عندما اتفقت شركة أرابتك الاماراتية للمقاولات مع الحكومة المصرية على تنفيذ مشروع ضخم للاسكان اعتبرت تلك الصفقة من علامات الدعم الاماراتي للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.

Ad

لكن المشروع الذي أعلن عنه في مارس 2014 وكان من النقاط الرئيسية التي ارتكزت عليها حملة السيسي الانتخابية توقف الأمر الذي قد يؤثر على شعبيته ويسلط الضوء على عادة الوعد بمشروعات ضخمة ثم التعثر في انجازها.

فقد وعد هذا المشروع ببناء مليون وحدة سكنية بحلول عام 2020 بتكلفة تبلغ نحو 280 مليار جنيه (35.76 مليار دولار) كما حصل المصريون على وعود بسلسلة من المشروعات الأخرى للمساهمة في دعم الاقتصاد في أعقاب الاضطرابات السياسية التي أعقبت انتفاضة شعبية عام 2011.

وكان السيسي يعول على وعود بحصول مصر على مليارات الدولارات من دول الخليج العربية التي أيدت الإطاحة بالرئيس محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين عام 2013.

ولم يتبلور جزء من هذه الأموال كما أن البنوك عاجزة عن تمويل مشروع أرابتك.

وقال دبلوماسي غربي في القاهرة "المصريون يريدون هذه المشروعات الان لكن استكمالها في الواقع سيستغرق سنوات."

وقد وقعت مصر مذكرة تفاهم خاصة بالمشروع مع أرابتك التي قامت ببناء برج خليفة أعلى مبنى في العالم لحساب شركة إعمار العقارية. لكن المشروع توقف الآن.

وأشار مصدر مطلع على التطورات إلى وجود خلافات حول بنود العقد وصعوبات في التمويل.

ولم تقدم أرابتك حتى الان خطة العمل في المشروع. وامتنعت أرابتك عن التعقيب ولم يتسن الاتصال بمسؤولين في أبوظبي للتعقيب.

وإمارة أبوظبي هي أكبر مساهم في أرابتك من خلال صندوق آبار الذي يملك حصة فيها تبلغ 36.1 في المئة.

وتولى مسؤولون من أبوظبي رئاسة مجلس إدارة أرابتك منذ منتصف عام 2012 ويمثل مجلس الادارة الحالي جزءا من حكومة الإمارة وكبار رجال الأعمال.

وعند الاعلان عن المشروع قال حسن اسميك الرئيس التنفيذي حينذاك إن المشروع يدين بالكثير لولي عهد أبوظبي وإنه كان شديد الحرص على تعبئة كل الجهود لدعم الأشقاء في مصر من خلال مبادرات انسانية واقتصادية واجتماعية.

* السيسي يتعرض لضغوط

ويقول دبلوماسيون غربيون إن الامارات مازالت ملتزمة التزاما عميقا بدعم السيسي لكن عندما يتعلق الأمر بمشروعات تجارية فإنها تبدي اهتماما أشد بتفاصيل العقود من أجل تحقيق عائد معقول على الاستثمارات.

وربما يعني نجاح السيسي في تضييق الخناق على جماعة الإخوان المسلمين أن الامارات ربما لا ترى أسبابا كافية تدعو للانخراط في مشروعات من أجل دعمه. كذلك تأثر دخل الامارات بانخفاض أسعار النفط.

وعندما أطاح السيسي بمرسي وهو يتولى قيادة الجيش وعد بخارطة طريق للانتقال السياسي إلى الديمقراطية وستكون الانتخابات البرلمانية المقرر أن تبدأ في 18 و19 أكتوبر تشرين الأول الخطوة الأخيرة في تلك العملية. وسيوضع أداء السيسي على الصعيد الاقتصادي تحت المجهر مع تراجع الاضطرابات السياسية.

وقال اتش.ايه هيليار الباحث الزميل بمركز بروكينجز لسياسات الشرق الأوسط "في الوقت الحالي كثير من المصريين العاديين سيجدون العذر للسيسي لكن الشعب سيريد في نهاية الأمر رؤية النتائج على الصعيد الاقتصادي."

وأضاف "إذا لم تكن النتائج كبيرة بما يكفي أو لم تتحقق بالسرعة الكافية سواء في صفقة أرابتك أو العاصمة الإدارية الجديدة أو مشروع قناة السويس فإن شعبية السيسي قد تتراجع بدرجة كبيرة نتيجة لذلك."

وفي مؤتمر عن الاستثمار في مصر عقد في مارس آذار الماضي قال السيسي إن رجل الأعمال الاماراتي محمد العبار سيتولى من خلال شركة استثمار جديدة من أبوظبي اسمها كابيتال سيتي بارتنرز قيادة عملية بناء العاصمة الإدارية الجديدة. ويشمل مشروع العاصمة الجديدة إقامة مطار أكبر من مطار هيثرو في لندن وبناء برج أعلى من برج ايفل الفرنسي.

وبعد ما يقرب من أربعة أشهر من توقيع مذكرة التفاهم مع العبار قال وزير الاستثمار المصري إن شركتة العبار ستتولى فقط إنشاء "جزء من المشروع" مع مستثمرين آخرين من بينهم شركة الصين للانشاءات التي وقعت مذكرة تفاهم لدراسة "بناء وتمويل" جزء من المشروع. وامتنعت كابيتال سيتي بارتنرز عن التعقيب.

وفي مثال آخر على الصعوبات التي تواجه هذه المشروعات وبعد عام من الإعلان عن بناء أول محطة للكهرباء تعمل بالفحم في مصر قالت شركة النويس للاستثمار ومقرها أبوظبي الشهر الماضي إنه لم يتم استكمال إجراءات المشروع.

وقال محمد علي ياسين العضو المنتدب لشركة أبوظبي الوطني للأوراق المالية "لا أعتقد أن الإمارات ستنسحب لكن الشركات الاماراتية التي حاولت القفز إلى العربة تجد صعوبة في إنجاز التزامات لم يتم التخطيط لها جيدا."

* مشاكل التمويل

وفيما يتعلق بصفقة أرابتك قال ألين سانديب مدير البحوث في شركة نعيم القابضة إن الطرفين يختلفان على شروط اقتسام الأرباح والعائد الذي تحصل عليه الحكومة مقابل توفير الأرض وإصرار الدولة على استخدام العمالة ومواد البناء من مصادر محلية في الغالب لمشروع ذي هوامش ضعيفة للغاية.

ولم يتضح ما إذا كانت مصر تمثل عنصرا رئيسيا في طموحات رئيس أرابتك التنفيذي السابق اسميك الذي وعد في يونيو حزيران عام 2014 بجعل الشركة واحدة من أكبر عشر شركات على المستوى العالمي بحلول عام 2018. واستقال اسميك بعد ذلك بأسبوع.

كما ترك خادم عبد الله القبيسي الذي يعتبر حليفا مقربا لاسميك دوره كرئيس لمجلس إدارة أرابتك وعضوا منتدبا لشركة الاستثمارات البترولية الدولية الشركة الأم لشركة آبار.

ولم يتضح ما إذا كا ن رحيله يمثل مؤشرا على ضعف دعم أبوظبي لشركة المقاولات أرابتك.

وقال مصدر بوزارة الاسكان المصرية إن مصر مازالت تنتظر أن تقدم أرابتك التي منيت بخسائر في أرباع السنة الثلاثة الأخيرة خطة عمل توضح تفاصيل بناء 100 ألف وحدة سكنية على خمس سنوات وإن الطرفين لم يتفقا حتى الآن على موعد بدء العمل.

كذلك فإن أرابتك لا تملك المال اللازم لتمويل المشروع دفعة واحدة.

ومن المستبعد أن تمول بنوك مصرية المشروع بسب عدم كفاية السيولة في الجهاز المصرفي.

ورغم أن كلفة تمويل مشروع حفر قناة السويس الجديدة دبرت من خلال إصدار شهادات استثمار محلية فإن المحللين يقولون إن من المستبعد أن يتكرر هذا النوع من التمويل الذي اعتمد على المشاعر الوطنية في تشجيع المصريين على شراء الشهادات.

وتساءل أنجوس بلير رئيس شركة سيجنت للتوقعات الاقتصادية عن الحكمة وراء المشروعات الضخمة.

وقال "لابد من وجود حلول أخرى لتنمية الاقتصاد. فهذا عنصر من العناصر التي يمكن استغلالها كرؤية اقتصادية لكن يجب أن تكون هذه المشروعات والبرامج مدروسة جيدا حتى يحدث تعظيم للقيمة واستمرارية في الأجل البعيد."