الفنانة التشكيلية ريهام السعدني:
الأنثى {بطل} لوحاتي ولا أعرف الرجل كي أتحدث عنه
يستحوذ موضوع الجسد مساحة واسعة في لوحات الدكتورة ريهام السعدني، إذ ارتبطت دراستها بالأداء، إلا أن تخصصها وعملها الأكاديمي كأستاذ في كلية التربية الفنية لم يطغيا على تلقائيتها وهو ما بدا جلياً في طرحها الفني إذ صنع لديها نوعاً من التوازن وجعلها تختلف عن الآخرين.
حول مشاركتها بملتقى الأقصر للتصوير ومسيرتها التشكيلية كان الحوار التالي مع السعدني التي تقيم بين مصر وأميركا.
حول مشاركتها بملتقى الأقصر للتصوير ومسيرتها التشكيلية كان الحوار التالي مع السعدني التي تقيم بين مصر وأميركا.
بعد مشاركات في الخارج يلتقى جمهور الفن التشكيلي بأعمالك للمرة الأولى في ملتقى الأقصر للتصوير، فكيف تقيّمين هذه التجربة؟ بالفعل للمرة الأولى يتم ترشيحي لملتقى يقُام في مصر، ذلك أن مشاركاتي جميعها في الخارج ، ولكن هذا الملتقى تطلب مدة تصل إلى شهرين على الأقل لكي يتشبع الفنان بوقت كافٍ لتكوين مكتبة مرئية في مخيلته حول هذا العالم. استمتعت بالحوارات والندوات التي أقيُمت على هامش الملتقى، وزرت المقابر والمتاحف في الأقصر، ولاحظت أن المصري القديم كان يحضّر للحياة الثانية، وأفضل تعبير عن هذه الحالة هو رسم سيدة، ثم رأيت «قلادة الشجاعة» وهي عبارة عن ثلاث ذبابات فوضعت هذه القلادة على عنق سيدة التي من الممكن أن تكون ملكة، أما اللوحة الثانية فهي عن حتشبسوت.
يستحوذ موضوع الجسد، لا سيما جسد المرأة على جزء كبير من لوحاتك.. فما الذي يدفعك إلى التركيز عليه؟ربما يعود ذلك إلى نوعية دراستي، أرى أن اللغة جسدية وليست لفظية، وبالتالي شكل الأداء، سواء الجلوس أو طريقة النظرة أو المبالغة في تصغير أشياء من الجسد، لغة تقول شيئاً، فبدأت ألعب على هذه الجزئية، ولكن لم أصل إلى نتيجة أرتضيها لغاية الآن.يتجلى انحيازك إلى الأنثى بشكل كبير، هل يعُزى ذلك إلى كونك أنثى؟ ليس انحيازاً بل لأني أقرب في أحاسيسي إلى المرأة، وكوني امرأة وأغلب حديثي مع الأنثى شعرت بها بشكل كبير، تماماً مثل الشخص الذي يعزف موسيقى بأدوات معينة يجيدها فلا يذهب إلى أداة أخرى، وربما لأن عملي قائم على الناحية النفسية، فللون مفهوم نفسي، كذلك التكوين والأداة في اللوحة، لا أعرف نفسية الرجل بشكل كبير لأن احتكاكي به قليل، ويكون عن طريق بعض الأصدقاء وهذا ليس كافيا بالنسبة إلي، ثم الطالبات ينجذبن إلى الحديث معي أكثر من الطلاب.. بالتالي لا قدرة لدي للإمساك بالحالة النفسية للرجل للتعبير عنها، وإن كنت بدأت أفك ذلك، في الفترة الأخيرة، بالحديث أكثر مع زوجي والأصدقاء، وأصبحت لدي جرأة للحديث، وبدأت أدخل الرجل في موضوعاتي الفنية. عموماً، بغض النظر عن الرجل أو المرأة، ما يشغلني هي الحالة الإنسانية التي تتجسد في أي منهما، فأنا أتحدث عن إنسانيات بحتة، ولا جنوح ناحية الأنثى.
رؤية فنية خاصة
تؤدي الألوان القوية دوراً في لوحاتك، فما الذي يدفعك لاستخدامها؟ أحب الألوان المنورة الصاخبة، وأعمل «كنترولا» كي لا أضع ألواناً كثيرة، لأني أكون مثل الأطفال الفرحين باللون، وبالطبع عندما يكبر الفنان تتقلص لديه هذه الرغبة في مقابل الرؤية الفنية والقراءات التي تسيطر عليه، يتصدر الأزرق في أعمالي، ولا أحب العمل بألوان هادئة إلا فيما ندر. في رسوماتك نرى الشيء ونقيضه هل ثمة سرّ ما؟ برأيي، يساهم ذلك في إمتاع المتلقي، فعندما يرى عنصراً واحداً أو فكرة واحدة في اللوحة ربما يشعر بالملل، لكن الأمر يختلف بالطبع لدى رؤية الشيء ونقيضه في اللوحة ذاتها، فنحمله على حسب حالتنا، وأكسب المتلقي في تعاطفه أو استمتاعه بالحالة في أي مزاج كان، لأننا بحد ذاتنا نتغير من وقت إلى آخر.ثمة حوار بينك وبين لوحتك فهل لك أن تكشفي ملامحه، وما هي طقوس الرسم لديك؟أتحدث مع اللوحة ونتبادل العراك إلى أن تنتهي، وأشعر بأنها تعافر حتى لا أنهيها. من طقوس الرسم الاستماع إلى الموسيقى ولا صوت آخر، المرسم هو محرابي، وعندما أدخل في حالة ما أو أحضّر لمعرض أمكث فيه. عادة يكون الأكاديمي مقيداً بقواعد ونظريات، هل أثر عملك الأكاديمي على رؤيتك الفنية؟ من حسن حظي أنني تخرجت في كلية التربية الفنية بالقاهرة وليس الفنون الجميلة، بمعنى أنه ليس لدينا الجرعة الأكاديمية الضخمة التي تؤخذ في كلية الفنون الجميلة وهذا سبب الخلاف بين الكليتين، إذ تتهم كل كلية الثانية بأنها تجهل الرسم، وسبب الخلاف أنه ليس لدينا صوت أكاديمي عالٍ، فطبيعة الكلية ليست منوطة بالحديث عن الناحية الجمالية أو التربية بل عن الإنسان، وتهتم بالجزء التربوي الخاص به. لم تؤثر دراستي عليّ بشكل كبير لأنني تشربت جرعة تلقائية وليس أكاديمية، درست خمس سنوات ثم نلت الماجستير والدكتوراه، وأرى أنني قريبة إلى من يرسم على سجيته، ربما ساعدتني ثقافتي الشخصية ومتابعة دورات فنية خارج مصر على تحقيق توازن، لست مقيدة مثل كثير من الفنانين الذين يخضعون لدراسات لها علاقة بالناحية الأكاديمية فيضعون فنهم في قوالب لنفاجأ بأنهم يشبهون بعضهم البعض.لغة خاصة
لكل فنان تشكيلي لغته الفنية التي تعُد محصلة تجاربه وقراءاته ومشاهداته، والفنانة ريهام السعدني تلم بتجارب عدة ولها لغتها الخاصة، رغم أنها قضت مراحلها العمرية الأولى خارج مصر وعادت إليها في مرحلتها الجامعية. حول كيفية تشكيل وجدانها الفني تقول: «وجدت الجزء الخاص بالحكايات والسرد والأساطير ملهماً، وبحكم عملي منحني الماجستير والدكتوراه فرصة للقراءة والاطلاع». تقيم ريهام السعدني راهناً بين مصر والولايات المتحدة الأميركية. قدمت منذ 2002 لغاية الآن أكثر من 15 معرضاً خاصاً بين مصر والخارج، آخرها في كامبردج، بوسطن، الولايات المتحدة (2016) . كذلك شاركت في معارض جماعية داخل مصر وخارجها، ومثلت مصر كقومسيير في صالون الخريف في فرنسا في 2008، وبينالي الفوتوغرافيا في 2010 .
أحب الألوان المنورة الصاخبة ولوحاتي تتمرد عليّ
أحرص على الاستماع إلى الموسيقى أثناء ممارسة الرسم
أحرص على الاستماع إلى الموسيقى أثناء ممارسة الرسم