وجهت باريس تحذيراً خجولاً لواشنطن بعد فضيحة تجسس الولايات المتحدة على آخر 3 رؤساء فرنسيين، في وقت وقعت الرياض وباريس عقوداً عسكرية واقتصادية بقيمة 12 مليار دولار.

Ad

حذر الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند أمس بأن بلاده "لن تسمح بأي أعمال تعرض أمنها للخطر" معتبراً أن قيام الولايات المتحدة بالتجسس على مدى سنوات على آخر ثلاثة رؤساء فرنسيين "غير مقبول".

وعلى إثر نشر موقع "ميديابارت" وصحيفة "ليبيراسيون" مساء أمس الأول وثائق سرية سربها موقع "ويكيليكس" وتكشف عن عمليات تجسس مارستها واشنطن على هولاند وسلفيه نيكولا ساركوزي وجاك شيراك على مدى سنوات، أعلن الرئيس أن حكومته تدين هذه "الوقائع غير المقبولة"، وقد دعا إلى عقد اجتماع لمجلس الدفاع.

واستدعى وزير الخارجية لوران فابيوس السفيرة الأميركية في باريس جاين هارتلي، بحسب ما أفادت به مصادر دبلوماسية.

غير أن المتحدث باسم الحكومة ستيفان لوفول صرح من جانبه أن "ما حصل غير مقبول، لكنه لا يعني أننا سندخل أزمة" في حين نددت المعارضة اليمينية بسلوك "خطير" منتقدة "خرق ميثاق الثقة" بين حليفين قديمين. وقال لوفول إن بلاده سترسل مسؤولاً كبيراً في المخابرات إلى الولايات المتحدة في الأيام المقبلة لبحث التسريبات.

وبحسب الوثائق السرية المنشورة، فإن وكالة الأمن القومي الأميركية تنصتت بين عامي 2006 و2012 على الأقل على هولاند الذي انتخب عام 2012 وساركوزي (2007-2012) وشيراك (1995-2007).

وكان المستشار السابق لدى الوكالة إدوارد سنودن سرب معلومات عام 2013 كشفت عن نظام واسع النطاق تطبقه وكالة الأمن القومي لمراقبة الاتصالات الهاتفية والإنترنت، ولا سيما الاتصالات في ألمانيا وصولاً حتى إلى الهاتف الجوال الخاص بميركل، على مدى سنوات.

والمعلومات الجديدة المنشورة تنقل فحوى أحاديث بين المسؤولين الفرنسيين دون أن تفضح بشكل أساسي أسرار دولة.

البيت الأبيض

وأكد البيت الأبيض من جانبه، أن الولايات المتحدة لا تتنصت على اتصالات هولاند، ومن غير المرجح قيام أزمة دبلوماسية دائمة بين البلدين الشريكين في مواجهة عدد من النزاعات والأزمات في العالم.

وصرح المتحدث باسم مجلس الأمن القومي نيد برايس قائلاً: "نحن لا نستهدف ولن نستهدف اتصالات الرئيس هولاند"، من دون أن يأتي على ذكر عمليات تنصت قد تكون حصلت في الماضي.

وأضاف: "نحن نعمل بشكل وثيق مع فرنسا على كل المواضيع ذات البعد الدولي، والفرنسيون شركاء أساسيون".

وجمع هولاند منذ الصباح رئيس وزرائه مانويل فالس وفابيوس ووزيري الدفاع جان إيف لودريان والداخلية برنار كازنوف وانضم إليهم كبار قادة القوات المسلحة وأجهزة الاستخبارات.

وسيستقبل هولاند عند الظهر المسؤولين الرئيسيين في البرلمان "للقيام بجولة أفق" حول هذه الفضيحة، على ما أفاد به مقربون منه.

إجماع اليسار واليمين

وأثار الكشف عن عمليات التجسس في فرنسا استنكاراً في الطبقة السياسية بكاملها من اليسار الحاكم إلى المعارضة اليمينية وصولاً إلى أقصى اليمين. ولم ترد أي ردود فعل عن ساركوزي وشيراك.

وفي اليمين، طالب السناتور فرنسوا باروان وزير الاقتصاد السابق في عهد ساركوزي بـ "رد قوي من الرئيس" هولاند معتبراً أن "هذه القضية فضيحة، ويجب طلب توضيحات".

وتساءل الحزب الاشتراكي الحاكم "كيف يمكن لبلد يضع الحريات الفردية فوق كل اعتبار أن ينتهكها؟"

ودعت رئيسة الجبهة الوطنية (يمين متطرف) مارين لوبن وأبرز وجوه اليسار الراديكالي جان لوك ميلانشون إلى وقف المفاوضات بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة حول اتفاقية التبادل الحر عبر ضفتي الأطلسي.

أسانج

من جهته، قال جوليان أسانج مؤسس موقع ويكيليكس اللاجئ منذ ثلاث سنوات في سفارة الأكوادور في لندن: "من حق الفرنسيين أن يعرفوا أن الحكومة التي انتخبوها تخضع لمراقبة معادية من قبل حليف مفترض".

وكشفت هذه المعلومات الجديدة بعد أسابيع قليلة على توقيع أوباما قانوناً أقره مجلس الشيوخ يحد من برنامج الوكالة لجمع بيانات الاتصالات الهاتفية (ساعة الاتصال ومدته والرقم المطلوب)، وهو الإجراء الأكثر عرضة للانتقاد من بين تدابير المراقبة التي أقرت بموجب قانون مكافحة الإرهاب (باتريوت آكت) الصادر بعد اعتداءات 11 سبتمبر 2001.

محمد بن سلمان

إلى ذلك، التقى ولي ولي العهد السعودي وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان أمس الرئيس هولاند في باريس ومجموعة من المسؤولين الفرنسيين. وكشف وزير الخارجية السعودي عادل الجبير في مؤتمر صحافي مع نظيره الفرنسي لوران فابيوس عن توقيع عد من العقود بين البلدين تتعلق بعدة قطاعات من بينها القطاع العسكري والنووي والاقتصادي تبلغ قيمتها 12 مليار دولار. إلى ذلك، نفى الجبير تجميد صفقة الأسلحة الفرنسية الممولة سعودياً للجيش اللبناني.

(باريس، واشنطن - أ ف ب، رويترز، د ب أ)

أبرز المكالمات التي تم التنصت عليها:

1- التنصت على هولاند عام 2012، يتعلق بلقائه سرا مسؤولين فرنسيين وأشخاصا من المعارضة الألمانية، لبحث مسائل متعلقة بمنطقة اليورو، وخروج اليونان من الاتحاد الاوروبي، دون علم المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل.

2- اعتراض مكالمة فرنسية عام 2010 بين الرئيس نيكولا ساركوزي والسفير الفرنسي في واشنطن بشأن قلق وإحباط فرنسا من إصرار واشنطن على التجسس عليها.

3- التنصت على الرئيس جاك شيراك عام 2006 أثناء مناقشته تعيينات الأمم المتحدة.

4- التنصت على ساركوزي عام 2011، وهو يناقش الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي.

5- التجسس على ساركوزي 2008، وهو يوجه القيادة الفرنسية للتعامل مع الأزمة المالية.