لما جاءت الليلة الخامسة، قالت شهرزاد: بلغني أنه لما تكلم السمك وقلبت الصبية الطاجن بالقضيب ثم خرجت من الموضع الذي جاءت منه والتحم الحائط، قام الوزير وقال: هذا أمر لا يمكن إخفاؤه على الملك. ثم تقدم إلى الملك وأخبره بما جرى أمامه فقال الملك لا بد من أن أنظر بعيني وأرسل إلى الصياد وآمره أن يأتي بأربع سمكات كالأربع الأول، وأمهله ثلاثة أيام، فذهب الصياد إلى البركة وأتاه بالسمك في الحال، فأمر الملك أن يعطوه أربعمئة دينار ثم التفت الملك إلى الوزير وقال له: سو أنت السمك هنا أمامي، فقال الوزير: سمعاً وطاعة وأحضر الطاجن ورمى فيه السمك بعدما نظفه ثم قلبه وإذا بالحائط قد انشق وخرج منه عبد أسود كأنه ثور من الثيران أو من قوم عاد وفي يده فرع من شجرة خضراء وقال بكلام فصيح مزعج: يا سمك يا سمك، هل أنت على العهد مقيم؟ فرفع السمك رأسه من الطاجن قال: نعم نعم! وأنشد هذا البيت: 

Ad

 

إن عدت عدنا وإن وافيت وافينا

وإن هجرت فإنا قد تكافينا

 

تابعت شهرزاد: أقبل العبد على الطاجن وقلبه إلى أن صار فحماً أسود، ثم ذهب العبد من حيث أتى فلما غاب عن أعينهم قال الملك: هذا أمر لا يمكن السكوت عنه، ولابد أن هذا السمك له شأن غريب وأمر بإحضار الصياد، فلما حضر قال له: من أين هذا السمك؟ فقال له: من بركة بين أربعة جبال وراء هذا الجبل الذي بظاهر مدينتك فالتفت الملك إلى الصياد وقال له: مسيرة كم يوم ؟ فقال له: يا مولانا السلطان مسيرة نصف ساعة، فتعجب السلطان وأمر بخروج العسكر من وقته مع الصياد، فصار الصياد يلعن العفريت وساروا إلى أن طلعوا الجبل ونزلوا منه إلى برية مُتسعة لم يروها طوال أعمارهم، والسلطان وجميع العسكر يتعجبون من تلك البرية التي نظروها بين أربعة جبال، والسمك فيها على أربعة ألوان أحمر وأبيض وأصفر وأزرق. 

فوقف الملك متعجباً وقال للعسكر ولمن حضرك هل أحد منكم رأى هذه البركة في هذا المكان؟ فقالوا كلهم: لا فقال الملك: والله لا أدخل مدينتي ولا أجلس على تخت ملكي حتى أعرف سر هذه البركة وسمكها. أمر الناس بالنزول حول هذه الجبال فنزلوا، ثم دعا بالوزير: وكان وزيراً خبيراً عاقلا لبيباً عالما بالأمور، فلما حضر بين يديه قال له: إني أردت أن أعمل شيئاً وذلك أنه خطر ببالي أن أنفرد بنفسي في هذه الليلة وأبحث عن خبر هذه البركة وسمكها، فاجلس على باب خيمتي وقل للأمراء والوزراء والحجاب إن السلطان مشغول وأمرني ألا آذن لأحد في الدخول عليه فلم يقدر الوزير على مخالفته. 

 

نصف رجل

 

قالت شهرزاد: غيَّر الملك حالته وتقلد سيفه وانسل من بينهم، ومشى بقية ليله إلى الصباح، ثم لم يزل سائراً حتى اشتد عليه الحر فاستراح، ثم مشى بقية ليلته الثانية إلى الصباح، فلاح له سواد من بعيد ففرح وقال: لعلي أجد من يخبرني بقصة البركة وسمكها، فلما قرب من السواد وجده قصراً مبنياً بالحجارة السوداء مصفحاً بالحديد، وأحد شقي بابه مفتوح والآخر مغلق، ففرح الملك ووقف على الباب ودق عليه دقا لطيفا فلم يسمع جواباً، فدق ثانياً وثالثاً فلم يسمع جواباً، فدق رابعاً دقاً مزعجاً فلم يجبه أحد، فقال: لا شك في أنه خال، وشجع نفسه ودخل من باب القصر إلى دهليزه، ثم صرخ وقال: يا أهل القصر، إني رجل غريب وعابر سبيل، هل عندكم شيء من الزاد؟ 

وأعاد القول ثانياً وثالثاً فلم يسمع جواباً! فقوى قلبه وسار من الدهليز إلى وسط القصر، فلم يجد فيه أحداً، غير أنه مفروش وفي وسطه «فسقية» عليها أربعة سباع من الذهب الأحمر، تلقي الماء من أفواهها كالدرر والجواهر، وفي دائره طيور، وعلى ذلك القصر شبكة تمنعها من الطلوع، فتعجب من ذلك وتأسف حيث لم ير فيه أحداً يستخبر منه عن تلك البركة والسمك والجبال والقصر، ثم جلس بين الأبواب يفكر، وإذا هو بأنين صادر من قلب حزين، يترنم صاحبه بهذا الشعر: 

 

لما خفيت ضني ووجدي قد ظهر

والنوم من عيني تبدل بالســــــــــــــــهر 

ناديت وجداً قد تزايد بي الفكر

يا وجد لا تبق علىّ ولا تـــــذر 

 

فلما سمع السلطان ذلك الأنين، نهض قائماً وقصد جهته فوجد ستراً مسدولاً على باب مجلس، فرفعه فرأى خلف الستر شاباً جالساً على سرير مرتفع عن الأرض مقدار ذراع وهو شاب مليح، بقد رجيح، ولسان فصيح، وجبين أزهر وخد أحمر، وشامة على كرسي خده كترس من عنبر! 

ففرح به الملك وسلم عليه، والصبي جالس وعليه قباء حرير بطراز من ذهب، لكن عليه أثر الحزن، فرد السلام على الملك وقال له: يا سيدي اعذرني في عدم القيام! 

فقال الملك: أيها الشاب أخبرني عن هذه البركة وسمكها الملون، وعن هذا القصر وسبب وحدتك فيه، وسبب بكائك فلما سمع الشاب هذا الكلام نزلت دموعه على خديه وبكى بكاء شديداً، فتعجب الملك، وقال: ما يبكيك أيها الشاب؟ 

فقال: كيف لا أبكي وهذه حالتي، ومد يده إلى أذياله ورفعها فإذا نصفه الأسفل إلى قدميه حجر، بينما هو من سرته إلى شعر رأسه بشر!. 

 

الزوجة الخائنة

 

ثم قال الشاب: اعلم أيها الملك أن لهذا السمك أمراً عجيباً لو كتب بالإبر على آماق البصر لكان عبرة لمن اعتبر، وذلك يا سيدي أن والدي كان ملكاً على هذه المدينة وكان اسمه محمود، صاحب الجزائر السود، وصاحب هذه الجبال الأربعة، وقد أقام في الملك سبعين عاماً، ثم تٌوفي فتسلطنت بعده وتزوجت ابنة عمي، وكانت تحبني محبة عظيمة، بحيث إذا غبت عنها لا تأكل ولا تشرب حتى تراني، فمكثت في عصمتي خمس سنين، إلى أن ذهبت يوماً من الأيام إلى الحمام فأمرت الطباخ أن يجهز لنا طعاماً لأجل العشاء ثم دخلت هذا القصر ونمت في الموضع الذي أنا فيه وأمرت جاريتين أن يروحا على وجهي. 

فجلست واحدة عند رأسي والأخرى عند رجلي... وقد قلقت لغيابها ولم يأخذني نوم غير أن عيني مغمضة ونفسي يقظانة فسمعت التي عند رأسي تقول للتي عند رجلي: يا مسعودة إن سيدنا مسكين، يا خسارة شبابه مع سيدتنا الخبيثة الخاطئة فقالت الأخرى: لعن الله النساء الزانيات، ولكن مثل سيدنا وأخلاقه لا يصلح لهذه الزانية التي تبيت كل ليلة في غير فراشه، فقالت التي عند رأسي: إن سيدنا مغفل لأنه لا يسأل عنها، فقالت الأخرى: ويلك، هل عند سيدنا علم بحالها؟ إنها تعمل له عملاً في قدح الشراب الذي يشربه كل ليلة قبل النوم فتضع فيه البنج لينام ولا يشعر بما يجري، وبذلك لا يعلم أين تذهب ولا ماذا تصنع، لأنها بعد أن تسقيه الشراب تلبس ثيابها وتخرج من عنده فتغيب إلى الفجر، ثم تأت إليه وتبخره عند آنفه بشيء فيستيقظ من منامه! 

فلما سمعت كلام الجواري صار الضياء في وجهي ظلاماً وما أقبل الليل حتى جاءت بنت عمي من الحمام، فمددنا السماط وأكلنا، وجلسنا ساعة نتنادم كالعادة، ثم دعوت بالشراب الذي أشربه عند المنام فناولتني الكأس، فتظاهرت بأني أشربه مثل عادتي، وسكبت ما فيه داخل ثوبي، ثم رقدت متصنعاً النوم وإذا بها قالت: نم ليتك لم تقم، والله لقد كرهتك وكرهت صورتك: وملت نفسي من عشرتك! ثم قامت ولبست أفخر ثيابها... وتبخرت وتقلدت سيفا وفتحت باب القصر وخرجت، فقمت وتبعتها حتى خرجت من القصر، ومشت في أسواق المدينة إلى أن انتهت إلى أبواب المدينة فتكلمت بكلام لا أفهمه فتساقطت الأقفال وانفتحت الأبواب. 

وخرجت وأنا أتبعها من حيث لا تشعر حتى انتهت إلى حصن فيه قبة مبنية بطين لها باب، فدخلته، وصعدت أنا على سطح القبة وأشرفت عليها، وإذا بها دخلت على عبد أسود، إحدى شفتيه غطاء، وشفته الأخرى وطاء، وهو راقد على قليل من قش القصب، ورأيتها تقبل الأرض بين يديه ولكنه ينهرها قائلاً لها: ويلك ما سبب قعودك إلى هذه الساعة؟ ، لقد كان عندي أصحابي وشربوا وسار كل واحد بعشيقته، وأنا ما رضيت أن أشرب فقالت له: يا سيدي وحبيب قلبي أما تعلم أني متزوجة بابن عمي، وأنا أكره النظر في صورته وأبغض نفسي في صحبته، ولولا أني أخشى على حياتك لكنت جعلت المدينة خراباً يصيح فيها البوم والغراب، وأنقل حجارتها إلى خلف جبال قاف، فقال لها العبد: تكذبين يا فاجرة، وأنا أحلف إن تأخرت إلى مثل هذا الوقت بعد اليوم لا أصاحبك أبداً. 

قال الشاب للملك: فلما سمعت كلامها وأنا أنظر بعيني ما جرى بينها صارت الدنيا في وجهي ظلاماً، ولم أعرف في أي موضع أنا، وكانت بنت عمي واقفة تبكي وتتذلل بين يديه وتقول له: يا حبيبي وثمرة فؤادي ما أحد غيرك بقي لي فإن طردتني يا ويلي يا حبيبي يا نور عيني!. وما زالت تبكي وتتضرع له حتى رضي عليها، ففرحت وقالت له: يا سيدي هل عندك ما تأكله جاريتك؟ فقال لها اكشفي (اللقان) فإن تحتها عظام فيران مطبوخة فكليها ومرمشيها وقومي لهذه (القوارة) تجدي في بوظة فاشربيها، فقامت وأكلت وشربت وغسلت يديها وجاءت فرقدت على قش القصب، فلما نظرت إلى هذه الفعال التي فعلتها بنت عمي نزلت من فوق أعلى القبة، ودخلت وأخذت السيف الذي كان معها وهممت بأن أقتل الاثنين فضربت العبد أولاً على رقبته ضربة حسبت أنها قضت عليه». 

 

بيت الأحزان

 

قالت شهر زاد: «بلغني أيها الملك السعيد أن الشاب المسحور قال للملك: لما ضربت العبد لأقطع رأسه قطعت الحلقوم والجلد واللحم فشخر شخيراً عالياً، فتحركت بنت عمي وقامت بعد ذهابي فأخذت السيف وردته إلى موضعه، وأتت المدينة ودخلت القصر ورقدت في فراشي إلى الصباح، ورأيت بنت عمي في ذلك اليوم قد قطعت شعرها ولبست ثياب الحزن وقالت: يا ابن عمي لا تلمني فيما أفعله، فإنه بلغني أن والدتي توفيت وأن والدي قتل في الجهاد وأن أخوي أحدهما مات ملسوعاً والآخر مات رديماً فيحق لي أن أبكي وأحزن، فلما سمعت كلامها مسكت عنها وقلت لها: افعلي ما بدا لك فإني لا أخالفك، فمكثت في حزن وبكاء وعديد مدة سنة كاملة من الحول إلى الحول. وبعد السنة قالت لي: أريد أن أبني في قصرك مدفناً وأنفرد فيه بالأحزان وأسميه بيت الأحزان. 

فقلت لها: افعلي ما بدا لك، فبنت لها بيتا للحزن، وبنت في وسطه قبة ومدفناً مثل الضريح، ثم نقلت العبد وأنزلته فيه وهو ضعيف جداً لا ينفعها بنافعة لكنه يشرب الشراب، ومن اليوم الذي جرحته فيه ما تكلم إلا أنه حي لأن أجله لم يفرغ، فصارت كل يوم تدخل عليه القبة بكرة وعشياً وتبكي عنده وتعدد عليه وتسقيه الشراب والمساليف. ولم تزل على هذه الحالة صباحاً ومساء مدة سنة وأنا صابر عليها إلى أن دخلت يوماً من الأيام على غفلة منها، فوجدتها تبكي وتلطم وجهها وتقول هذه الأبيات: 

 

عدمت وجودي في الورى بعد بعدكم

فإن فؤادي لا يحب سواكم

خذوا كرماً جسمي إلى أين رمتمو

وأين حللتم أسكنوني تراكموا

وأن تذكروا اسمي عند قبري يجبكم 

أنين عظامي عند سمع نداكم

 

فلما فرغت من شعرها قلت لها وسيفي مسلول في يدي: هذا كلام الخائنات اللاتي ينكرن العشرة ولا يحفظن الصحبة، وأردت أن أضربها، فقامت وقد علمت أني أنا الذي جرحت العبد، ثم وقفت على قدميها وتكلمت بكلام لم أفهمه، وقالت جعل الله بسحري نصفك حجراً، ونصفك الآخر بشراً، فصرت كما ترى وبقيت لا أقوم ولا أقعد، ولا أنا ميت ولا أنا حي، فلما صرت هكذا سحرت المدينة وما فيها من الأسواق والغيطان، وكانت مدينتنا أربعة أصناف: مسلمين ونصارى ويهود ومجوس، فسحرتهم سمكاً فالأبيض مسلمون، والأحمر مجوس، والأزرق نصارى والأصفر يهود، وسحرت الجزائر الأربع جبالاً، وأحاطتها بالبركة، ثم إنها كل يوم تعذبني وتضربني بسوط من الجلد مائة ضربة، حتى يسيل الدم، ثم تلبسني من تحت هذه الثياب ثوباً من الشعر على نصفي العلوي. 

فعند ذلك التفت الملك إلى الشاب وقال له: أيها الشاب زدتني هما على همي، ثم سأله: وأين تلك المرأة ؟ قال: في المدفن الذي فيه العبد راقد في القبة، وهي تجيء له كل يوم مرة، وعند مجيئها تجيء إلىّ وتجردني من ثيابي وتضربني بالسوط مائة ضربة، وأنا أبكي وأصيح وليس فيّ من القوة حتى أدفعها عن نفسي، ثم بعد أن تعاقبني تذهب إلى العبد بالشراب والمسلوقة. 

 

وإلى حلقة الغد

سر البركة

تابعت شهرزاد تروي: قال الملك: والله يا فتى لأفعلن معك معروفاً أذكر به، وجميلاً يؤرخونه سيراً من بعدي، ثم جلس الملك يتحدث معه، إلى أن أقبل الليل، فتجرد من ثيابه، وتقلد سيفه ونهض إلى المحل الذي فيه العبد، فرأى الشمع والقناديل والبخور والأدهان، ثم قصد العبد وضربه فقتله وحمله على ظهره ورماه في بئر كانت في القصر. ثم رجع ولبس ثياب العبد ورقد مكانه في القبة والسيف مسلول بجانبه وبعد ساعة أتت الساحرة فجردت ابن عمها من ثيابه وأخذت تضربه بالسوط، وهو يقول لها: يكفيني ما أنا فيه فارحميني فتقول له: هل كنت أنت رحمتني وأبقيت لي معشوقي؟ 

ثم ألبسته اللباس الشعر والقماش من فوقه، ونزلت إلى العبد ومعها قدح الشراب وطاسة المسلوقة، ودخلت القبة وبكت وولولت وقالت: يا سيدي كلمني، يا سيدي انظر لي، وأنشدت تقول: 

 

فإلى متى هذا التجنب والجفا؟

إن الـذي فعل الغرام لقد كـفى

ثم قد تطيل الهجر لي متعمــداً

إن كان قصدك حاسدي فقد اشتفى

 

ثم بكت وقالت: يا سيدي كلمني، فخفض الملك صوته وعوج لسانه وتكلم بكلام السود، وقال: آه. آه... لا حول ولا قوة إلا بالله، فلما سمعت كلامه صرخت من الفرح وغشى عليها، ولما أفاقت قالت: لعل سدي صحيح؟ فخفض الملك صوته، وقال: يا خائنة أنت لا تستحقين أن أكلمك قالت: ما سبب ذلك؟ قال: سببه أنك طول النهار تعاقبين زوجك، وهو يصرخ ويستغيث حتى حرمني من النوم ومنعني من الراحة.. ولم يزل زوجك يتضرع ويدعو عليك حتى أقلقني صوته، ولولا هذا لكنت تعافيت، فهذا الذي منعني عن جوابك، فقالت: أتأذن لي في خلاصه مما هو فيه؟. فقال لها الملك: خلصيه وأريحينا، فقالت سمعا وطاعة، ثم قامت من القبة إلى القصر، وأخذت طاسة ملأتها ماء، ثم تكلمت عليها فصار الماء يغلي كما تغلي القدر، ثم رشته منها، وقالت: بحق ما تلوثه أن تخرج من هذه الصورة إلى صورتك الأولى، فانتفض الشاب وقام على قدميه وفرح بخلاصه وقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم قالت له: اخرج ولا ترجع إلى هنا وإلا قتلتك، وصرخت في وجهه فخرج من بين يديها، وعادت إلى القبة ونزلت وقالت: يا سيدي اخرج إليّ حتى أنظرك، فقال لها بصوت ضعيف: أي شيء فعلته؟ أرحتني من الفرع ولم تريحيني من الأصل، فقالت يا حبيب ما هو الأصل؟ قال: أهل هذه المدينة والأربع جزائر، كل ليلة إذا انتصف الليل يرفع السمك رأسه ويدعو علىّ وعليك فهو سبب منع العافية عن جسمي، فخلصيهم وتعالي خذي بيدي وأقيميني فقد توجهت إلى العافية، فلما سمعت كلام الملك وهي تظنه العبد، قالت له وهي فرحة: يا سيدي على رأسي وعيني، ثم نهضت وقامت وهي مسرورة تركض وخرجت إلى البركة وأخذت من مائها قليلاً.

وأدرك شهر زاد الصباح، فسكتت عن الكلام المباح.