تعلّم كيف تغيّر وجهة نظرك

نشر في 08-08-2015
آخر تحديث 08-08-2015 | 00:01
No Image Caption
لا شك في أن تعلم التمتع بمرونة أكبر، وخصوصاً في طريقة التفكير والتحليل، ليس بالمهمة السهلة. يتمسك كل إنسان بوجهة نظره. ومن المؤكد أن تبديل نظرتنا إلى أنفسنا وإلى حياتنا اليومية ليس أمراً يسيراً. ولكن في حالة مَن يعاني عدم الرضا المزمن، قد تشكل هذه الخطوة مصدر سعادة، وهي بالتالي تستحق العناء.
يرتبط عدم الرضا ارتباطاً وثيقاً بالرغبة وبفكرة المتعة المنتظرة. ومن الضروري الإشارة إلى أن عدم الرضا هذا لا علاقة له بعقدة الدونية. فلا دخل للشعور بعدم الرضا بالنظر إلى الذات نظرة سلبية.

ولكن من الضروري العمل على الذات للتخلص من هذا الشعور. وعلى غرار غيره من المرضى النفسيين، لا يرغب مَن يعاني عدم الرضا المزمن القيام بعمل مماثل. وعندما يقتنع في النهاية بأهمية هذه العملية، لا يعرف بالضرورة من أين عليه أن يبدأ.

التشديد على الأهداف

من الضروري أن نبدأ من مكان ما: فلمَ لا تبدأ من أهدافك في الحياة المهنية والشخصية؟ هل تتوقع أن تبلغ مصباً معيناً في غضون ثلاث سنوات؟ لمَ لا؟ ولكن يجب أن ترسم الأهداف للمستقبل القريب لأن ذلك يتيح لك صعود السلم درجة تلو الأخرى لا محاولة بلوغ القمة دفعة واحدة. ما رأيك في أن ترسم الأهداف لسنة واحدة وأن تعدلها وفق الظروف التي قد تواجهك؟

التشديد على العلاقات

ينبغي لمريض عدم الرضا المزمن القيام بجردة للعلاقات التي تجمعه بالآخرين: أفراد العائلة، شريك الزواج، الأولاد، الزملاء في العمل، أرباب العمل، والأصدقاء. ومن المثير للاهتمام تأمل وجهين في هذه المسألة:

ما نوع العلاقات التي تجمعني مع هؤلاء الناس؟ ما مدى عمقها ووتيرتها؟ تساعدنا هذه الخطوة في تحديد ما إذا كانت العلاقة صادقة حقاً أو أننا نتمسك بها بسبب الواجب أو الحاجة أو الإقرار بالجميل.

وبدل التساؤل عما أجنيه من هذه العلاقات، يجب أن نتساءل عما نحمل إليها نحن كأفراد. وتشكل هذه خطوة مهمة تتيح لنا تقييم بدقة خصالنا ومميزاتنا.

تكمن أهمية هذه الخطوة في التوصل إلى واقع جديد بشأن الرأي الذي نكوّنه عن الآخرين. يميل مَن يعاني عدم الرضا المزمن إلى الخلط بين الرغبات والحاجات. فعندما يتمنى أمراً ما، بخلافنا، تتحول هذه الرغبة إلى حاجة.

أهمية الثقة

 

ليتمكن مريض عدم الرضا المزمن من التغيير، عليه أن ينمي الثقة ليس بنفسه بل بالآخرين. يظن هذا المريض أنه إذا تعاطى مع المحيطين به على طبيعته فلن ينال الحب. نتيجة لذلك، يفتقر هذا المريض إلى الأصدقاء، لا لأنه إنسان بغيض، بل لأنه يرفض التعبير عن مشاعره الصادقة.

التحكم في عدم الرضا

من المستحيل تغيير وجهات النظر فجأة، فتنشأ الحاجة إلى تدخل شخص من الخارج: الطبيب النفسي. يتحول عدم الرضا المستمرّ إلى طبيعة ثانية في المريض يجهل ما السبيل إلى التخلص منها، مع أنه قد يرغب فعلاً في التبدل. وقد تنبع رغبته هذه أحياناً من تعليقات المحيطين به ومن العزلة المفروضة عليه والتي يخشاها. يعمل الطبيب النفسي مع هذا المريض على أصعد عدة:

• المصالحة بين الإنسان البالغ اليوم والولد الذي ما زال يحتاج إلى تسوية أحواله.

• تحديد مشاعره الحقيقية وحاجاته الفعلية.

• إدراك أن مشاعر النقص التي تراوده وهمية في غالبيتها.

إذاً، يُضطر المريض إلى الخضوع لعلاج نفسي بكل معنى الكلمة، وخصوصاً إذا كان في حالة يُرثى لها. كذلك قد يجني المريض فائدة من العلاج السلوكي، خصوصاً تعليمه أساليب الاسترخاء. وقد يجني المريض أيضاً فوائد من تمارين أخرى، مثل التركيز على اللحظات الجميلة ومعرفة تنشيطها بشكل شبه متعمد بغية التحكم بميوله الطبيعية.

الشخصيات الأكثر عرضة لعدم الرضا المزمن:

مَن يعانون نرجسية شاذة: يُعتبر هذا النوع من الشخصيات أكثر عرضة لعدم الرضا المزمن، لأن الانتقاد يشكل جزءاً لا يتجزأ من طبيعته. يضع النرجسي نفسه فوق الآخرين ويسعى لفرض تشاؤمه عليهم.

المثاليون الذي يسعون إلى الكمال المستحيل: تُعتبر المثالية ميزة حميدة، إلا أنها تسبب بدورها عدم رضا مزمن ما إن تتخطى حد المقبول.

في مطلق الأحوال، تعود أسباب عدم الرضا المزمن غالباً إلى الطفولة، وتشمل التعرض لصدمات قوية في هذه المرحلة من النمو، مثل العنف أو غياب الحب والحنان. فتتأصل هذه في شخصية الولد الذي يصبح بعد ذلك حزيناً ومتشائماً إلى أبعد الحدود، وقد يصل البعض إلى حد الانتحار.

لكن هذه الحالة الأخيرة تحتاج إلى متابعة طبية وعلاجية دائمة.  إلا أن الوضع يختلف مع حالات عدم الرضا المزمن البسيطة.

back to top