إنه متجر قديم وهو يقع خارج منطقة ديكنز. تقبع دمى مشوهة وقديمة على المقاعد والرفوف كما يقول الأخوان كواي بنبرة لطيفة حين يتحدثان عن ما يفعلانه لنسج أحلامهما وتنفيذ أفلام الرسوم المتحركة القصيرة. لكن ثمة تفصيل واحد مثير للاهتمام: نعلم أن الأخوين كواي يستعملان قطرة أو قطرتين من زيت الزيتون البكر لبث «الروح» في عيون الدمى.

Ad

لا يمكن التشكيك بعمل الأخوين كواي. تجول ثلاثة من أفلامهما القصيرة، بما في ذلك تحفتهما الصامدة، في أنحاء البلد تزامناً مع عرض الفيلم الوثائقي القصير Quay من إخراج صانع فيلمَي Interstellar

وMemento، كريستوفر نولان. يُعتبر فيلم The Quay Brothers in 35mm عملاً متجدداً ومربكاً في الوقت نفسه.

صدرت نسخ جديدة من الأفلام القصيرة الثلاثة. هي تبدو سلسة وقاتمة على جميع المستويات. لنبدأ بأهم عمل بينها: أصبح فيلم Street of Crocodiles القصير (مدته 21 دقيقة) جزءاً من  أعماقي ومن حياتي السينمائية منذ أن شاهدتُه في أواخر الثمانينات (هو صدر في عام 1986). مثل جميع أعمالهما، هو غريب من حيث القصة ولكنه شفاف ومؤثر في جميع تفاصيله.

هو يشتق من قصة قصيرة ألّفها كاتب وأستاذ بولندي اسمه برونو شولز وقد قُتل على يد شرطة {غيستابو} السرية حين كان يعبر الشارع في بلدة واقعة في جنوب شرق بولندا في عام 1942. خلال فترة معينة، كان النازيون يعتبرون شولز {يهودياً مفيداً}، فقد جمع أعداداً هائلة من الكتب المسروقة ليتمّ شحنها إلى ألمانيا. كانوا يوافقون على كل ما يوافق عليه النازيون. أما بقية الكتب، فكانت تُحرَق.

عكست قصص شولز خلال الثلاثينيات الأهوال المرتقبة، لكنها فعلت ذلك بطرق خيالية ومتحررة على نحو غريب: يمكن أن يتحول البشر إلى طيور خلال حفل عشاء مثلاً. في تعليق انطباعي للشقيقين كواي على حياة شولز وعمله، نشاهد في الفيلم {الواقعي} رجلاً داخل ما يشبه مسرحاً للدمى المتحركة. هو يستعمل آلية معينة ويبث الحياة في الآلات. فندخل إلى عالم متحرك صغير، في إحدى بلدات بولندا، حيث لا شيء يبدو جامداً ولا يمكن الوثوق بأحد. يمكن قطع أسلاك الدمى وفك المسامير عند الحاجة. تكون الدمى مزودة بثقوب مخيفة ومتوهجة لتعذيب البطل الذي يكون شاباً مهذباً وأنيقاً وحذراً، وهو على خلاف مع بيئته بكل وضوح. لن يصمد المجتمع. عند الاصطدام بالواقع، كتب شولز في إحدى المرات أن رد فعل الجنس البشري الوحيدة سيتمثل بإطلاق {تخيّل هجومي مضاد}.

يبدو فيلم Street of Crocodiles مقتضباً جداً لكنه متكامل. هو واحد من النماذج القليلة عن الأعمال الفنية التي ترتبط بمحرقة اليهود وتستعمل الصور المجازية والمقارنات والارتباك المبهم، وهو أسلوب متميز جداً. اقتبس مسرح {كومبليسيتي} فيلم Street of Crocodiles لإنتاج نسخة مسرحية منه. كان هذا العمل لامعاً أيضاً وكان الأخوان كواي أول الواصلين لحضوره.

قبل ظهور Street of Crocodiles في فيلم The Quay Brothers in 35mm، يظهر  In Absentia من عام 2000 على موسيقى الملحن كارل هاينز شتوكهاوزن وThe Comb من عام 1991 على موسيقى ليزيك يانكوفسكي. تصبح الأغراض الجامدة كائنات حساسة ومضطربة في عالم الأخوين كوين. إنه مكان مخيف ومدهش ويستحق الزيارة طوال 70 دقيقة.