حسم الرئيس الأميركي باراك أوباما أمس موقفه من أبرز نقطة خلاف في جهود إحلال السلام في سورية برفضه أي تصور يبقي الرئيس بشار الأسد في السلطة أو مشاركته في الانتخابات المحتملة، في وقت اتهم الأخير واشنطن بالوقوف خلف تشكيل تنظيم "القاعدة" و"داعش" ودولاً غربية ومعها السعودية وقطر وتركيا بتشكيل حاضنة لهما.

Ad

بعد أيام على لقاء جمعه بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين ظهرت على إثره بوادر الاقتراب من اتفاق لإنهاء الصراع السوري، اعتبر الرئيس الأميركي باراك أوباما أمس أن الحرب في سورية لا يمكن أن تنتهي بدون رحيل الرئيس بشار الأسد، مستبعداً بذلك الاقتراحات باحتمال مشاركته في الانتخابات المحتملة التي توافقت عليها نحو 20 دولة وتضمنها "إعلان فيينا".

وقال أوباما، على هامش قمة منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ في مانيلا: "القول الفصل هو أنني لا أرى موقفاً يمكننا فيه انهاء الحرب الأهلية في سورية مع بقاء الأسد في السلطة"، مشدداً على أن "السوريين لن يقبلوا ببقائه في السلطة بعد الحرب التي شهدت قيام النظام بهجمات ضد المدنيين".

وأوضح أوباما أنه "لا يمكن حمل الشعب السوري-أو غالبيته- على الموافقة على هذه النتيجة"، مضيفاً: "حتى لو وافق، فلا أعتقد أن الأمر سينجح".

ولفت الرئيس الأميركي إلى أن الأمر قد يتطلب بضعة أشهر حتى تقبل روسيا وايران والنخبة السورية لهذه الحقائق، مشيراً إلى أن موسكو وطهران تعتبران "داعش خطراً حقيقياً" لكن جهودهما منصبة على دعم الأسد.

في المقابل، أعاد الأسد رفضه الحديث عن تحديد جدول زمني للمرحلة الانتقالية في سورية قبل "إلحاق الهزيمة بالارهاب"، معتبراً أن ذلك غير ممكن في ظل بقاء بعض المناطق في البلاد تحت سيطرة المعارضة.

وفي مقابلة بثتها محطة التلفزيون الإيطالي الرسمية "راي" أمس الأول، قال الأسد إن "بعض المسؤولين الأميركيين من بينهم وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون أكد في تصريحات ان القاعدة تأسست من قبل الأميركيين وبدعم الأموال السعودية"، مشيراً إلى أن "داعش أسس في العراق عام 2006 تحت الإشراف الأميركي وزعيمه أبوبكر البغدادي سجن في نيويورك ومن ثم أطلق سراحه، إذاً لا علاقة لسورية بالأمر؟".

وأضاف الأسد: "إذا قرر السوريون خلال الحوار إجراء انتخابات رئاسية، فليس هناك خط أحمر فيما يتعلق بهذا الأمر، لكن هذا ليس قراري، ينبغي أن يخضع ذلك للتوافق بين السوريين".

وإذ شدد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أمس على أنه لا حل سلمياً بدون الأسد، اشترط احترام سيادة نظامه للتعاون مع الائتلاف الدولي بقيادة الولايات المتحدة لمحاربة "داعش"، وقال، بحسب وكالة "تاش" الروسية: "نحن مستعدون لتعاون عملي مع دول الائتلاف وللعمل معها لتحديد الشروط التي ستحترم على وجه التأكيد سيادة سورية والامتيازات التي تتمتع بها القيادة السورية".

وأعرب لافروف عن قناعته بأنه يمكن التوصل إلى هكذا صيغة، مبيناً أنه لاحظ تغييراً في الموقف الغربي للمرة الأولى بعدما وجه الرئيس بوتين دعوة إلى تشكيل تحالف واسع لمحاربة "داعش" وإعطائه أمراً بالتعامل كحليف مع فرنسا، التي اقترحت على موسكو الانضمام الى ائتلاف موسع ضد "داعش" بعد ان كانت بالأمس القريب حذرة جداً أمام التدخل الروسي.

وفيما يعتزم لافروف زيارة تركيا في 25 نوفمبر بالتزامن مع زيارة مماثلة يقوم بها وزير الخارجية وليد المعلم في اليوم نفسه لموسكو، أجرى رئيس هيئة الأركان الروسية المشتركة فاليري غيراسيموف أمس محادثات مع نظيره الفرنسي بيير دو فيلييه حول ما يجري في سورية في أول اتصال من نوعه منذ بدء النزاع في أوكرانيا العام الماضي.

وجاء في بيان لوزارة الدفاع الروسية أن الرجلين "ناقشا على الهاتف تنسيق العمليات العسكرية للقوات ضد إرهابيي تنظيم الدولة الاسلامية في سورية"، مضيفاً أن المكالمة استمرت ساعة.

وفيما يعتزم لافروف زيارة تركيا في 25 نوفمبر لبحث الأزمة السورية، نقلت وكالة "سبوتنيك" أمس عن مصدر في السفارة السورية في موسكو أن وزير الخارجية وليد المعلم سيقوم بزيارة في اليوم نفسه لموسكو، ليبحث مع نظيره الروسي الأزمة والحرب ضد الإرهاب.

هدنة الغوطة

وعلى الأرض، انحسرت العمليات العسكرية على أطراف الغوطة الشرقية لدمشق صباح أمس رغم فشل النظام والفصائل المقاتلة بقيادة "جيش الإسلام" في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار لمدة أسبوعين.

ووفق المرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن جبهات دوما وحرستا تشهد هدوءاً حذراً، فيما استمرت الاتصالات بين الطرفين للتوصل إلى اتفاق، الأمر الذي أكده مصدر أمني سوري رفيع، مشيراً إلى أن "الاتصالات لا تزال في بدايتها وقد تحتاج لأيام أو أسابيع كي تثمر نتائج". وقال: "نحن منفتحون على أي تسوية توقف سيل الدماء".

وفي حين أوضح المصدر السوري أن "للحلفاء الروس دوراً مباشراً في التواصل مع الجهات التي تدعم الفصائل المسلحة"، أعلن نائب مستشار الأمن القومي الأميركي بن رودس أن الولايات المتحدة تريد العمل مع دول أخرى لتزويد قوات المعارضة التي تقاتل "داعش" بأسلحة اضافية، موضحاً، على هامش القمة الآسيوية، أنها تريد التزاماً محدداً جداً من تركيا بتأمين حدودها مع سورية.

 مدفعية روسية

وفي تطور مهم، عرض قادة الجيش الروسي الثلاثاء، خريطة على بوتين تحمل إشارة الى وحدة مدفعية وهو ما يدل على أن مشاركة الكرملين ربما تكون أعمق مما كان يعتقد فيما سبق. وفي لقطات بثها التلفزيون رصد الخريطة مدون حاد البصر معني بالشؤون العسكرية الروسية وظهرت بها نقطة قرب بلدة صدد بين حمص ودمشق تصاحبها كلمات "(5 جاباتر) (إيه. بي. آر120) (إيه 65 بي إم. إس. تي. إيه. بي)، ست قطع من 14.00 الى 06.11". وتعبير جاباتر هو اختصار شائع للإشارة الى "بطارية مدفع هاوتزر" أما الاختصار إيه. بي. آر فهو يدل على "لواء مدفعية". والتصنيف (2 إيه 65 بي إم. إس. تي. إيه. بي) يصف نوعية من مدافع هاوتزر يستخدمها الجيش الروسي.

(دمشق، مانيلا، موسكو، واشنطن، طهران، باريس-  أ ف ب، رويترز، د ب أ، كونا)

5 ملايين دولار للقبض على الشمالي

عرضت الولايات المتحدة جائزة قيمتها 5 ملايين دولار لمن يقدم معلومات تساعد في إلقاء القبض على الجهادي السعودي طارق الجربا، المكلف بنقل مقاتلين أجانب إلى تنظيم داعش سورية.

وقالت وزارة الخارجية الأميركية إن الجربا، المعروف باسم أبومحمد الشمالي، عضو مهم في التنظيم، موضحة أنه يعيش في مدينة جرابلس بشمال سورية على الحدود مع تركيا.

وانطلاقا من هذه المدينة، ينظم مرور المقاتلين الأجانب القادمين من أستراليا وأوروبا أو الشرق الأوسط للانضمام إلى صفوف "داعش"، وهو يدير مركز تجنيد في عزاز قرب حلب.

ووصفت الولايات المتحدة والأمم المتحدة الشمالي بـ"الإرهابي"، وتم تجميد ممتلكاته ومنعه من السفر. وحسب الأمم المتحدة، فإن عمره 35 عاما، وسيبلغ الـ36 اليوم. وهو ينحدر من السعودية، وكان عضوا في تنظيم القاعدة.

وفي 29 سبتمبر، أعلنت وزارة الخزانة الأميركية أسماء 15 شخصا فاعلا في "داعش"، وضعتهم على اللائحة السوداء، ومن بينهم السعوديان طراد الجربا وناصر الحربي.

(واشنطن - أ ف ب)