بين التفجير والتدبير
قال تعالى: "وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبَرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ". صدق الله العظيم؟لقد أعطت الكويت درساً عظيماً في الوحدة، تجلى في أروع صور التلاحم الوطني ومنذ اللحظة الأولى التي صاحبت تفجير مسجد الإمام الصادق متبوعاً بمشهد تزاحم مئات الآلاف من المعزين التي احتضنها المسجد الكبير، ثم صلاة الجمعة التي جمعت المواطنين، والتي تقدمها سمو الأمير وسمو ولي العهد، وما هذه المشاهد إلا غيض من فيض لهذا التلاحم والتراحم والتواصل بين أطياف الوطن.
"هذولا عيالي" جملة خرجت من قلب أمير الإنسانية الشيخ صباح الأحمد الصباح معزياً نفسه قبل أهالي الشهداء؛ ليصل صداها إلى كل العالم في مشهد كرّس علاقة الحاكم بالمحكوم في أروع صورها، مقتدياً بنهج النبي صلى الله عليه وآله وسلم "كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤول عَنْ رَعِيَّتِهِ".كشف مرتكبي جريمة مسجد الإمام الصادق في هذا الوقت القياسي جاء بفضل الله، ثم بالجهود المخلصة التي بذلها رجال الداخلية، كما كانت كلمة معالي وزير الداخلية الشيخ محمد الخالد المسؤول الأول عن أمن الكويت لتؤكد أهمية استباق الحدث ومحاربة حواضن الإرهاب، ومن يدير ويغسل عقول هؤلاء الشباب.هناك تدابير أخرى على بقية مؤسسات الدولة تنفيذها لدعم هذا الملف في مواجهة الفكر المتطرّف كمنهج استباقي لمنع تكرار الجريمة من خلال وضع تصور شامل تتبناه المؤسسات الرسمية والأهلية، يبدأ بنشر ثقافة التسامح وقبول الآخر، وينتهي في تطبيق مواد الدستور كحرية الاعتقاد والعدل والمساواة بين المواطنين ضمن إطار الحقوق والواجبات دون تمييز لعرق أو جنس أو دين. ما يجمعنا أكبر بكثير مما يفرقنا، ولو ركزت النخب الدينية والسياسية وأصحاب الرأي على هذه المشتركات لكان الواقع مغايراً لما وصلنا إليه اليوم من تشكيك في الولاء والهوية، وطعن في الذمم، ولما وجدنا ثقافة التكفير.ما نصبو إليه بعد هذا الحادث الأليم يجب أن يشكل نقلة نوعية في الخطاب، ونقلة في التدابير الاحترازية، مع التأكيد على تطبيق قانون الكراهية لمن يريد أن يدق إسفين الفتنة في هذا البلد الأمن، فالقضية قضية أمن، ومستقبل الكويت غير قابل للتجزئة.بعد أن بانت هويات منفذي العمليات الانتحارية، الذين كان جلهم إما من صغار السن أو من مدمني المخدرات والمنبوذين اجتماعياً، الباحثين عن الشهادة المضللة، تأتي أهمية معالجة مصدر الخطر من خلال احتضان الشباب ومعالجة هؤلاء المرضى قبل أن يقعوا صيداً سهلاً لمروجي الفكر المتطرف.في الختام، اللهم ارحم شهداءنا، واحفظ الكويت وأهلها من كل مكروه، تحت ظل سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد وسمو ولي عهده الشيخ نواف الأحمد إنك مجيب الدعاء.ودمتم سالمين.