مصر: قطار الانتخابات النيابية ينطلق بغياب الاخوان للمرة الأولى منذ ثلاثين عاماً

نشر في 17-10-2015 | 12:20
آخر تحديث 17-10-2015 | 12:20
No Image Caption
للمرة الأولى منذ أكثر من ثلاثين عاماً، تشهد مصر انتخابات نيابية بدون مشاركة الاخوان المسلمين بعد عامين من إطاحة الرئيس الذي ينتمي إليها محمد مرسي وقمع أنصارها وحظرها رسمياً.

فجماعة الإخوان المسلمين التي أسسها حسن البنا في 1928 شاركت في كل الانتخابات التشريعية التي جرت في مصر في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك إذ كان مسموح لها بهامش حركة سياسية رغم أنها كانت رسمياً محظورة.

وباستثناء مرة واحدة اتفقت فيها الجماعة مع حركات وأحزاب معارضة أخرى على مقاطعة الانتخابات احتجاجاً على قانون جديد لتنظيم الاقتراع في 1990، شارك الاخوان في كل الانتخابات منذ 1984 واستخدموا الشعار الشهير "الإسلام هو الحل" لتمييز أعضائهم سياسياً.

وكان الاخوان الذين تمكنوا خلال سنين حكم مبارك الثلاثين من بناء ماكينة انتخابية فعالة وباتوا قوة المعارضة الرئيسية والأكثر تنظيماً، هيمنوا على أول برلمان انتخب عقب ثورة 2011.

وقد حصدوا حينذاك قرابة 44 بالمئة من مقاعده قبل أن يتم حله بقرار من المجلس العسكري الذي كان يتولى السلطة العليا في البلاد قبيل انتخاب محمد مرسي في 2012.

ويعتقد الخبراء أن الاخوان المسلمين قد يغيبون عن الساحة السياسية في مصر لسنوات ولكن ليس إلى الأبد وأن تنظيمهم السياسي حتى وان ضعف فانه سيستمر.

ويقول استاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة حازم حسني أن الاخوان "سيعودون مجدداً إلى الساحة السياسية ولو بعد سنوات".

ولكنه لا يتوقع أن يتم ذلك في وجود الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي الذي أطاح مرسي عندما كان قائداً للجيش في الثالث من يوليو 2013 قبل أن تشن أجهزته الأمنية حملة قمع ضد جماعة الإخوان أسقطت 1400 قتيلاً، كما أدت الحملة إلى وضع عشرات الآلاف منهم في السجون واخضاع المئات من بينهم مرسي لمحاكمات جماعية سريعة دانتها الأمم المتحدة.

ويشاركه الرأي المحلل السياسي مصطفى كامل السيد الذي "يستبعد تماماً" أن يؤدي قمع الاخوان إلى "انهاء التنظيم".

ويؤكد أن "هذه ليست المرة الأولى التي يمر فيها الاخوان المسلمين بهذه التجرية" مذكراً بالاعتقالات الواسعة في صفوفهم التي تمت في عهد الرئيس الأسبق جمال عبدالناصر بعد تعرضه لحادث اطلاق نار اتهم الاخوان بتدبيره في 1954.

ويتابع "يبرع الاخوان في ايجاد أساليب للبقاء والحفاظ على التنظيم"، ويشير إلى أنه على الرغم من الأوضاع الحالية فإن "تظاهرات أسبوعية ما زالت تجري في الأقاليم بناءً على توجيهات من التنظيم حتي لو كانت هذه التظاهرات محدودة".

ويعتقد السيد أن "التنظيم قائم رغم تعرضه لضربات مؤثرة والظروف التي أدت إلى ظهور الإخوان مازالت قائمة وهي تتمثل أساساً في تردي أوضاع الطبقة المتوسطة إضافة إلى جاذبية الشعار الديني وجاذبية الفكرة التي يدعون إليها وملخصها أن خلاص مصر هو بالعودة للدين".

ويضيف أن "هذه الفكرة ما زالت باقية وسيبقي تنظيم الاخوان وسيجتذب أشخاص آخرين فهو تنظيم شرائح واسعة من الطبقة المتوسطة المصرية وليس تنظيم الفقراء وهؤلاء لن يعدموا وسيلة في التواصل والابقاء على التنظيم".

ويؤكد حسني كذلك أن "الاخوان تيار موجود وسيظل موجووداً لفترة طويلة لأنه حتى لو ضعف التنظيم (جراء القمع) فإن الفكرة ستظل قائمة في مجتمع محافظ ومتدين بطبعه".

ويتابع "اعتقد أنهم سيظلون خارج الحلبة السياسية طالما بقي السيسي في السلطة لأن النظام الحالي والاخوان ذهب كل منهما بعيداً" في صدامه مع الآخر.

ويعتقد حسني إنه "كان يمكن للاخوان أن يكونوا جزءاً من المشهد السياسي الراهن لأن النظم العسكرية تحتاج إلى المكون الديني وتميل إليه لأسباب عدة أهمها أن التيار الديني تيار محافظ مثله مثل العسكريين وهو يقدم لهؤلاء المساحة الفقهية التي يحتاجونها لتأكيد فكرة احترام السلطة القائمة وطاعة ولي الأمر".

غير أن الاخوان بحسب حسني "راهنوا على اسقاط التغييرات السياسية التي حدثت بعد يونيو 2013 وكان ذلك رهاناً خاطئاً".

ويعتبر حسني أن حزب النور السلفي "يلعب الآن هذا الدور ويتحرك في مساحة تشابه تلك التي كان مسموحاً لجماعة الاخوان بها" أثناء حكم مبارك.

ويخوض حزب النور الذي أيد إطاحة مرسي وأعلن دعمه للسيسي عند ترشحه للرئاسة العام الماضي، الانتخابات التي تبدأ الأحد المقبل في مصر بقرابة 200 مرشح، بسحب ما قال لفرانس برس نائب رئيس الحزب اشرف ثابت.

ولكن الحزب يبدو واقعياً وبراغماتياً إذ لا يتوقع أن يحقق نفس المكاسب التي حصل عليها في أول انتخابات بعد الثورة عندما فاز بأكثر من 22% من مقاعد البرلمان.

وأكد ثابت على أن "هناك تغيراً في مزاج الناخب المصري نتيجة تغير الأوضاع السياسية"، مشيراً إلى أن الحزب ينافس الآن على قرابة ثلث مقاعد البرلمان فقط "في حين إننا في 2012 نافسنا على 95% من المقاعد".

back to top