واجه القطاع المصرفي خلال 2015 العديد من التحديات والمتغيرات الداخلية والخارجية التي أثرت عليه بشكل واضح، وأدت إلى تذبذب أدائه، فمنذ بداية 2015 ومع التراجع الملحوظ لأسعار النفط ظهر تراجع البيئة التشغيلية بشكل واضح بسبب تخفيض الإنفاق وتأخر الحكومة في طرح مشاريع جديدة، وانخفضت قيم الضمانات من الأسهم المحلية بعد انخفاض القيمة السوقية للشركات المدرجة في سوق الكويت للأوراق المالية.

Ad

ونتيجة لتلك البيئة المضطربة، اتجه بنك الكويت المركزي لزيادة تشدده في الرقابة على القطاع، خوفا من حدوث مخالفات جديدة في ملف القروض قد تؤدي إلى تكرار أزمة 2008، التي نتج عنها إنشاء صندوق المعسرين وصندوق الاسرة، إذ قام البنك بالعديد من الاجراءات الوقائية لمنع حدوث أي مخالفات على مستوى كل القروض، خاصة على قطاع القروض الاستهلاكية التي زاد نموها بشكل كبير خلال الفترة الماضية.

وبالرغم من صعوبة البيئة التشغيلية فإن الارقام الأخيرة الصادرة عن «المركزي» تؤكد قوة وسلامة القطاع المصرفي بشكل عام... «الجريدة» قامت بحصر أهم المحطات التي أثرت بشكل مباشر على القطاع المصرفي في 2015، والتي قد تمتد تداعياتها إلى 2016، وكانت كالتالي:

رفع سعر الخصم

بعد ثبات سعر الخصم على 2 في المئة لمدة أكثر من ثلاث سنوات، قام بنك الكويت المركزي مؤخرا خلال الشهر الجاري برفع سعر الخصم واقع 25 نقطة أساس ليصل إلى 2.25 في المئة، وذلك بعد قيام مجلس الاحتياط الفدرالي برفع سعر الفائدة الأميركية.

ونتيجة لهذا التغير، تأثرت أسعار الفائدة على القروض المصرفية، والانتربنك، مع تراجع واضح للسيولة في القطاع المصرفي وانكماش في الودائع، حيث ارتفع هامش الاقراض لدى البنوك للحد الاقصى المسموح له وهو ثلاث نقاط مئوية فوق سعر الخصم، لتصل الفائدة لدى بعض البنوك إلى 5.25 في المئة وبحد ادنى 5 في المئة.

وهو الامر الذي سيؤثر على الائتمان بشكل عام خلال الفترة المقبلة، خاصة قطاع القروض المقسطة الكبيرة، التي تصل مدتها إلى 15 سنة وتستخدم في السكن الخاص.

انخفاض الودائع لدى «المركزي»

انخفض إجمالي ودائع البنوك لدى البنك المركزي بنسبة 19.05 في المئة لتنخفض من 3.855 مليارات دينار إلى 3.121 مليارات دينار بانخفاض بلغ 734.7 مليون دينار، وتنقسم هذه الودائع إلى ودائع تحت الطلب لدى البنك المركزي والتي انخفضت بنسبة 5.88 في المئة من 423.2 مليون دينار إلى 398 مليون دينار بانخفاض 24.9 مليون دينار، إضافة لودائع طويلة الأجل لدى البنك المركزي، التي انخفضت ايضا بنسبة 20.68 في المئة لتفقد نحو 709.8 ملايين دينار.

وزاد رصيد أدوات الدين العام لدى البنوك بنسبة ضئيلة بلغت 1 في المئة لتزيد من 1.562 مليون دينار إلى 1.579 مليار دينار بزيادة 17 مليون دينار، في حين لم يتغير رصيد سندات البنك المركزي لدى البنوك المحلية خلال التسعة اشهر الأولى من 2015، ليبقى عند مستوى 1.925 مليار دينار.

وزادت ودائع الحكومة لدى البنوك بنسبة 1.73 في المئة، وبقيمة 91.2 مليون دينار لترتفع من 5.286 مليارات دينار إلى 5.377 مليارات دينار.

انخفاض المطالبات الأجنبية

ارتفعت الموجودات الأجنبية لدى البنوك المحلية من 11.68 مليار دينار إلى 12 مليار دينار بزيادة 327.1 مليون دينار وبنسبة 2.8 في المئة، في المقابل انخفضت المطلوبات الأجنبية بنسبة 8.77 في المئة لترتفع من 4.297 مليارات دينار إلى 3.92 مليارات دينار وبانخفاض بلغ 376.8 مليون دينار.

وارتفعت الودائع المتبادلة في سوق ما بين البنوك المحلية «الانتربنك» بنسبة بلغت 19 في المئة لتزيد من 1.804 مليار دينار إلى 2.148 مليار دينار بزيادة 343.3 مليون دينار.

سندات رأس المال

أصدر عدد من البنوك المحلية سندات مساندة لرأس المال خلال 2015، كما تحضر بنوك اخرى لاصدار سندات وصكوك في 2016، ويأتي هذا التوجه تطبيقا لتعليمات "المركزي" الذي اعتمدها في فبراير 2014، والخاصة بمعايير كفاية رأس المال (بازل 3)، حيث يعد هذا الاجراء متوقعا من البنوك، خاصة أنه يأتي في اطار رفع معدلات كفاية رأس المال والتنفيذ التدريجي لتعليمات "المركزي"، بحيث تنتهي من اتمام النسب المحددة من قبل البنك، أو تزيد عليها قبل انتهاء مهلة "المركزي".

فعندما اطلق "المركزي" تعليماته أعطى البنوك مرحلة انتقالية لتطبيق هذا المعيار، تمتد على مراحل زمنية تستمر حتى مطلع عام 2019، وهو ما دفع بنوك للقيام بالإصدار الفعلي للسندات وإعلان أخرى نيتها عن ذلك.

وتحقق هذه الإصدارات إقبالاً قوياً من المؤسسات والأفراد ذوي الملاءة المالية العالية، حيث تتم تغطية الاكتتاب أكثر من مرة، وهو ما يؤكد ثقة المستثمرين بمثل هذه الإصدارات.

وعادة ما تستحق هذه السندات بعد عشر سنوات من تاريخ الإصدار على أن تكون قابلة للاسترداد في نصف المدة، أي بعد خمس سنوات من تاريخ الإصدار في تواريخ سداد الفائدة، وذلك بعد استيفاء الإجراءات اللازمة.

وينقسم سعر الفائدة على هذه السندات إلى قسمين، الاول بالنسبة للسندات ذات الفائدة الثابتة، ويقوم البنك بتحديد سعر الفائدة بالنقاط فوق سعر الخصم المعلن من قبل بنك الكويت المركزي عند تاريخ الاصدار وذلك لمدة معينة قد تكون نصف مدة الاستحقاق مثلا، ثم تتم إعادة مراجعة هذه الفائدة بحسب سعر الخصم السائد وقتها.

أما عن سعر الفائدة على السندات ذات الفائدة المتغيرة فيتم تحديد الفائدة المتغيرة بعدد من النقاط فوق السعر المعلن للمركزي، ويتم تغيير هذا السعر مع تغير سعر الخصم، بشرط ألا يتجاوز اجمالي سعر الفائدة على سعر الفائدة المطبق على سندات الفائدة الثابتة في ذلك الوقت.

نمو ودائع القطاع الخاص

زادت ودائع القطاع الخاص لدى البنوك بنسبة 2.5 في المئة، لترتفع من 32.48 مليار دينار إلى 33.3 مليار دينار بزيادة 825.2 مليون دينار، وتنقسم هذه الودائع إلى ودائع تحت الطلب بالدينار، التي انخفضت بنسبة 1.9 في المئة وبقيمة 155 مليون دينار لتنخفض من 8.11 مليارات دينار إلى 7.95 مليارات دينار، إضافة لودائع شبه النقد التي ارتفعت بنسبة 4 في المئة وبقيمة 980.3 مليون دينار من 24.36 مليار دينار إلى 25.34 مليار دينار.

وشهد عام 2015 إعادة لتشكيل الهيكل الاستثماري للودائع لدى البنوك الكويتية، وأظهرت الارقام الصادرة عن بنك الكويت المركزي انخفاضا في قيم الودائع قصيرة الاجل مع حدوث طفرة للودائع الاكثر من سنة، وهو ما يشير إلى تغير السياسية الاستثمارية للعملاء خلال العام الحالي.

فمن حيث الودائع لشهر انخفضت بنسبة 9.3 في المئة من بداية العام الحالي من 9.825 مليارات دينار إلى 8.938 مليارات دينار، لتفقد 887.4 مليون دينار.

وانخفضت أيضا الودائع لأكثر من شهر إلى 3 أشهر بنسبة 8.9 في المئة من 7.16 مليارات دينار إلى 6.53 مليارات دينار لتفقد 637.2 مليون دينار، كما انخفضت الودائع لأكثر من 3 أشهر إلى 6 أشهر بنسبة 7.5 في المئة، من 5.298 مليارات دينار إلى 4.9 مليارات دينار لتفقد 397.4 مليون دينار.

وشهدت الودائع لأكثر من 6 أشهر إلى 9 أشهر زيادة بنسبة 27.8 في المئة لترتفع من 2.18 مليار دينار إلى 2.788 مليار دينار لتزيد 606 ملايين دينار، في المقابل انخفضت الودائع لأكثر من 9 أشهر إلى سنة بنسبة ضئيلة بلغت 1 في المئة من 1.946 مليار دينار إلى 19.25 مليار دينار لتفقد 21.1 مليون دينار.

وشهدت الودائع لأكثر من سنة طفرة واضحة بارتفاعها 106.77 في المئة لترتفع من 1.757 مليار دينار إلى 3.634 مليارات دينار بزيادة 1.876 مليار دينار.

554.1 مليون دينار أرباح البنوك

حققت البنوك المحلية العشرة نمواً إيجابياً في صافي أرباحها خلال التسعة أشهر الاولى من عام 2015، بنمو 12.85 في المئة بالمقارنة بنفس الفترة العام الماضي لترتفع من 491.05 مليون دينار في التسعة اشهر الاولى من 2014 إلى 554.17 مليون دينار بزيادة بلغت 63.12 مليون دينار.

وطال النمو جميع البنوك، حيث تصدر «الوطني» القطاع كأعلى البنوك ربحية، بأرباح بلغت 227.92 مليون دينار بزيادة 24 مليون دينار عن نفس الفترة العام الماضي، تلاه بيت التمويل الكويتي بقيمة 25.16 مليون دينار وبزيادة 4.9 ملايين دينار، وبنك برقان بقيمة 59.03 مليون دينار وبزيادة 10.37 ملايين دينار، ثم البنك الاهلي المتحد بـ39.09 مليون دينار وبزيادة 0.39 مليون دينار، وبنك الخليج بـ29.62 مليون دينار وبزيادة 3.09 ملايين دينار.

«المقاصة الإلكترونية»

اعتمد بنك الكويت المركزي خلال مايو الماضي مشروع نظام المقاصة الالكترونية للشيكات كبديل للنظام الحالي اليدوي، وذلك لتطوير بيئة العمل المصرفي ونظم وعمليات التشغيل لدى البنوك وميكنة مختلف أنشطتها بما يساهم في الارتقاء بمستوى الخدمات المصرفية المقدمة، خاصة أن النظام الجديد يعمل على تحسين الكفاءة التشغيلية لمقاصة الشيكات واختصار مدة تحصيل قيمة الشيك لحساب المستفيد وإيداعه بحسابه من مدة 4 أيام في النظام اليدوي إلى يوم عمل واحد أو في نفس اليوم، ونجح عدد من البنوك توفيق أوضاعها بالكامل مع النظام الجديد.

تنقل العملاء وإلزامهم بالفواتير

لعل من أهم احداث العام المصرفية قيام بنك الكويت المركزي بإصدار قرار بالسماح بإعادة هيكلة القروض الشخصية وانتقال عملاء القروض (الافراد) من بنك إلى آخر، وهو القرار الذي توقعت الاوساط المصرفية له ان يحقق تغييرا كبيرا في خريطة العملاء على مستوى كافة البنوك، إلا ان التعليمات ألزمت العميل تقديم سبب حصوله على القرض وتقديمه فواتير تثبت استخدام القرض في السبب الذي قدمه خلال 6 اشهر من حصوله عليه، وهو ما عطل حركة انتقال المقترضين، كما سببت حالة من الهدوء في حصول العملاء على قروض جديدة.

ويرى مصرفيون أن «المركزي» يسعى لتفادي ظهور فقاعات قروض اخرى مماثلة لتلك التي ظهرت إبان الازمة المالية العالمية في 2008، والتي أدت إلى تدخل الحكومة عبر انشاء صندوقي المعسرين والأسرة، لافتين إلى أن هذا القرار يسعى للتأكد من استخدام العميل للقرض (خاصة القرض المقسط) في مكانه الصحيح، وألا يتم استخدامه في اغراض اخرى مثل شراء سيارات فارهة أو السفر، وغيرها من الاغراض الاستهلاكية الاخرى، متوقعين أن تقود هذه الاجراءات إلى تحسن القطاع المصرفي على المدى البعيد.

انخفاض ضمانات الأسهم

عانت البنوك انخفاض قيم الضمانات من الأسهم المحلية بعد انخفاض القيمة السوقية للشركات المدرجة في سوق الكويت للأوراق المالية، وهو ما سيؤدي بالضرورة لتجنيب مزيد من المخصصات لمواجهة هذا التراجع، وواجهت الشركات المتعثرة ذات الملاءة الضعيفة مشكلة كبيرة في معالجة قروضها المتعثرة مع البنوك، في ظل انخفاض أسعار ضماناتها المرهونة وعدم قبول البنوك ضمانات جديدة نظرا إلى هبوط اسعارها.

استمرار الأزمات السياسية

تأثرت الوحدات المصرفية التابعة والزميلة للبنوك الكويتية الخارجية في عدد من الدول نظراً للركود الاقتصادي التي عانته هذه الدول من تداعيات الاحداث السياسية هناك، فبالرغم من من عدم تأثر الوحدات المصرفية والاستثمارات التابعة للبنوك الكويتية بما حدث، فإن انخفاض النشاط الاقتصادي والمالي كان له أثر واضح على هذه الوحدات في انخفاض نشاطها هي الاخرى.

انخفاض الدينار

تصدر الدينار الكويتي باقي العملات الخليجية انخفاضا منذ التراجع الحاد لسعر النفط، الذي بدأ منتصف عام 2015، أي منذ نحو عام ونصف العام، لينخفض بنسبة بلغت نحو 7 في المئة خلال تلك الفترة ليستقر على 0.303 فلس للدولار مقابل 280.5 فلسا نهاية ابريل الماضي، وهي نفس نسبة التراجع أمام العملات الخليجية، وهو سعر الصرف الأدنى للدينار أمام الدولار منذ عام 2002.

ويأتي ذلك نتيجة سياسة سلة العملات التي تنتهجها الكويت منذ 2006 وتعد الأكثر مرونة بين دول مجلس التعاون والتي تربط عملتها بالدولار، وهو ما يساعد الكويت على اتخاذ سياسة سعر صرف مدروسة تقلص العجز في الميزانية، عبر تخفيض الدينار بما يتناسب مع الاحتياجات السياسة النقدية والمالية في ظل انخفاض تدفقات العملة الأجنبية مع انخفاض الإيرادات النفطية للكويت لأكثر من النصف خلال تلك الفترة.

وبالرغم من عدم إعلان بنك الكويت المركزي مكونات سلة العملات، فإن مصرفيين أكدوا لـ»الجريدة» أن الحصة الاكبر في هذه السلة من الدولار، إضافة لبعض العملات الرئيسية الاخرى حسب نسب التجارة البينية للكويت مع الدول.

9.3% نمو المعاملات عبر البطاقات البنكية

حققت قيم المعاملات الائتمانية عبر البطاقات البنكية البلاستيكية زيادة ملحوظة خلال التسعة اشهر الأولى لعام 2015، لترتفع بنسبة 9.3 في المئة مقارنة بنفس الفترة العام الماضي لتزيد من 13.625 مليار دينار في نهاية سبتمبر 2014 إلى 14.892 مليار في نهاية سبتمبر 2015، بزيادة قدرها 1.266 مليار دينار، وذلك وفق إحصائية أعدتها «الجريدة».

وارتفعت قيمة التعاملات عبر نقاط البيع من 5.706 مليارات دينار إلى 6.518 مليارات دينار بزيادة 812.8 مليون دينار وبنسبة 14.24 في المئة، كما زادت قيمة التعاملات عبر ماكينة الصرف الآلي من 7.919 مليارات دينار إلى 8.373 مليارات دينار بنسبة 5.73 في المئة وبقيمة 453.5 مليون دينار.

كما ارتفع عدد أجهزة نقاط البيع بنسبة 18.6 في المئة من 35.54 ألف نقطة في نهاية سبتمبر 2014 إلى 42.148 ألف نقطة في نهاية سبتمبر 2015، بزيادة 6.602 آلاف نقطة، كما ارتفع عدد ماكينات السحب الآلي 9 في المئة من 1.553 ألف ماكينة إلى 1.693 ألف ماكينة بزيادة 140 ماكينة.