رغم الجهود القانونية التي بذلتها محكمة الاستئناف في قضية النائب السابق عبدالله البرغش وأسرته، والتي ستكون محل طعن ونظر من قبل محكمة التمييز لتقرير سلامة المنهج الذي سلكته محكمة الاستئناف أو الذي قررته محكمة أول درجة، فإن القضية لاتحتاج منّا كقانونيين الانتظار إلى ما ستؤول إليه النتيجة من محكمة التمييز فقط، بل أعتقد أن الحل لمصائبنا القانونية يكمن في القانون وحده، لذا أتمنى من المجلس الحالي أن ينظر في تعديل قانون إنشاء الدائرة الإدارية ليسمح للقضاء النظر في قضايا سحب وإسقاط قضايا الجنسية والرقابة على مشروعيتها فقط، وأن يمنع القضاء من نظر مسائل المطالبة بالجنسية الكويتية وترك أمر تقديرها للحكومة، على أن يراجع هذا الموقف بعد سنوات أخرى تسمح بتقبل الحكومة فكرة التحلل من سطوتها الإدارية على كل القرارات، وأن تسمح للقضاء الرقابة عليها.

Ad

مخجل جداً ونحن نحتفل بمضي 53 عاماً على صدور الدستور ومازال القضاء ممنوعاً من نظر قرارات إدارية أصدرتها السلطة التنفيذية رغم ما يتضمنه كقرار من انعدام حقيقي؛ بسبب عدم توافر الأركان التي يتعين توافرها فيه كقرار بذريعة التمسك في نص سيئ تمت صياغته في غياب الحياة النيابية وصدر على شكل مرسوم ضرورة، ثم جاءت المجالس اللاحقة، وأبقته ولم تتصد له، وبقي منذ ذلك الوقت سلاحاً يستخدم في الوقت الذي يحين استخدامه بعيداً عن رقابة القضاء وأدواته التي كفلها الدستور في المادة ١٦٦ منه!

مخجل جداً ونحن نتباهى بقضائنا الذي تصدت أحكامه لمراسيم الضرورة التي يصدرها سمو أمير البلاد في فترة غياب مجلس الأمة، ويأتي حكم المحكمة الدستورية في يونيو 2013 ليلغي مرسوم الضرورة بإنشاء اللجنة العليا للانتخابات لانتفاء حالة الضرورة، وليؤكد القضاء بأنه طرف حقيقي وفعال في معادلة مراسيم الضرورة التي تصدرها الحكومة في فترة غياب المجلس، وفي المقابل، لايملك القضاء أن ينظر في أمر مشروعية قرار إداري أصدره وزير قد تتوافر لديه الشروط والأركان اللازمة لإصداره، وقد لاتتوافر لديه أي شروط بذريعة أنه محجوب على القضاء النظر في مسائل الجنسية!

مخجل جداً، ونحن في بلد أراد مؤسسوها أن يكون الدستور موزعاً للصلاحيات بتوازن لكل سلطة فيها من السلطات، ثم تسلب صلاحيات إحدى السلطات ممثلة في القضاء بذريعة وجود قانون تلاعب بذلك التوازن الذي أراده الدستور لكل سلطة من السلطات ومن بعد ذلك أوجد خرقاً في الجدار الذي وضعه الدستور للحفاظ على حقوق وحريات الأفراد بأن أبعد القضاء عن رقابة قرارات الجنسية والإبعاد ودور العبادة!

في الختام، أتمنى من المجلس والحكومة أن يدركا خطورة قضية حجب رقابة القضاء على أي مسألة متصلة بحقوق وحريات الأفراد، وأن يتركا للقضاء أمر الفصل فيه، فقضاؤنا ولله الحمد قادر على بسط كل الأمور وإعطاء كل ذي حق حقه سواء بتأييد قرارات الحكومة أو بإلغائها.