كشف الأمين العام المساعد لقطاع كشف الفساد والتحقيق في الهيئة العامة لمكافحة الفساد، د. محمد بوزبر، عن تلقي الهيئة منذ إقرار اللائحة التنفيذية لها هذا العام حتى شهر يوليو الماضي ٥٣ بلاغ فساد ضد عدة جهات حكومية، وتقوم الهيئة بفحصها.

Ad

وقال د. بوزبر لـ«الجريدة»، إن البلاغات المذكورة تنوعت من حيث الأشخاص الذين قدموها، فبعض البلاغات قدم مباشرة للهيئة، وبعضها قدم عبر طريق أشخاص مجهولين، وهناك من قدمها عبر البريد الإلكتروني، لافتاً إلى أن الهيئة تتعامل مع البلاغات بسرية تامة.

وأضاف أن الهيئة، لما لها من اتصالات مباشرة مع الجهات الدولية ذات الصلة، عملت جنبا إلى جنب مع النيابة العامة على متابعة الإجراءات والتدابير لاسترداد الأموال والعائدات الإجرامية في قضية المدير العام السابق لمؤسسة التأمينات الاجتماعية، فهد الرجعان، من خلال تبادل المعلومات والمشاركة في التحقيقات التي تمت خارج البلاد، ومتابعة عمليات التحفظ على الأموال المهربة، واتخاذ إجراءات استردادها... وفي ما يلي نص الحوار:

• هل باشرتم فعليا بعد نشر اللائحة التنفيذية في الجريدة الرسمية استقبال بلاغات الفساد؟

- نعم، فالهيئة فتحت أبوابها لاستقبال البلاغات من اليوم التالي لنشر اللائحة التنفيذية في الجريدة الرسمية، وخصصنا البوابة رقم 5 لاستقبال المبلغين بصفتهم الشخصية خلال فترة الدوام الرسمي، إضافة إلى استقبال البلاغات التي تقدم من خلال موقع الهيئة الإلكتروني.

• ما أبرز أنواع البلاغات المقدمة؟ وهل وردتكم بلاغات من مجهولين؟

- تلقينا العديد من البلاغات ضد وزارات وهيئات حكومية وشركات خاضعة للقانون، وتنوعت ما بين بلاغات شخصية تقدم بها المبلغ بنفسه، وبين بلاغات تلقتها الهيئة عبر البريد الإلكتروني الرسمي، وبلاغات من بعض الوزراء عن الهيئات التابعة لهم، كما تلقينا بلاغات من مجهولي الهوية، وتم التعامل مع جميع البلاغات في إطار من السرية التامة. ولا يلزم تقديم مستندات لقبول البلاغ، بل يكفي تقديم قرائن جدية على قيام شبهة الفساد وفق الأطر التي حددتها اللائحة التنفيذية وآليات العمل داخل الهيئة.

حماية المبلّغ

• هل يكفل القانون الحماية للمبلغ؟

- قطعاً القانون يكفل الحماية للمبلغ من وقت تقديم البلاغ، وتمتد تلك الحماية، وفق الحالات والظروف، إلى زوجه وأقاربه وسائر الأشخاص وثيقي الصلة حسبما تقرر الهيئة، وعُني المشرع بموضوع حماية المبلغ ومن في حكمه بشكل كبير، حيث أفرد لها الباب الثاني من مرسوم إنشاء الهيئة، بل إنه وضع عقوبات صارمة جزاء لمن يكشف عن هوية مبلغ أو من يتعمد إيذاءه سواء في معيشته أو وظيفته بسبب إبلاغه عن واقعة فساد.

• جريمة الكسب غير المشروع تعتريها مشاكل بالتعريف، ما رأيكم في ذلك؟

- لا شك في أن جريمة الكسب غير المشروع من الجرائم المستحدثة في قانون رقم 24 لسنة 2012 بإنشاء الهيئة العامة لمكافحة الفساد والأحكام الخاصة بالذمة المالية، وذكرت تحديداً ضمن الجرائم الواردة في المادة 22 التي تقوم أركانها متى ما قامت دلائل كافية على وجود زيادة غير مبررة في أموال الخاضع بما يثير شبهة هذه الجريمة، ونحن نراقب تطبيقها على الواقع العملي لتحديد مدى كفاية النص القائم للتعامل مع جريمة الكسب غير المشروع أو اقتراح تعديله.

• ما الدور الذي قدمته هيئة مكافحة الفساد بالتعاون مع النيابة العامة في قضية المدير العام السابق لمؤسسة التأمينات الاجتماعية، التي أدت إلى نجاح الحجز على الأموال؟

- إن قانون إنشاء الهيئة نص على أن تقوم الأخيرة بمتابعة إجراءات استرداد الأموال المتحصلة عن جرائم الفساد، وعملت الهيئة، بما لها من اتصالات مباشرة مع الجهات الدولية ذات الصلة، جنباً إلى جنب مع النيابة العامة على متابعة الإجراءات والتدابير لاسترداد الأموال والعائدات الاجرامية في قضية المدير العام السابق لمؤسسة التأمينات الاجتماعية، فهد الرجعان، من خلال تبادل المعلومات والمشاركة في التحقيقات التي تمت خارج البلاد، ومتابعة عمليات التحفظ على الأموال المهربة، واتخاذ إجراءات استردادها.

ملاحقة المتورطين

• إلى أي مدى ستلاحق الهيئة المسؤولين المتورطين في قضايا الفساد؟ وهل ستطبق النصوص التي كفلها القانون لها في ملاحقة المتهمين؟

- قانون إنشاء الهيئة واللائحة التنفيذية رسما للهيئة إطار عملها بما يكفل تحقيق أهدافها المذكورة تحديداً في المادة 4، حيث ستعمل على مكافحة الفساد ودرء مخاطره وآثاره وملاحقة مرتكبيه، وحجز واسترداد الأموال والعائدات الناتجة عن ممارسته، والهيئة تؤكد عزمها على النهوض بمهامها على النحو الأمثل بغض النظر عن الأشخاص أو الأحداث، فكل ما يعنيها هو تطبيق القانون على الجميع، لبلوغ أهداف إنشائها ونيل ثقة أبناء الشعب الكويتي وطمأنتهم إلى أن هناك هيئة تسهر على حماية المال العام من كل صور الفساد وجرائمه.

• بعض الناس يراهن على عدم نجاح الهيئة في الحد من الفساد وعدم قدرتها على ملاحقة المسؤولين المتورطين فيه، فكيف تردون على ذلك؟ وكيف تطمئنون الناس إلى قدرة الهيئة ورجالها على ملاحقة الفاسدين؟

- نعلم أن الطريق الى تحقيق الأهداف المنوطة بالهيئة ليس سهلا، ولا ندعي أننا نملك عصا سحرية بإمكانها تغيير الحال، لكننا مؤمنون أشد الإيمان برغبتنا في تغيير الواقع الحالي، ونعمل لإنجاز المهام الموكلة لنا، ويهمنا هنا أن نؤكد أن الهيئة مهما بلغت من قدرات، ومهما امتلكت من أدوات فلن تقوى بمفردها على بلوغ أهدافها، بل إن مكافحة الفساد ودرء آثاره المدمرة تعد مسؤولية مشتركة يجب على كل مؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدني وسائر الأفراد أن يعاونوا الهيئة على تحملها، وهنا أود أن أدعو كل المواطنين والمقيمين إلى المبادرة بالإبلاغ عن كل وقائع الفساد، وستقوم الهيئة بحمايتهم منذ تقديم البلاغ إلى الوقت الذي يكفل لهم الأمان التام وعدم التعرض لأي أذى بسبب تقديم البلاغ أو الإدلاء بشهادة.

والدعوة موجهة أيضاً لكل الخاضعين لأحكام الكشف عن الذمة المالية بالمبادرة إلى تقديم إقرارات الذمة المالية الخاصة بهم في المواعيد التي حددها مرسوم إنشاء الهيئة ولائحتها التنفيذية.

• ذكرتم أن الهيئة تختص بالنظر في جرائم الفساد المالي، فما حدود ذلك الاختصاص؟

- يشمل نطاق الاختصاص الجرائم المالية أو ذات الأثر المالي الواردة في المادة رقم 22، ولا يدخل ضمن اختصاصها نظر المخالفات الإدارية التي تدخل ضمن اختصاص جهات أخرى.

• هل يمنع اللجوء للهيئة لتقديم بلاغ من اللجوء إلى النيابة العامة لتقديم بلاغات عن الواقعة ذاتها؟

- لا يمنع التقدم إلى الهيئة ببلاغ من التقدم الى النيابة العامة ببلاغ عن الواقعة ذاتها أو وقائع أخرى، لكن بمباشرة النيابة العامة التحقيق في الواقعة ستقوم الهيئة بإحالة جميع ما يقع تحت يدها الى النيابة العامة لمصلحة التحقيق.

تقييم البلاغات

• كيف ستقيّمون جدية البلاغات من عدمها؟ وهل ترون ضرورة حماية المبلغين منذ فترة تقديمهم البلاغ بغض النظر عن جديته أم لا؟

- البلاغ يمر منذ تقديمه الى الهيئة بعدة مراحل تتلخص في إجراء التحريات وجمع الاستدلالات اللازمة حول ما تضمنه من معلومات، وصولا للتأكد من جدية المعلومات الواردة فيه، واختصاص الهيئة النظر فيه، ولها في سبيل ذلك طلب المعلومات والبيانات من الجهات، ومباشرة الضبطية القضائية عند الاقتضاء، والدخول إلى الحسابات المصرفية، علما بأن سرية المعلومات وهوية المبلغ مكفولة وفق القانون منذ اليوم الأول لتقديم البلاغ.

• ما السبل التي كفلتها الهيئة لضمان الإبلاغ عن الجرائم بجانب الحماية للمبلغ؟

- الهيئة وضعت نظام حوافز ومكافآت للبلاغات الجدية، متى ما استوفت الشروط وأدت الى كشف جريمة فساد.

• كم عدد البلاغات التي تلقتها الهيئة منذ العمل باللائحة التنفيذية؟

- تلقينا ٥٣ بلاغاً ضد عدة جهات حكومية مختلفة حتى يوليو ٢٠١٥.

• هل ستحيل الهيئة هذا العام فعلاً أي بلاغات إلى النيابة العامة، أم مازالت تحقق بها، أم أن الصورة لم تتضح بعد؟

- متى ما استوفى البلاغ اشتراطاته الشكلية والموضوعية، وكانت الأوراق تحمل في طياتها جريمة من جرائم الفساد، فإن الهيئة ستحيلها إلى النيابة العامة.