أكد رئيس هيئة الإغاثة الإسلامية العالمية، التابعة لرابطة العالم الإسلامي، د. إحسان الطيب أن «العمل الخيري الإسلامي لا يفرق بين مسلم وأي إنسان يعتنق دينا آخر وفقا لأحكام نجدة الملهوف التي دعا إليها إسلامنا الحنيف، لأن المسلمين مدعوون إلى إغاثة المستضعفين في الأرض». وحذر د. الطيب، في حوار مع «الجريدة»، من أن هناك منظمات خيرية ترفع شعار تقديم العون والإغاثة الإسلامية، لتحقيق مآرب سياسية، وهذا يضر بصورة العمل الخيري الإسلامي، داعيا إلى الحفاظ على مؤسسات الوقف الإسلامية، لأنها مصدر مهم لسد حاجة فقراء المسلمين... وفي ما يلي نص الحوار:

Ad

• حدثنا عن أنشطة الهيئة في الفترة الأخيرة؟

- الهيئة وبحكم انطلاقاتها من بلاد الحرمين الشريفين الطاهرة، لم تتوان عن تقديم يد المساعدة لكل المنكوبين حول العالم، فهي تسارع إلى الوقوف بجوار كل من يتعرضون للكوارث والمتأثرين من الصراعات السياسية والعرقية والطائفية أو بسبب الكوارث الطبيعية مثل الزلازل والأعاصير وغيرها.

وتقدم الهيئة فورا خدماتها ومساعداتها طبقا لاحتياج المحتاجين، مثل المساعدات الغذائية العاجلة والمساعدات الطبية للدول التي تتعرض لكوارث طبيعية، وفي البلاد الفقيرة تقوم الهيئة بأنشطة مكثفة لتحقيق التنمية في تلك البلاد من خلال مشروعاتها التنموية.

• هل يقتصر هذا العمل الخيري على نجدة الدول الإسلامية؟

- الهيئة وهي تقوم بذلك الجهد الخيري لا تفرق بين المسلم وغير المسلم، فالمنكوب تتم نجدته بغض النظر عن دينه أو معتقداته أو لونه أو عرقه، ونحن نتعامل وفق أحكام نجدة الملهوف فى الإسلام، فقد علمنا النبي (ص) أن إغاثة الملهوف من الواجبات التي تقع على عاتق المسلم حتى ولو كان الملهوف أو المظلوم غير مسلم أو قد يكون من غير البشر أصلا.

وقد اتفقت كل منظمات المجلس الإسلامي للدعوة والإغاثة على المبدأ الذي أقره الفقهاء القدامى، والذي يؤكد أن المسلمين مدعوون لإغاثة الملهوفين، وإنقاذ المستضعفين في الأرض من خلق الله، وإن لم يكونوا مسلمين، لأن رفع الظلم والأذى عن جميع الناس مطلوب من المسلم إذا كان قادرا عليه، ما لم يكونوا محاربين للمسلمين، والهيئة من أجل هذا تسعى لرسم الفرحة في وجوه كل الفئات المنكوبة.

• تعرض العمل الخيري في الفترة الأخيرة لبعض المطاردات بسبب انخراط عدد من مؤسسات العمل الخيري في النشاط السياسي، فكيف تواجهون تلك التحديات؟

- نحن ومنذ فترة طويلة نشرف على كل مشروعاتنا الخيرية بأنفسنا، منعا لأي اختراق يحدث للهيئة من قبل بعض من يتسترون خلف العمل الخيري لتحقيق مآرب سياسية، ونحن نرفض الخلط بين العمل الخيري والسياسة.

 ولعل هذا ما جعلنا نوافق فورا على شطب عشر منظمات من عضوية المجلس الإسلامي العالمي للدعوة والإغاثة، بسبب انخراط تلك المنظمات في السياسة بما يسيء للعمل الخيري الذي لابد أن يكون خالصا لوجه الله تعالى.

وعلى الجانب الآخر نحن نرفض الاستهداف الذي يتعرض له العمل الخيري الإسلامي لا لشيء إلا لكونه إسلامي المنشأ والهوى، في الوقت الذي يترك فيه الغرب الإرساليات التبشيرية التي تعيث فسادا في القارة الإفريقية الفقيرة، وتخرج الناس من دينهم بالرشاوى المالية استغلالا لظروفهم المعيشية الصعبة، ونحن كما نرفض العمل الخيري الذي يرتدي ثوب السياسة نرفض العمل الخيري الذي يخرج الناس من دينهم عن طريق المساعدات.

• بصفتك ممثلا لواحدة من كبرى الهيئات الإغاثية في العالم، كيف ترى دور الزكاة في دعم العمل الخيري الإسلامي؟

- الأثرياء المسلمون حريصون، والحمد لله، على توجيه زكاة أموالهم في أوجهها الشرعية الصحيحة، والواقع يؤكد أن كثيرا من أثرياء المسلمين يؤدون فعلا ما عليهم من زكاة، لكن المشكلة أن كل واحد منهم يصرفها منفردا، ولهذا لا تحقق الهدف الذي شرعت من أجله، فالأمر يحتاج فعلا إلى تكامل عربي إسلامي في هذا المجال الحيوي.

 ويجب أن يعمل علماء الدين على الاجتهاد قدر الإمكان لتبصير المسلمين بأهمية الزكاة الشرعية، ومن الممكن أن تشكل هيئة موحدة تصرف تلك الأموال في مصارفها الشرعية، ولا ننسى في هذا الإطار أيضا الوقف، فلو نجحنا في توعية الأثرياء المسلمين بدور الوقف كما قلت في السابق فإننا سنتخلص سريعا من الفقر والجوع نهائيا.

ومن الممكن أن نطرح حينذاك فكرة أن يقوم رجال الأعمال العرب والمسلمون بتأسيس بنك شعبي لاستثمار أموال الزكاة لصالح الفقراء، وقد يكون هذا البنك الشعبي نواة لصندوق النقد الإسلامي، باختصار نحن في حاجة إلى أن نؤمن بالمبدأ الإسلامي الداعي إلى الوحدة، فإذا اجتمعنا معا واستمع كل منا إلى الآخر فسنصل بدون شك إلى حلول شرعية وعلمية وأخلاقية لكل مشكلاتنا، ونستطيع أن نقول للعالم كله حينذاك إننا ومن منطلق ديننا وهويتنا وثقافتنا نقدم هذه الرؤية لحل مشكلاتنا التي نعانيها، وسيكون هذا بداية الطريق الصحيح.

• هل يعد العمل الإغاثي الإسلامي أحد أوجه الدعوة؟

- العمل الإغاثي من أهم الصور الناصعة للإسلام والدعوة، فهناك أعداد غفيرة دخلت الإسلام من بوابة العمل الإغاثي، خاصة في إفريقيا وشرق آسيا، فعندما يشاهدون أشخاصا مسلمين جاؤوا إليهم من أقصى بقاع الأرض لنجدتهم، يفكرون ويراجعون أنفسهم، خاصة أن العديد منهم لا يعرف شيئا عن الإسلام، وهناك الكثير ممن دخل الإسلام ونقوم بتوجيهه إلى ممارسة العمل الإغاثي الإسلامي، كي يصبح نموذجا يحتذى به ويستقطب مسلمين جددا.