«دور العرض الحكومية»... احتضار بـ«ختم النسر» بسبب التردي وإهمال أجهزة الدولة
قاعات سينما مطفأة الأنوار ومواقع مميزة مهدرة، وصالات كبرى عنوانها {الصمت}، تعاني الإهمال والإغلاق بـ{ختم النسر}، هي حال دور العرض السينمائية المملوكة للدولة، مقابل {القاعات الخاصة} المجهزة بكل سبل الراحة والترفيه الجاذب للجمهور.
في دورته الأخيرة منذ أسابيع، أوصى المهرجان القومي للسينما بالوقوف على العدد الحقيقي للأصول السينمائية، وتطويرها، وركز على حالة دور العرض، وبعض الأستوديوهات المملوكة للدولة، معدداً أسباب توقفها بين سوء البنية الإنشائية، أو كثرة النزاعات القضائية، أو ترسانة الإجراءات الروتينية المعقدة.{إستوديو مصر، إستوديو الأهرام، إستوديو النحاس، إستوديو جلال} أبرز دور العرض الحكومية، ضمن قاعات يزيد عددها على 200 دور عرض سينمائي مملوكة للدولة، بين المتوقفة والمهملة. كانت أول دار لعرض الأفلام قد أنشئت في الإسكندرية باسم {سينما توغراف لوميير}، ووصل عدد دور العرض مع نهاية عصر الأفلام الصامتة إلى 86 داراً عام 1926، ثم ازداد مع ظهور الأفلام الناطقة، ووصل إلى 395 داراً عام 1958، وبعد إنشاء التلفزيون عام 1960، وإنشاء القطاع العام في السينما عام 1962، بدأ عدد دور العرض في الانخفاض، ووصل إلى 297 داراً عام 1965، ثم 141 عام 1995.
فشل الدولة الناقد السينمائي محمود قاسم أرجع حال السينمات الحكومية التي وصفها بـ{المتردية} إلى الطريقة السيئة التي تنظر بها الدولة إلى السينما من ناحية، وفشلها في إدارة ملفات عدة في القطاع العام ككل من ناحية أخرى، وأوضح حديثه بتناول المحدد الأول قائلا: {تهدف الدوائر الرسمية في البلاد إلى الربح من وراء السينما، وهو ما أدى إلى إسناد أصول السينما لفترات طويلة إلى وزارة الاستثمار، مما ساهم في تدهور حال عدد من مراحل إنتاج العمل الفني وصولا إلى {دور العرض}، بسبب تصور السلطة عن الفن في تلك الأوقات وحتى يومنا هذا}.وأضاف أن عدم قدرة الحكومة على مجاراة التطورات الحالية، والتراجع والانسداد في كثير من مجريات ومسارات العمل في القطاعات التابعة لها، أدى بطبيعة الحال إلى تفوق القطاع الخاص عليها أو ما يعرف بـ}سينما المولات}، لما توفره من إمكانات وسبل راحة وتوفير لما يحتاج إليه مرتادو تلك القاعات، في حين تظل قاعات الدولة بلا اهتمام أو رعاية، أو يحدث ما هو أسوأ من حيث إهدار المال العام في خطط أو مشاريع سينمائية غير ناجحة.وعن تأثير حال دور العرض الحكومية على الصانع والمتلقي في الأعمال الفنية، أوضح أن ذلك يمثل عبئا على كاهل القيمين على صناعة السينما، خصوصاً من شريحة الشباب الذين يواجهون الصعوبات لعرض أعمالهم وسط كثير من حسابات الأفلام التجارية والاستهلاكية، والمشاهد بدوره يدعم بشكل غير مباشر فقدان سلطة الدولة على الفن المنتج على أراضيها، فيذهب إلى سينمات القطاع الخاص ويعزز من تلك الأوضاع، ولا يستطيع التصرف في حال أية زيادات في الأسعار أو تفاوت في ما يفرض عليهم داخل تلك القاعات غير المملوكة للدولة.وتواصلت {الجريدة} مع رئيس المركز القومي للسينما أحمد عواض الذي قال إن ثمة خططاً ورؤى من المنتظر صدورها في هذا الشأن، لتفعيل دور قاعات العرض السينمائية المملوكة للدولة، وأضاف أن قراراً بنقل أصول السينما إلى وزارة الثقافة سيسفر عن وجهات نظر ستصلح الكثير من الأحوال، وقال: {إننا في حالة انتظار لما ستحتوي عليه أجندة وزارة الثقافة من قرارات تخص أصول السينما بشكل عام ودور العرض بشكل خاص}.رئيس الاتحاد العام للمنتجين العرب إبراهيم أبو ذكري دافع عن {دور العرض الخاصة}، قائلا بأن الحال التي وصلت إليها دور العرض الحكومية لا يجب أن تنسحب على باقي دور العرض غير المنتمية للقطاع العام، ولا يجب أن ننصب لها المشانق لمجرد أنها خرجت من عباءة الوصاية الحكومية، التي تضر أكثر مما تنفع. وأوضح أبو ذكري إن دور العرض الخاصة {بديل مناسب} لقاعات العرض الحكومية، وأن الأمر أشبه ما يكون بفعالية ومرونة الفضائيات الخاصة مقارنة بحال الإعلام الحكومي، وإذا أردنا إصلاح قاعات العرض الحكومية فيجب تفعيل منظومة لا يتم فيها رفض القطاع الخاص، وأن تتكاتف الدولة مع أصحاب الدور الخاصة لاستغلال دور العرض الحكومية تحت إشراف {الدولة}، وبذلك يتم استغلال المقرات ولكن بتيسيرات على الجمهور من ناحية وتسهيل في إجراءات الاستفادة من ناحية أخرى.