كيف يتخطى النجوم المطبات ويحافظون على الاستمرارية؟
الطريق إلى النجومية لم يكن يوماً مفروشاً بالورود، بل تحيط به، على الدوام، المشاكل والتحديات... ورغم المشقات التي تسببها فإن الفنان يصرّ على الاستمرار في مشواره الفني وعينه أبداً ساهرة ومترقبة، وذهنه يقظ لمواجهة الصعاب التي تعترضه من دون ان تؤثر في شخصيته أو في فنه. المشقات كثيرة ومتشعبة، ولا تنحصر في زاوية معينة أو في مجال معين، بل في كل خطوة يخطوها الفنان أفخاخ وألغام عليه الحذر منها، والسير بينها بتأنٍ وثبات لكن ثابتة، لكي يحفر لنفسه مكانة ويستمر فيها. {الجريدة} سألت النجوم حول كيفية تخطّيهم الصعوبات التي تواجههم في حياتهم الفنية، وحصدت الأجوبة التالية.
تواضع وسيرة حسنة أحمد إيراج «أصبحت الحياة الفنية متقلبة كالبورصة تماماً»، برأي الفنان أحمد إيراج موضحاً أن الفنانين، على مستوى أشمل، سواء كانوا ممثلين أو كتاباً أو مخرجين معرضون لارتفاع أسعارهم وهبوطها، فإذا كان الأجر مرتفعاً يعني أن الفنان يسير على النهج السليم، وإذا انخفض فعليه أن يعيد حساباته ويرسم خطة محكمة ليرتفع سهمه من جديد أي اللون الأخضر. يضيف: «يتعرض النجم لكثير من المطبات، لعل أهمها الشللية، فإذا كان محسوباً على مجموعة معينة، يكون وضعه في خانة الخطر، لأنه لن يحصل على عمل، من هنا عليه أن يكون ذكياً ويفتح أبوابه للعاملين في المجال الفني، ويتعاون مع الجميع من خلال التواصل معهم في المحافل الفنية، إضافة إلى توطيد العلاقات مع الزملاء». يتابع: «ثمة مطبّ آخر هو ثبات الفنان على مستوى معين، فنحن نعاني قلة الدورات والورش لتطوير الموهبة، فيما يخضع نجوم هوليوود وبوليوود لتدريبات في الأداء التمثيلي والإلقاء والاستعراض وتمارين اللياقة البدنية، إضافة إلى ذلك على الفنان تطوير نفسه من خلال القراءات والمشاهدات، ومتابعة الأعمال المسرحية، وكل ماهو جديد على شبكة الإنترنت، لأنه يحتاج، على غرار الطبيب إلى التجديد والاطلاع على كل هو حديث}. عبدالعزيز صفر «أتجنب بعض المشاكل، أثناء اختيار فريق العمل، سواء كانت المسرحية جماهيرية أو نوعية»، يوضح المخرج والفنان عبدالعزيز صفر، مؤكداً رفضه الانصياع أمام فرض الفرقة أسماء معينة، «لأنني أكون على علم ودراية بأن الممثل الفلاني صاحب متاعب ويثير المشاكل لذا استبعده، حتى وإن كان محترفاً لكن عدم التزامه سيعطل عملي». يضيف: «ينطبق هذا الأمر حتى على المؤلف الذي يتدخل كثيراً لمجرد فرض الرأي، فأنا أحبذ الكاتب المتفهم والمرن الذي يتعاون من أجل مصلحة العرض». يتابع: «البروفات والاجتماعات ضرورية جداً لإضفاء روح الأسرة على فريق العمل والود والمحبة والخوف على الآخر، هذا كله يصب في خانة النجاح». يشير إلى أنه في حال أكتشف، بعد اتمام الاتفاقات، عيوب ممثل أو مصمم الديكور أو مصمم الأزياء في عمله، «أحاول حل الأمور للوصول إلى منطقة التراضي الأنسب، وأختصر الجمل الحوارية أو أضيف حيلة إخراجية، للتعامل مع خلل في الديكور ومساحته التي قد تعيق حركة الممثلين على الخشبة، وتطويع ما هو موجود ومعالجته، في ظل الظروف الراهنة، بكل هدوء». شايع الشايع «ليتخطى الفنان المشاكل، مبدئياً، عليه أن يكون حسن السيرة والسلوك داخل الوسط الفني أو خارجه»، يقول المخرج د. شايع الشايع، عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للفنون المسرحية. يضيف: «على الفنان المحافظة على علاقاته الجيدة، وألا يخسر أحداً، وألا يتعالى على الناس. كذلك عليه أن يكون سلساً ومرناً ومنفتحاً، ولديه قابلية للتطويع، ويتمتع بثقافة عالية، ويتقبل النقد البناء، لأنه لولا أهميته لما تعرّض للنقد، «لا ترمى إلا الشجرة المثمرة»، ثم ليس كل الرمي يعتبر تجريحاً، بل للتشذيب وإصلاح الأمور، ولا تتحقق استمرارية أي نجم إلا من هذا الباب». يتابع: «على الفنان أن يكون كالعملة بوجه واحد وليس بوجهين، لأنه شفاف، ويقتدى به في كل مكان، ويفترض أن ينظر إلى هذا النجم بعين جمالية، وعدم تشويهها، وألا يعطي أي انطباع بأن تقديرنا له ليس في محله أو خاطئ، فالفنان الحقيقي يسير دربه من المهد إلى اللحد بذات الخط والسلوك، يرتفع ويرتقي ويرقي معه المتلقين، ولا يحدث ذلك من خلال النفاق والمجاملات من ثم يكشف وجهه الحقيقي، هنا تكون السقطة حتى وإن جاء ذلك بعد عشرين سنة». يشدد على ضرورة أن يتمتع النجم بأخلاق رفيعة وسمعة طيبة، حتى يستمرّ، و{الشاهد على ذلك نجوم كثر أمامنا لا يزالون لامعين، فيما البعض الآخر كان نجماً وسقط بسبب تغيره بعد النجومية وحصد الأموال، «من تواضع لله رفعه» وهذا سيد الأخلاق وسر النجاح». يختم: «قطف الثمار لا يأتي إلا بعد النضوج، وإذا وجدت أن الثمرة ناضجة شكلاً من الخارج وفاسدة من الداخل ترمى، والنجم كذلك، عليه الالتزام بالتواضع والسيرة الحسنة في التعامل الفني والإنساني». حفاظ على الهوية نقولا الأسطا {رؤوس الأموال التي تتحكم بالسوق الفني وغياب شركات الإنتاج من أكثر المشاكل التي تواجه الفنانين راهناً، برأي نقولا الأسطا، مؤكداً تحرّره من هذه السلطة طالما أنه يُنتج أعماله بنفسه. يضيف: {لكل شيء ثمنه في الحياة. صحيح أن تحرّري نعمة ولا يستطيع أحد أن يفرض عليّ شيئاً أو القول إنه أطلقني فنياً، إنما يحتاج الفنان المستقل، رغم حضوره ومحبة الناس، إلى مضاعفة جهده للمشاركة في الاستحقاقات الكبيرة أي في المهرجانات والحفلات التي تقرر فيها شركات معيّنة هوية الفنانين ممن يعملون معها. هذا الثمن الذي أدفعه مقابل عنفواني والاستقلالية التي أتمتع بها}. يتابع: {قد أتخلّى أحياناً عن قناعاتي لتقديم أغنية تتماهى مع السوق مثلما حصل معي سابقاً، إنما المهم المحافظة على النعمة التي وهبنا إياها الله وعلى مسلكية معيّنة وعلى الخامة الصوتية. برأيي يجب أن تكون الأغنية ملائمة لخامة الصوت، فالصوت هو الذي يسيّر الفنان الذي يختار ما يليق به، ليصل فنّه بصدق إلى الجمهور}. باسكال صقر {ثمة عوامل عدّة أدت الى تغيرات في الوسط الفني، منها الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي التي فعّلت الانفتاح بين الناس، فضلا عن توافر الفضائيات العربية} تشير باسكال صقر لافتة إلى أنه {في السابق، لم يكن عدد الفنانين كبيراً وكانت ثمة مراقبة على نوعية الفنّ عبر الإذاعة والتلفزيون}. تضيف: {أما راهناً، فيتوّحد العالم بطريقة أسرع، ما أدى الى دخول شركات كبيرة على الخطّ وتعاملها بطريقة مختلفة مع الفن والفنانين، بالتالي توجّه هؤلاء الى عالم الأعمال والتجارة. صحيح أن نمط الحياة تغيّر، ويفرض التأقلم معه وعدم مواجهته بطريقة سلبية أو الوقوف بوجهه وتطوّره، إنما نحن نواظب على تقديم أعمال جديدة ومنوّعة من ضمن المبادئ التي نؤمن فيها}. حول المشاكل التي تواجهها تتابع: {لا شك في أن دخول الشركات العربية على الخطّ فضلا عن ازدياد جوّ المنافسة مع توافر الفضائيات العربية وتدخّل سوق المال والاعمال، كل ذلك يحول دون قدرتنا على منافسة من هو متمكّن مادياً، وقادر على الاطلالة بكثافة عبر الشاشة وفي الاذاعات، ما حدّ من انتاجنا الفنّي}. حول النصيحة التي تقدمها لتحقيق الفنان استمرارية ناجحة توضح: {يجب أن يحافظ الفنان على شخصيته الفنية خصوصاً إذا احبّه الناس بها. فكلما كان صادقاً مع نفسه وشفّافاً، ويقدّم ما يشعر به ويشبهه، حقق النجاح. لا يمكنه تقليد سواه أو الادعاء أمام جمهوره، لأنه حينها سيفشل خصوصاً إذا كان يسعى لعمل فنيّ خالد}. جاد نخلة {عتبي على بعض شركات الإنتاج التي تتبنى الفن الهابط الذي هو دون المستوى، وعلى وسائل الإعلام التي تقبل عرض مثل هذا الفن}، يؤكد جاد نخلة لافتاً إلى أن الساحة الفنية تتسع للجميع، ولا يؤثر أبداً وجود مثل هذا الفن على الفن الأصيل. حول المبدأ الذي يعتمده رغم المشاكل التي تواجهه يضيف: {أنا من الأشخاص الذين يلتفتون إلى النوعية وليس إلى الكمية، لأن اسم الفنان وعمله لا يقاسان بعدد الأغاني التي يصدرها بل بكلمات تلك الأغاني وألحانها، وكلما كانت الأغنية واقعية وسهلة نجحت ورددها الناس. وفي عملي أحاول قدر المستطاع اختيار الأغاني بدقة». حول النصحية التي يوجهها للمبتدئين من اجل استمرارية ناجحة يتابع: «بحكم تجربتي الخاصة، الفنان الحقيقي ليس من يحصل على ميداليات أو على تقدير اللجنة، بل من يتابع مسيرته بالاحتراف الذي بدأ به وألا يقف عند حدود أول نجاح يصل إليه». تحدٍّ وتنوع تؤكد رانيا يوسف أن الوسط الفني، على غرار أي عمل آخر، ليس مفروشاً بالأضواء والنجومية والراحة، فمنذ اللحظة الأولى للانخراط فيه تبدأ الصعوبات الطبيعية التي تواجه كل شخص في مقتبل حياته العملية، إلا أن البعض من الجمهور يظن أنه العمل الأسهل في حين أن الحقيقة غير ذلك. وتضيف: «لا يستطيع كثر إكمال الطريق في الوسط الفني ويتجهون إلى مهن أخرى مختلفة، بسبب قدرتهم المحدودة على التحدي، أو لظروفهم المعقدة، هنا علينا مواجهة الصعوبات بشجاعة، والعمل تحت الضغط من أهم السمات التي يجب أن يتحلى بها الفنان، منذ بداية حياته الفنية، لا سيما أن طبيعة عمله تعتمد الجانب النفسي وقدرة على السيطرة على المشاعر». حذر والتزام توضح أميرة العايدي أن الفنان، بسبب طبيعة وجوده في بؤرة الضوء، يتعرّض أكثر من غيره لضغوط خاصة عبر تسليط الرؤية على حياته الشخصية والعائلية، وهو ما يمكن أن يسبب له مشاكل، فضلاَ عن ضغوط وقيود يلتزم بها هو وعائلته. تضيف أن طبيعة الوسط الفني تفرض تداول الأخبار فيه بسرعة، ما يعني ضرورة انتباه الفنان إلى تصرفاته، موضحة أن الفنان طالما التزم، في تعاملاته، بالجدية والصدق والدقة والعطاء لعمله، يستطيع تحقيق النجاح والتقدم فيه، لافتة إلى أنها تضع تلك المعايير نصب عينيها طوال الوقت لتتجنب الوقوع في أي مشكلة. بدوره يشير المطرب والممثل حمادة هلال، إلى أن التأني وعدم الاستعجال أحد أهم الشروط لضمان التحرك بثبات في مجال الفن، لافتاً إلى أن ذلك من أسباب تردده في قبول بعض الأعمال، حتى يظهر للجمهور في صورة يرضى عنها وبعيدة عن التكرار. يتابع أن البحث عن العمل الجيد وبذل الجهد للظهور، مهما كان شاقاً في البداية، والتحضير الجيد، كل هذه الأمور لها مردود لاحقاً بعد صدور الألبوم، ما يعوض المشقة والتعب اللذين يعيشهما الفنان، منبهاً إلى أن الطريق إلى النجاح والتميز شاق، لأن النجاح هو القمة التي لا يصل إليها سوى المتميزين والمجتهدين. تضحيات وحوافز تشير علا غانم إلى أن التنوع في الأدوار يجب أن يكون الهدف الذي يسعى إليه النجم منذ اللحظة الأولى لدخوله الوسط الفني، حتى لا يصاب بالملل، على المستوى الشخصي، وأيضاً لتجنب أن يعتاد الجمهور أداءه لشخصية معينة، موضحة أن منتجين ومخرجين كثراً يتمسكون بأداء ممثلين بعينهم أدواراً معينة ولا يمكنهم الخروج منها بسبب تكرار أدائها. تلفت إلى أن التضحيات التي يبذلها الفنان كبيرة، بداية من تسليط وسائل الإعلام عيونها عليه، وتضحيته بوقته الذي لم يعد ملكا له، لا سيما أن للوظائف والمهن مواعيد محددة، في حين أن الفنان يعيش حياة أخرى إلى جانب حياته الطبيعة، وهو ما يمكن أن يؤثر على الحياة العائلية للبعض الذين لا يستطيعون التوفيق في المواعيد. توضح جمانة مراد، أن إحدى أهم التحديات في الوسط الفني، الخلط الذي يقوم به البعض بين الشخصية التي يجسدها الفنان وشخصيته الحقيقية، على سبيل المثال في حال أدى دور شرير، يظن الجمهور أن ذلك جزء من شخصيته الحقيقية، مايسبب انطباعاً غير جيد لدى البعض. تضيف أن الطريق الأكثر وضوحاً للاستمرار في الوسط الفني، هو اليقين بأنه أولوية في حياة النجم ومقدم على ما سواه، فلا يكون ثمة عمل آخر إلى جواره، مشيرة إلى أن على الفنان السعي دائماً إلى كل ما هو جديد، فيقدم لجمهوره صورة جديدة بعيدة عن التكرار. يعتبر تامر عبد المنعم أن الصعوبات التي تواجه الفنان في بداية حياته، يجب أن تكون حافزاً له للاستمرار، «فهو صاحب رسالة في المجتمع لإثارة الوعي والانتباه والكشف عن المشكلات المختلفة، وبالتالي يجب أن يكون لديه إصرار على ممارسة دوره الذي اختاره»، مؤكداً أنه «طالما كان الفنان ملتزماً ومحباً لعمله وباحثاً دائماً عن أفضل النصوص والأعمال، فلا بد له من النجاح حتى وإن تأخر بعض الشيء».