أكد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير المالية أنس الصالح أن الصكوك الإسلامية خيار مناسب لتمويل عجز الموازنة الحالية 2015-2016، والمتوقع بحدود 8.2 مليارات دينار، في حال استمرت أسعار النفط في الانخفاض عن مستوى سعر التعادل «التأشيري» المحدد في الميزانية عند 45 دولارا للبرميل.

Ad

وشدد الصالح، في تصريحات صحافية على هامش مؤتمر التمويل الإسلامي، الذي يأتي بتنظيم مشترك بين بنك الكويت المركزي وصندوق النقد الدولي، على أن «الكويت لن توقف أو تؤجل أي مشروع تنموي عقب التراجعات الكبيرة في اسعار النفط».

وأوضح ان هناك عددا من التشريعات الاقتصادية التي صدرت بالكويت مؤخرا، منها اللائحة التنفيذية لقانون هيئة أسواق المال التي تهدف الى تنظيم البورصة، وقانون الدين العام الذي ينظم إصدار الصكوك، ويمثل أداة قانونية لذلك.

جمود اقتصادي

وأشار إلى ان «الكويت تتجه للمضي قدما في تدعيم بنيتها التحتية، ونعتقد أن هذا الأمر ضروري للابتعاد عن أي جمود اقتصادي حالي، ولديها الخطط والاحتياطيات والتصنيف الائتماني الذي يمكننا من تخطي مشاكل انخفاض أسعار النفط»، مضيفا: «لدينا سلسلة من الإصلاحات الاقتصادية التي تؤمن قدراتنا على تحمل التراجع في الاسعار».

وقال الصالح إن الكويت لديها خطة خمسية تتماشى مع الأوضاع الاقتصادية الراهنة، مبينا ان القطاع المالي الإسلامي بدأ من الكويت، من خلال بنك بيت التمويل الكويتي (بيتك).

وألمح إلى أن الكويت بها أكبر قطاع مالي إسلامي على مستوى العالم، موضحا ان الحكومة بصدد إصدار تشريعات من شأنها ترسيخ ما بدأته منذ 40 عاما في مجال التمويل الإسلامي وتحقيق مزيد من التقدم.

واضاف الصالح، خلال فعاليات الجلسة الاولى للمؤتمر، التي يترأسها مدير ادارة الشرق الاوسط وآسيا الوسطى فى صندوق النقد الدولي مسعود أحمد، «نرى اقبالا كبيرا على الصكوك، ونحاول انشاء البيئة المناسبة والبنية الاساسية لتكون الكويت البلد المضيف لمزيد من المؤسسات الاسلامية، من خلال توفير شكل افضل للقدرات التنظيمية، لافتا الى ان «مثل هذه الاجتماعات تساهم في نجاح مساعينا بهذا الصدد وتعزيز النمو المالي الاسلامي».

التمويل الإسلامي

من جهتها، استهلت مديرة صندوق النقد الدولي كرستين لاغارد كلمتها خلال المؤتمر بالتذكير بالوعود التي قطعتها مؤسسات التمويل الإسلامي على نفسها لدعم سبل كسب العيش وتطلعات شعوب المنطقة إلى الأفضل، في ظل نمو التمويل الإسلامي، الموجود منذ قرون، بمعدل 10 أضعاف خلال العقد الأخير إلى نحو تريليوني دولار، متفوقا بذلك على التمويل التقليدي في الكثير من الأماكن، رغم أنه يمثل 1 في المئة من إجمالي الأصول المالية حول العالم فقط.

ولفتت لاغارد إلى أنه بإمكان التمويل الإسلامي المساهمة في النمو الاقتصادي بشكل أكبر وأكثر شمولية من خلال زيادة وصول الخدمات المصرفية للسكان المحرومين الذين لا تصلهم الخدمات المصرفية، إذ تشير المؤشرات إلى وجود شريحة كبيرة من المسلمين، وهم الأولوية، ليس لديهم حسابات مصرفية، إذ إن ربع هذه الشريحة فقط لديها حسابات مصرفية.

فرصة حقيقية

من جهة ثانية، ذكرت لاغارد أن التمويل الإسلامي يمثل فرصة حقيقية للمشروعات الصغيرة والمتوسطة التي تحتاج إلى تمويل للانطلاق في مشروعاتها، لأن التمويل الإسلامي يشارك في الربح والخسارة، وهي مسألة تناسب إلى حد كبير هذه الشريحة من المشروعات.

وأضافت: «نحن نعلم جيدا أن المشاركة في الربح والخسارة مسألة توفر النمو الشامل، وتطرح المزيد من الفرص الوظيفية في المنطقة، وقد أثبت التمويل الإسلامي جدواه في استثمارات البنية التحتية التي حققت نموا إضافيا من خلاله».

وزادت: «يعزز التمويل الإسلامي الاستقرار المالي المطلوب، انطلاقا من مبدأ المشاركة في عملية الربح والخسارة، ما يحمي القطاع المصرفي في حال أي هزة تصيب القطاع، ويمكنه من استيعابها بشكل أفضل، ويوفر حماية أكبر لخسارة رأس المال، وهذا التوجه يعتبر أحد أهداف التشريعات العالمية الجديدة. ومن العدل، لابد من الإشارة إلى أن المبادئ التي يقوم عليها التمويل الإسلامي تعزز المشاركة والمساواة وحقوق الملكية والأخلاق، وجميعها تمثل القيم الكونية».

الصكوك الإسلامية

وأشارت لاغارد إلى أن الصكوك الاسلامية زادت بواقع 10 أضعاف، لتبلغ 300 مليار دولار مؤخرا، موضحة أن أغلب هذه الصكوك تتركز بدول الخليج العربي وماليزيا.

وتابعت ان دول مثل لوكسمبورغ وهونغ كونغ وجنوب إفريقيا والمملكة المتحدة من الدول التي شهدت نموا في حجم الأصول الإسلامية، خلال السنوات الماضية، والتحدي حاليا هو مساعدة صناع السياسة على الوصول الى تعزيز وتطوير هذه الصناعة، مضيفة ان صندوق النقد الدولي يركز على تعزيز طموحات النمو المستدام بالمنطقة العربية.

واشارت الى نقطتين رئيسيتين في مجال التمويل الإسلامي، أولاهما الشمول والاندماج، حيث إن التمويل الإسلامي لديه القدرة على الاندماج، ما يمكن من الحصول على خدمات مصرفية أوسع تسد احتياجات سكان المنطقة، كم يمكن للتمويل الاسلامي الربط بين الائتمان والضمان بما يناسب الشركات الصغيرة والمتوسطة القادرة على خلق فرص عمل بهذه المنطلق، وآخرهما تعزيز الاستقرار، حيث إن التمويل الاسلامي قادر على تطوير الأصول، لاسيما ان لديه مبدأ المشاركة في الخسارة والربح، إضافة الى الودائع، ما سيسمح بتقليل المخاطر».

تحمل الخسارة

ولفتت إلى ضرورة التركيز على تحقيق العدالة في مجال التمويل الإسلامي، حيث يجب تعديل قواعد العمل، لاسيما في ما يخص الاشتراطات الرأسمالية للبنوك في تحمل الخسارة والربح، علاوة على مجال العمل الضريبي.

وشددت على ضرورة تعديل النظم الضريبية على الدخل مع عدم التحيز للديون، لاسيما انها أحد العراقيل التي تواجه التمويل الإسلامي.

ودعت لاغارد إلى تطوير صناعة التمويل الإسلامي بدرجة كبيرة مما هي عليه الآن، ولهذا يجب تطوير المشروعات الصغيرة والمتوسطة ما يستدعي توفير المعلومات والضمانات اللازمة لتعزيز الصناعة المالية، كما يجب توفير موظفين قادرين على التعامل مع المنتجات الإسلامية، فضلا عن الاهتمام بجانب إدارة المخاطر، وقيام الحكومة بتثقيف القائمين على التمويل الإسلامي، وتوفير الحماية للمستثمرين.

وشددت على ضرورة تقوية الرقابة والإشراف لتحقيق الاستدامة والاتفاق في تطبق المعايير، خصوصاً أن هذا الاتجاه سيحول دون وقوع أي مشكلة ترتبط بالعمليات المصرفية.

ولفتت إلى أن العملية الانتقالية للتمويل لمراحل التمويل الإسلامي لن تكون سهلة على البنوك، مشيدة بدور بنك التنمية الإسلامي الذي وافق على مقترحات البنك الدولي لتعزيز التمويل الإسلامي، موضحة أنها تتطلع للمشاركة في أي مبادرات تساعد على تطوير التمويل الإسلامي.

تاريخ التمويل الإسلامي

واستعرض محافظ بنك الكويت المركزي محمد الهاشل في كلمته خلال المؤتمر، نبذة سريعة حول تاريخ التمويل الإسلامي خصوصاً في دولة الكويت، مشيراً إلى دور الشيخ أحمد بزيع الياسين، أحد رواد التمويل الإسلامي، والذي واجه العديد من التحديات لتحقيق حلمه بإنشاء أول بنك إسلامي كويتي، في ظل غياب أي نموذج أو مثال يحتذى به.

وأضاف أنه على الرغم من كل هذه التحديات فقد شهدت الكويت تأسيس بيت التمويل الكويتي، ليس كأول بنك إسلامي في الكويت فحسب، إنما من أوائل البنوك الإسلامية في العالم أجمع، مشيرا إلى أن البداية كانت متواضعة بأربعة موظفين فقط، ليبدأ بيت التمويل الكويتي أعماله في 31 أغسطس 1978، ولم يكن أحد ليتوقع أن يصبح أحد البنوك الإسلامية الرائدة يقوم على تشغيله اليوم اكثر من 8 آلاف موظف، ويمتد نطاق أعماله عبر 7 مناطق مختلفة من العالم. وزاد أن نمو التمويل الإسلامي كقطاع أعمال هو أمر مثير للإعجاب، ومن المدهش في نفس الوقت القبول العالمي للمبادئ الاساسية للتمويل الإسلامي، رغم اختلاف المعتقدات الدينية.

وأشار إلى رؤية آدم سميث، وهو رائد الاقتصاد الحديث ان تحقق المصلحة الخاصة للفرد هي التي تؤدي بشكل غير مقصود إلى حد ما إلى رفاهية المجتمع كله، وفي المقابل تقدم التعاليم الإسلامية تأتي دليلا أكثر شمولية من خلال جعل المصلحة العامة للمجتمع محور جهودنا.

وأضاف أن المسألة تتجاوز فكرة اليد الخفية عند آدم سميث في ان رفاهية المجتمع ليست مصادفة، بل ان القاعدة الذهبية تحظر كل ما يفسد المجتمع حتى لو كان له فائدة للأفراد، مشيرا إلى ان القاعدة الذهبية تؤكد مفهوم العدالة، وهي محور التمويل الإسلامي والعدالة من منظور اقتصادي تقوم على أساسيين هما التوزيع السليم للموارد من أجل الرفاهية الشاملة للمجتمع، والمشاركة في المخاطر والمكاسب.

تحويل المدخرات

وأفاد بأنه مع تحويل البنوك للمدخرات من عدد كبير من الناس إلى قروض لعدد أقل منهم يظهر عدم الاتساق في استخدامات موارد البنوك من جهة، وتوزيع الموارد من جهة أخرى، مما دعا البنوك في عالم التمويل الاسلامي إلى تقديم التسهيلات لمن يمكنهم استخدام هذه المدخرات لمصلحة المجتمع عن طريق الدخول في استثمارات منتجة وخلق وظائف أكثر، مشيراً إلى أنه في السنوات الأخيرة شهدت الأصول نمواً بسبب السيولة المفرطة والسياسات النقدية غير التقليدية مع أثر محدود على النشاط الاقتصادي الحقيقي.

وأشار إلى كلمة كرستين لاغارد، والتي قالت فيها «إن مستوى الإقبال على المخاطر الاقتصادية محدود، في حين ان مستوى الإقبال على المخاطر المالية مرتفع»، مبينا انه في هذا السياق فإن التمويل الإسلامي من خلال إنشاء رابط بين التمويل والاقتصاد الحقيقي يشجع على تحمل المخاطر الاقتصادية، مما يساعد على تحسين معدلات النمو وخلق الوظائف، ولكنه يتطلب في نفس الوقت تقديم التسهيلات التمويلية لاستثمارات منتجة، وليس فقط لأغراض استهلاكية غير واضحة أو لأنشطة المضاربة.

ولفت إلى أن المستثمر الأميركي وارن بافت اعتبر أن النوع الأول من الاستثمار، وهو استثمارات العملة، هو الأخطر رغم أن معظم المستثمرين يعتبرونه آمناً، أما الثاني وهو الاستثمار في الأصول مثل الذهب فلا ينتج عنه أي شيء، والاستثمار الثالث الذي يفضله هو الاستثمار في الأصول المنتجة، سواء كانت مؤسسات أعمال أو مزارع أو عقارات، وهذا تحديدا ما يطلبه التمويل الإسلامي من البنوك، وهو تشجيع الاستثمارات في الأصول المنتجة بحيث تعم الفائدة على المجتمع كله.

وزاد أن التمويل الإسلامي يتقدم عن ذلك بخطوات اضافية، حيث يتطلب المشاركة في الربح والخسارة، وهو الأمر المهم ليس فقط من منظور العدالة، ولكن ايضا لضمان تحقيق الاستقرار المالي، فالمقرضون لديهم الحافز لمراقبة جودة الاستثمارات، إذا ما كان الأمر يتطلب المشاركة في المخاطر الاقتصادية التي من شأنها أن تعود بالفائدة على المجتمع كله لا فقط المستثمرين.

سوق صاعد

وعن الوضع الحالي للتمويل الاسلامي، قال انه بعد انشاء اول بنك اسلامي في الكويت منذ اربعة عقود مضت، لدينا الان خمسة بنوك كويتية اسلامية تشكل مجتمعة ما نسبته 39 في المئة من الأصول المصرفية المحلية، وهي ثالث أكبر حصة للبنوك الإسلامية العاملة في أي دولة لديها نظام مصرفي مزدوج تعمل فيه البنوك الإسلامية والتقليدية، وعلى المستوى العالمي، مشيرا إلى تمتع الكويت بخامس أكبر حصة من الأصول المصرفية الإسلامية وثالث أكبر حصة من الصناديق الإسلامية.

وأفاد بأن النمو في قطاع التمويل الإسلامي لم يقتصر فقط على الكويت خلال العقود الأخيرة، فالتقديرات تشير إلى ان السوق العالمي للخدمات المالية الإسلامية مقاسا بالأصول الموافقة لأحكام الشريعية الإسلامية تجاوز 2 تريليون دولار حاليا، وهو ما يعد قفزة هائلة مقارنة بما قيمته 150 مليار دولار في منتصف التسعينيات، وفي السنة الماضية شهد سوق الصكوك أو إصدارات من حكومات اربع دول من خارج منظمة التعاون الإسلامي، وهي المملكة المتحدة، وهونغ كونغ، ولكسمبورغ، وجنوب افريقيا، مما يشير إلى انتشار الصكوك خارج حدود العالم الإسلامي.

وأوضح أن هذه التوجهات تؤكد أن التمويل الإسلامي ليس جديداً، ولا يتقتصر على الدول الإسلامية، فعلى مدى العقد الماضي استطاعت الصناعة تحويل نفسها من مجرد سوق ناشئ إلى بديل قابل للتطبيق بالنسبة لمستهلكي التمويل التقليدي بغض النظر عن معتقداتهم الدينية.

سلسلة المنتجات

وأشار إلى قيام البنوك الإسلامية بتقديم سلسلة عريضة من المنتجات والخدمات المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية لملايين العملاء في الشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا ومناطق أخرى من العالم، موضحاً أنه بالفعل تحققت إنجازات كبيرة على أرض الواقع، لكن الإمكانات والطموحات تعد بمزيد من النمو في التمويل الاسلامي. وأشار إلى ثلاث مسائل:

أولاً: آسيا والشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وهما المنطقتان حيث الوجود الأكبر للتمويل الاسلامي، وهناك فرص كبيرة فيهما للاستثمار في البنية التحتية، ومع الزيادة السكانية في بعض الدول والتوسع في المشروعات العمرانية في دول أخرى، تبدو الحاجة ملحة لبنية تحتية حديثة بدءاً بالمطارات إلى محطات الطاقة والسدود والطرق السريعة، وكل هذه الاستثمارات مدعومة بأصول عقارية ملموسة، مما يجعلها أهدافاً مثالية للتمويل الإسلامي.

ثانياً: تزايد إدراك العالم بأهمية الاستثمارات المسؤولة اجتماعياً والمستدامة بيئياً، ونظراً إلى التشابه في فلسفة الأعمال، فيمكن للتمويل الإسلامي أن يكون خياراً طبيعياً للاستثمارات المسؤولة اجتماعياً.

ثالثاً: لا يزال معظم المواطنين في الكثير من الدول النامية محرومين بشكل كبير من خدمات النظام المالي الرسمي أو لا يتعاملون كلية مع البنوك على سبيل المثال تكشف بيانات البنك الدولي حول الشمول المالي لعام 2015، أن نسبة 45.5 في المئة فقط من السكان البالغين لديهم حساب بنكي، في جنوب آسيا و14 في المئة فقط في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وهما المنطقتان اللتان يعيش فيهما أكثر من مليار وثلاثمائة مليون مسلم أي 82 في المئة، من إجمالي عدد المسلمين.

وبين أن هذه الأرقام تؤكد مرة أخرى الإمكانات المتاحة للبنوك الإسلامية للوصول إلى ملايين العملاء الذين لم تصلهم الخدمات المالية بعد، موضحاً أن النموذج المصرفي الذي يتبنى فلسفة العدالة الاجتماعية لا يغفل مسؤوليته في خدمة الناس الواقعين تحت رحمة المقرضين غير الرسميين.

بناء القدرات المؤسسية

وتناول الهاشل الاحتياجات الضرورية لمساعدة صناعة التمويل الإسلامي على الوصول إلى أقصى قدراتها، وهنا يأتي الدور الحيوي الذي تلعبه أربعة أنواع من المؤسسات، ليس فقط في تقديم بيئة مواتية لصناعة مستدامة وقادرة على مواجهة المخاطر والصدمات، بل أيضاً في التقريب بين الممارسات الحالية والروح الحقيقية للتمويل الإسلامي.

وذكر أنه على الرغم من وجود العديد من الباحثين البارزين الضالعين في الفقه الإسلامي، فإن الكثيرين منهم لديهم إلمام محدود بالخدمات التمويلية الحديثة، كذلك الحال بالنسبة لخبرائنا في صناعة التمويل التمويل التقليدي، بشكل عام فهم غير مؤهلين بما يكفي لفهم المضامين التي تشتمل عليها أحكام الشريعة الإسلامية.

وأشار إلى إحدى الدراسات التي تكشف أن أفضل عشرة علماء في فقه المعاملات الإسلامية يمثلون 67 في المئة من رؤساء هيئات الفتوى والرقابة الشرعية من القادرين على توجيه هذا المصارف بشكل صحيح لتقديم منتجات مالية مبتكرة.

وأضاف الهاشل أن هناك دوراً للجهات الرقابية التي تتولى تنظيم بيئة العمل وخصوصاً ضمن النظام المصرفي المزدوج في ظل خصوصية الصعوبات والتحديات التي تفرضها طبيعة التمويل الإسلامي التي تتطلب إيجاد نظام رقابي وإشرافي قوي.

لجنة بازل 3

وأشار إلى مجموعة إصلاحات لجنة بازل 3، حيث أصدرت لجنة بازل للرقابة المصرفية إرشادات تفصيلية للتطبيق في النظام المصرفي التقليدي، أما الإرشادات الخاصة بالمؤسسات المالية الإسلامية فهي محدودة للغاية، إن لم تكن غير متوفرة من الأساس، ويتطلب ذلك دون شك إعمال التقديرات من جانب الجهات التشريعية المعنية، الذي لا بد أن يؤدي إلى وجود فروق في التطبيقات بين مختلف الدول، وقد يؤدي إلى زيادة مخاطر الموائمة الرقابية رغم أن الإصلاحات الرقابية تهدف إلى تعزيز التوافق بين مختلف الأنظمة الرقابية.

وأكد أن على المؤسسات المالية الإسلامية مسؤولية كبيرة في بذل أقصى جهد ممكن لتقديم منتجات وخدمات تعكس روح التمويل الإسلامي وليس مجرد الالتزام بالمتطلبات الشرعية، موضحاً أن هذا الأمر ليس بعيد المنال لكنه يتطلب بناء القدرات للقيام بأنشطة بحثية أفضل وعرض منتجات وخدمات مبتكرة فضلاً عن حاجتها إلى تشجيع العدالة الاجتماعية في أنشطتها من خلال التوزيع السليم لمواردها.

وأضاف الهاشل أنه بالنظر إلى هذه التحديات فلن يستطيع أي من الأنواع الأربعة للمؤسسات المذكورة أن يجري تغييراً مهماً بمفرده، فكل مؤسسة سواء كانت قانونية أو رقابية أو مالية لها دور مميز تؤديه وتختص به عن غيرهان لكنه في الوقت نفسه مكمل لأدوار غيرها من المؤسسات.

وتابع: إذا كان كل نوع من أنواع هذه المؤسسات غير كاف في حد ذاته فإن هذه المؤسسات مجتمعة تشكل الأساس القوي لصناعة مالية إسلامية تتسم بالديناميكية والقدرة على مواجهة الأزمات وهذا من المتطلبات الأساسية لنمو مستدام. وأكد أن التوجهات الاقتصادية والمالية الحالية دائماً مفادها بأن العالم في حاجة إلى نظام أفضل فالهشاشة التي أصابت التمويل الحديث أصبحت واضحة تماماً وقد أدت مجموعة من الأحداث المتتالية مثل التلاعب العملات و»الليبور» والبيع المضلل للرهون إلى تكثيف المناقشات حول دور هياكل الحوافز والأخلاق.

6 نقاط رئيسية

دعا المحافظ السابق لبنك باكستان المركزي عميد ومدير معهد إدارة الأعمال في باكستان د. عشر إلى تحسين التمويل الإسلامي للولوج بالمسار الدولي للتمويل، مشددا على 6 نقاط رئيسة أهمها وضع جهة للإصدار مع تنويع هذه الإصدارات وحماية المستهلك.

وأكد ضرورة تنويع الداخلين على السوق، خصوصا المستثمرين الملتزمين أخلاقيا ونادى بأهمية أن يكون هناك حماية للمستهلك، فضلا عن تقديم المعلومات الضرورية بين الدائن والمدين، مشيرا الى أن حجم السيولة التي يملكها المستثمرون وتبحث عن فرص استثمارية في سوق الديون تقدر بنحو 5 تريليونات دولار حول العالم.

الناهض: التشريعات والقوانين المنظمة أبرز التحديات أمام «الصكوك»

أكد الرئيس التنفيذي لمجموعة بيت التمويل الكويتي (بيتك) مازن الناهض أن الكويت التي تعد من أوائل الدول في الصيرفة الإسلامية أصدرت القانون المنظم لإصدار الصكوك في الخامس من نوفمبر الجاري، إضافة الى اللائحة التنفيذية التي صدرت أمس، متوقعا أن يتواصل النمو الكبير في إصدار أدوات الدين الاسلامية خلال الفترة المقبلة، مدفوعا بدخول أسواق كبيرة على هذه الإصدارات كالإصدارات التي قامت بها أخيرا كل من بريطانيا وجنوب إفريقيا.

جاء كلام النهاض خلال كلمته في الجلسة الثالثة لمؤتمر التمويل الإسلامي «تلبية التطلعات العالمية»، والتي حملت عنوان «تطور التمويل الإسلامي طويل الأجل لتحقيق التنمية المستدامة»، بمشاركة كل من المحافظ السابق لبنك باكستان المركزي، والمدير الدولي للتمويل الاسلامي في ادارة الخدمات المالية بمؤسسة ستاندر آند بورز.

وبين الناهض أن أبرز التحديات أمام الصكوك في مختلف دول العالم هي التشريعات والقوانين المنظمة وتوحيد المعايير.

تعزيز سوق الصكوك

شدد المدير الدولي للتمويل الإسلامي في إدارة الخدمات المالية بمؤسسة ستاندر آند بورز لخدمات التصنيف محمد داماك على أهمية تعزيز سوق الصكوك في سوق الدين العام العالمي من خلال ثلاثة إجراءات ضرورية.

وأشار داماك إلى أن هذه الإجراءات تشمل تخفيض تكاليف إصدارات الصكوك وتخفيض المدة الزمنية للإصدارات، إضافة الى تسهيل عملية الإصدار في حد ذاته من خلال تقليص الدورة المستندية، وهو الأمر الذي ينعكس إيجابا على حصة السوق من سوق الدين العام، مقارنة بسوق السندات وأدوات الدين الأخرى.