لوح عدد من النواب باستخدام «الفيتو» النيابي تجاه مشروع الحكومة الجديد الخاص بإنشاء الهيئة العامة لمكافحة الفساد، نتيجة تضمينه بعض المواد «الملغومة» التي تكبل عمل الهيئة عن اداء عملها المنوط بها، ولا تحقق استقلاليتها التي ارادها المشرع، مؤكدين ان الكرة الان في ملعب مجلس الامة وعليه منح الهيئة حق الحصول على المستندات دون اي شروط ونقل تبعيتها الى مجلس الامة.

Ad

وفي تصريح لـ«الجريدة»، قال رئيس لجنة الشؤون المالية والاقتصادية البرلمانية النائب فيصل الشايع: «نرفض جملة وتفصيلا ما اثير بشأن تضمين التعديلات مادة تغل يد الهيئة في الحصول على المستندات الحكومية، فتكبيل يد الهيئة في الحصول على المستندات من الموظفين والمسؤولين في الدولة التي تساعدها في التحقيق بقضايا الفساد، أمر غير مقبول».

وأضاف الشايع: «لا يمكن لهيئة مثل مكافحة الفساد اعدامها بمثل هذه المادة، التي تقص جناحيها، ولا تحقق الاستقلالية التامة لها كما اراد المشرع من هذا القانون، لذا سنعمل على شطب كلمة (متى صرح لها بذلك) ليتم الزام جميع العاملين بالدولة تزويد الهيئة بالمستندات المتعلقة بقضايا الفساد متى ارادت الهيئة».

وفي ما يخص قضية الايداعات المليونية، قال الشايع: «حسب ما ابلغني وزير العدل وزير الاوقاف والشؤون الاسلامية يعقوب الصانع فإن المشروع الحكومي الجديد تضمن اضافة التعديلات التي تسد الفراغ التشريعي الذي تسبب في حفظ القضايا بالنيابة العامة».

وأضاف الشايع: «سوف تتحمل الحكومة المسؤولية كاملة في حال لم تكن التعديلات المقدمة كافية لسد اي ثغرة خاصة بموضوع الايداعات المليونية، لأنها وحدها تعرف النقص في التشريعات الذي تسبب في حفظ قضايا النواب المتورطين في هذه القضية»، معربا  عن تحفظه على ما تضمنه المشروع من شأن انشاء نيابة متخصصة للتحقيق في جرائم الفساد، مشيرا الى ان ذلك من اختصاص عمل الهيئة.

وردا على سؤال «الجريدة»: ما الموقف الان بالنسبة لتكليف المجلس لهيئة مكافحة الفساد (التي تم ابطال مرسوم انشائها واصبحت القضايا المحالة اليها كأن لم تكن)، باستلام كشوف الذمم المالية للنواب منذ مجلس 1992 حتى تاريخه خاصة انه من تقدم بهذا الاقتراح؟ قال الشايع: «عند مناقشة قانون هيئة مكافحة الفساد وفور اقرار قانون الهيئة الجديدة سأعيد تقديم طلبي بتكليف الهيئة مرة أخرى، حتى يتم تمكينها من استلام كشوف الذمة المالية لجميع النواب والمسؤولين منذ عام 1992 ومتى وجدت شبهة كسب غير مشروع قامت بالتحقيق فيها واحالتها الى النيابة العامة».

من جهته، قال رئيس لجنة الشؤون الخارجية والبرلمانية النائب كامل العوضي لـ «الجريدة»: نرفض اي مادة واردة في المشروع الحكومي الجديد الخاص بمكافحة الفساد تكبل عمل الهيئة ولا تحقق استقلاليتها التامة، مشيرا الى ان «كرة قانون الهيئة في ملعب مجلس الامة الان، وسنعمل على تحقيق استقلاليتها التامة».

وشدد العوضي على ضرورة ان تكون هيئة مكافحة الفساد تابعة لمجلس الامة لا وزارة العدل، حتى تتحقق لها الاستقلالية والقوة والهيبة، كما الحال بالنسبة لديوان المحاسبة، ومن ثم تستطيع القيام بعملها على الوجه الأكمل.

وعن رأيه في التعديل الحكومي الخاص بحصول الهيئة على تصريح مسبق دون تحديد الجهة لاستلام مستندات من الموظفين في الدولة، قال: نرفض هذا الامر الذي يجعل الهيئة كالمخفر جملة وتفصيلا، وسنقف له بالمرصاد في مجلس الامة، وسنعمل على اطلاق يد هيئة مكافحة الفساد ومنحها صلاحيات اكبر مما وردت في القانون الذي تم اسقاطه من المحكمة الدستورية.

وفي السياق ذاته، أوضح النائب راكان النصف أن مشروع الحكومة البديل لهيئة مكافحة الفساد يحتوي مواد ملغومة تقيد الهيئة وفكرتها الأساسية في مكافحة الفساد.

وقال النصف لـ«الجريدة» ان الأصل في الهيئة ان تحصل على المعلومات دون قيود متى ما طلبتها، لافتا الى ان مشروع الحكومة يشترط الاذن والتصريح للحصول على المعلومات والبيانات، متسائلا: «كيف ستؤدي الهيئة دورها اذا كان الحصول على المعلومة مشروطا بموافقة الجهات الحكومية؟ ومن الذي سيعطي التصريح؟».

وأضاف النصف ان المشروع تحدث عن الكسب غير المشروع وذلك لسد الفراغ التشريعي الذي خلق «الايداعات المليونية» ولكن النص يحتاج الى توضيح أكثر لضمان عدم ضياع قضايا المال السياسي بين الحكومة والنواب أو أي أطراف أخرى.

وبين النصف ان تبعية الهيئة لوزارة العدل لا تزال تمثل علامات استفهام والأجدر ان تكون تابعة لرئيس الوزراء أو مجلس الأمة مباشرة، مشيرا الى ان تعيين رئيس الهيئة ونائبه من الحكومة أمر يحتاج الى نقاش، مستشهدا بديوان حقوق الانسان الذي يتم تعيين رئيسه عبر مجلس الأمة.

وشدد النائب النصف على ضرورة حسم قانون هيئة مكافحة الفساد في الجلسة القادمة حتى تعود الى أعمالها، مطالبا الحكومة بصرف رواتب موظفي الهيئة كما كانت الى حين اعادة الهيئة واعادتهم الى أعمالهم، مشيدا في الوقت ذاته بجهود جميع العاملين في الهيئة خلال الفترة السابقة.

بدوره، قال النائب أحمد لاري لـ «الجريدة» ان المشروع الحكومي بشأن مكافحة الفساد بحاجة الى اعادة نظر وفق التطبيق الذي حدث منذ اقرار المرسوم حتى ابطاله من قبل المحكمة الدستورية وفي ضوء ما ابدته الحكومة وهيئة مكافحة الفساد والاعضاء من ملاحظات.

وبينما فضل لاري عدم الخوض في التفصيلات المتعلقة بمواد القانون الجديد، قال «ان الكل متفق على اهمية قانون مكافحة الفساد، مع توفير مبدأ السرية والخصوصية عند تطبيقه، ووضع الضمانات اللازمة لعدم تسريب اية بيانات تصل الى الهيئة».

وشدد لاري على رغبته في ان تكون الهيئة العامة لمكافحة الفساد مستقلة وتتبع مجلس الامة مثل ديوان المحاسبة، ويكون للمجلس رأي في تعيين رئيسها، أسوة بما حدث بالنسبة للديوان، مشيرا الى انه يجب الاستماع الى ملاحظات الحكومة في ما ادخلته على القانون من تعديلات اولا قبل ابداء الاراء.