ماذا يعني تلويح «البنتاغون»؟!
لا يمكن تصديق أن "البنتاغون" الأميركي يلوح بالخيار العسكري ضد إيران، مع أن التلويح لا يعني شيئاً، فحتى على صعيد الأفراد فإننا نرى دائماً وأبداً من يلوِّح بقبضته أمام أنف غريم أو صديق له، لكن هذا التلويح يبقى تلويحاً ويبقى كل شيء على ما هو عليه، ولذلك فإن أغلب الظن أن تلويح "البنتاغون" الأميركي سيبقى مجرد تلويح، وستبقى إيران تفعل ما تشاء في هذه المنطقة التي من المفترض أنها منطقة مصالح حيوية أميركية.هناك مثل يقول "إنّ من يُكبِّر حجره لا يضرب"، ويقيناً لو أن إدارة الرئيس باراك أوباما جادة لكانت وجهت لإيران ضربة تأديبية منذ أن بدأت تعبث بأمن هذه المنطقة وتتدخل في الشؤون الداخلية للعديد من دولها، وبخاصة العراق الذي يعتبر حتى الآن تحت الحماية الأميركية ما دام أنها هي التي قادت حرب عام 2003 وأسقطت نظام صدام حسين و"فَرَطَتْ" الدولة العراقية بكل مؤسساتها وأجهزتها و"اخترعت" هذه المعادلة التي مكنت الإيرانيين من احتلال بلاد الرافدين التي لاتزال تحتلها حتى الآن.
لا نعرف لماذا أعلن "البنتاغون" الأميركي الآن "تلويحه" بضرب إيران، فما الجديد والمستجد حتى تهدد واشنطن بهذا التلويح؟! إنها لعبة مكشوفة وواضحة والمقصود هو مزيد من تسويق اتفاقية النووي للعرب تحديداً لأنهم المتضرر الأكبر من إطلاق يد دولة الفقيه في هذه المنطقة، وهنا فإن أول الغيث هو "التحرش" الإيراني الأخير بدولة الكويت فيما يتعلق بحقل "الدرة" النفطي المائي الذي من المفترض أن أي خلاف عليه محكوم بالقوانين الدولية. لقد تحققت مخاوف العرب من أنْ تُطْلق اتفاقية النووي يد إيران في هذه المنطقة، والمؤكد أن "البنتاغون" الذي يقول الآن إنه "يلوح" بالخيار العسكري ضد دولة الولي الفقيه غير جادٍ بهذا التلويح وإلا لكان قد رد على تصريحات مرشد الثورة علي خامنئي التي قال فيها إنه لا تغيير في السياسات الإيرانية بعد توقيع هذه الاتفاقية وإن طهران ستواصل دعمها لـ"المستضعفين" في العراق وفي سورية ولبنان واليمن... والبحرين.ثم وإذا كان "البنتاغون" بالفعل جاداً بهذا التلويح فلماذا يا ترى لم تنطق الإدارة الأميركية ولو بكلمة واحدة عندما أرسلت طهران جنرالها "الطرزاني" إلى بغداد ليفْرض نوري المالكي، المتهم بالفساد وبجريمة الانسحاب لـ"داعش" من الموصل، على رئيس الوزراء حيدر العبادي وعلى السيد علي السيستاني والسيد مقتدى الصدر والشعب العراقي بمعظمه بالقوة؟! لقد "أتْخمتنا" هذه الإدارة الأميركية، إدارة باراك أوباما، بسياستها ومواقفها المائعة والمترددة تجاه هذه المنطقة وأزماتها وأخطرها الأزمة السورية، ولذلك وعندما يقول "البنتاغون" إنه يلوح بالخيار العسكري ضد إيران فإنه لا يوجد من يصدقه، ولا يوجد من يرى في هذه التصريحات سوى أنها مجرد محاولة لامتصاص الغضب العربي على واشنطن بعد توقيعها اتفاقية النووي، هذه التي ثبت منذ اللحظة الأولى أنها بالفعل أطلقت يد دولة الولي الفقيه في هذه المنطقة العربية.