدولة، معهد الأبحاث يطلق آلاف الأسماك في جون الكويت في حين مجارير تصريف مياه المناطق الصناعية تسكب مخلفاتها فيه بلا خجل!

***

مع تدفق آلاف الهاربين من جحيم الاقتتال في سورية خلال الأيام القليلة الماضية برزت الدعوات لاستضافة أعداد منهم في دول الخليج الغنية بالنفط، وانطلقت أصوات محلية لمد يد العون للأشقاء السوريين وإن كانت دعوات خجولة.

وفي نظري أن استقبال لاجئين في دولة الكويت يجب ألا يكون شعارا يطلق في الهواء هكذا، فهي مهمة جادة وليست بنزهة، ولست من محبي التخندق خلف لعبة "مع أم ضد"، لكنني أميل إلى دراسة الإمكانات والظروف والتبعات لقرار مثل هذا. نعم يجب أن نكون إنسانيين بالدرجة الأولى، وأن نقدر حجم المأساة التي يتعرض لها الشعب السوري لكنني قبل ذلك أطرح مثل هذه الأسئلة:

- هل سيكون قرار الاستضافة سليماً إن اتخذته الدولة منفردة، أم يجب أن يكون ضمن تنسيق خليجي؟

- وهل للكويت وباقي شقيقاتها الخليجيات سابق خبرة في استضافة لاجئين بأعداد قد تتراوح ما بين 5 و10 آلاف شخص؟

- وهل هناك بوادر في الأفق المنظور لحل سياسي للمشكلة السورية؛ مما يسهل عودة اللاجئين بعد قضاء مدة يتم احتمالها أمنيا وسكانيا في الكويت؟

- بما أن سورية أصبحت ملاذاً للإرهابيين فما الضمانة لعدم تسرب إرهابيين من بين اللاجئين ودخولهم الساحة الكويتية التي لا تزال تُكوى بنار الطائفية القادمة من الساحة السورية أصلاً؟

- وكيف يمكن رسم برنامج قصير الأجل، وآخر طويل الأجل لاستضافة اللاجئين تبعا لمسار الحالة السورية؟

أسئلة كثيرة تتطلب إجابات من أجل استضافتهم كما يجب، أو الاستمرار في السياسة الكويتية الحالية بالدعم المالي للسوريين من خلال قنوات الوكالات الدولية، أو عقد سلسلة مؤتمر المانحين السخية. (عقدت الكويت 3 مؤتمرات لسورية منذ 2013 حصدت 3.8 مليارات دولار إلى الآن، وبحصة كويتية بمقدار مليار و300 مليون دولار).

في الكويت- وهي خامس المتبرعين عالميا للسوريين- وحسب مفوضية شؤون اللاجئين 120 ألف سوري يقيمون بتأشيرات إقامة صالحة، وقد أبلغت السلطات المحلية المفوضية أن الجالية السورية سيتم استثناؤها من شروط الإقامة بعد انتهاء مدتها تقديرا لظروفهم.

لكن يبقى القول إن حجم المأساة كبير ولابد من فعل نوعي يأخذ في الاعتبار إجابات الأسئلة الأساسية التي طرحناها أولاً، وهنا يمكن البحث في بدائل كاستضافة أعداد توائم القدرة الإدارية للدولة من خلال نظام لمّ شمل العائلات السورية المقيمة داخل الكويت، ودعم دول الاستضافة الرئيسة للاجئين السوريين كلبنان (يستضيف 1.172.753 لاجئا) والأردن (يستضيف 629.128 لاجئاً).

خلاصة القول أن ملف اللاجئين السوريين الذي لم يتكرر كمشهد منذ الحرب العالمية الثانية يتطلب جهداً دولياً كبيراً لا جهود دول منفردة، فها هو الاتحاد الأوروبي يطلق إشارات التخوف من استمرار أزمة السوريين، وهناك دول ترفض فرض نظام الحصص الذي اقترحته ألمانيا وفرنسا لاستقبالهم، كما تتداول فكرة إعادة توطين اللاجئين في أماكن آمنة، أخذا في الاعتبار التحذير الذي أطلقه المبعوث الأممي في سورية من أن مليوني سوري إضافيين قد ينضمون للهجرة هربا من مجازر متوقعة غرب سورية.