تقرير صحي: إقرار قانون حقوق المرضى ضرورة ملحة للحد من الأخطاء الطبية

نشر في 12-09-2015 | 00:03
آخر تحديث 12-09-2015 | 00:03
لابد من إعادة هيكلة القطاع الصحي بفصل تقديم الخدمة عن الرقابة
لكي نطوي صفحة الأخطاء الطبية في الكويت لابد من الإسراع في إقرار قانون حقوق المرضى، لكونه سيحدث نقلة نوعية كبيرة في مجال رعاية المرضى بشكل خاص، ومجال حقوق الإنسان بشكل عام في البلاد.

أحدثت وفاة مواطنين اثنين خلال الأسبوعين الماضيين بأخطاء طبية، حالة من القلق لدى كثير من المتابعين، والأخطر أنها خلقت نوعا من عدم الثقة في الكادر الطبي والمرافق الصحية في البلاد، لدرجة أن البعض أصبح يفكر كثيرا قبل دخول أي مستشفى في البلاد.

والحقيقة أن الأخطاء الطبية موجودة في كل مكان حتى في أكثر الدول المتميزة طبياً، ونحن هنا بالطبع لا نؤيد الأخطاء الطبية، ولا نعطي حججاً أو مبررات لحدوثها، ولكن لو عرفنا أن الولايات المتحدة وحدها يحدث بها 440 ألف حالة وفاة سنوياً بسبب أخطاء طبية، وفي دول الاتحاد الأوربي تحدث نسب مقاربة أيضاً، يمكننا تفهم حدوث وفيات بسبب أخطاء طبية في مرافقنا.

ولكن يجب أن يعلم الجميع أن التحقيق في الخطأ الطبي صعب جداً ومعقد، ويحتاج إثباته، ليس فقط إلى لجان تحقيق طبية، بل في كثير من الأحيان يحتاج إلى الاستعانة بالطب الشرعي لتشريح الجثة، لمعرفة الأسباب الحقيقة لوفاة المريض.

ودعت منظمة الصحة العالمية كل دول العالم إلى العمل على استحداث برامج لسلامة المرضى، وتهدف في جانب منها إلى الحد من الأخطاء الطبية.

ما الحلول؟

في الكويت ولكي نطوي صفحة الأخطاء الطبية فلابد من الإسراع في إقرار قانون حقوق المرضى، والذي سيجعل الكويت في حال إقراره تلحق بركب الدول الرائدة في هذا المجال، حيث إنه سيحدث نقلة نوعية كبيرة في مجال رعاية المرضى بشكل خاص، ومجال حقوق الإنسان بشكل عام في البلاد.  وسيعمل وجود مثل هذا القانون ضمن منظومة التشريعات الصحية بالكويت على تعزيز الثقة بالنظام الصحي كله، ويحفظ حقوق المرضى والمستفيدين من الرعاية الصحية بمرافقها ومستوياتها المختلفة، كما أن هذا القانون في حال إقراره سيعمل على تنظيم العلاقة بين المريض والطبيب، وسيضع النقاط الأساسية في التعامل بينهما، وتحديد حقوق وواجبات كل طرف على الآخر.

ومن أهم المواد التي يتضمنها مشروع قانون حقوق المرضى ومذكرته الإيضاحية، والذي تم رفعه إلى مجلس الوزراء، بعدما تمت مراجعتهما وإفراغهما بالصيغة القانونية المناسبة من قبل الفتوى والتشريع، "أن يكون للمريض الحق في الحصول على الرعاية الطبية التي تتناسب مع حالته الصحية، وتتوافق مع معايير الجودة والسلامة، وتتفق مع التدابير الوقائية والعلاجية، بما يواكب أحدث التطورات الطبية والعلمية الحديثة في عالم الطب".

حق المريض

ويحق للمريض أيضاً "الحصول على المعلومات الطبية الكاملة حول وضعه الصحي، وتشمل هذه المعلومات الفحوصات الطبية بأنواعها، والتشخيص السليم لحالته والخطوات الطبية، سواء العلاجية أو الجراحية، مع بيان أهمية هذه الإجراءات، وما تحتمله من مخاطر أو مضاعفات، وكذلك البدائل المتاحة عنها وما قد يترتب عليها من نتائج أو مضاعفات".

وإضافة إلى إقرار قانون حقوق المرضى يأتي وجود هيئة مستقلة للصحة يكون أهم أهدافها الرقابة على الخدمات الصحية، للحد من الأخطاء الطبية، وتعزيز الثقة في الخدمة الطبية التي تقدم، فقبل نحو أربعة أعوام ظهر مقترح إنشاء الهيئة العامة للصحة كجهة مستقلة تراقب الخدمات الصحية المقدمة في الدولة، وكان الهدف من إنشاء هذه الهيئة حل المشاكل الإدارية والفنية التي تعانيها وزارة الصحة، إلى جانب المساهمة في تطوير الخدمات الصحية بالكويت.

ولكن لأسباب غير معلومة اختفى مقترح الهيئة العامة للصحة كجهة مستقلة للرقابة على الخدمات الصحية، واختفى المقترح أيضا من برنامج عمل الوزارة، ومن الخطة الإنمائية، على الرغم من التعبات السلبية الجمة وراء ترك الخدمات الصحية دون رقابة مؤسسية ومستقلة ومحايدة قادرة على حماية صحة المواطنين والمقيمين، وقادرة على وقف مسلسل الأخطاء الطبية الذي يدفع المواطن ثمنه من حياته.

 وهنا لابد من إعادة النظر في إعادة تفعيل إنشاء الهيئة كجهة مستقلة، بهدف إصلاح الاختلالات التي يعانيها القطاع الصحي في الكويت، خصوصا في ظل تراجع الخدمات الصحية المقدمة، حيث إن وجود تلك الهيئة سيؤدي إلى تطوير العمل الصحي في البلاد، والحد من الأخطاء الطبية في البلاد.

وتجدر الإشارة إلى أن وجود هيئة مستقلة للرقابة على الخدمات الصحية المقدمة ليست بدعة، فقد أدركت أغلب الدول الشقيقة المجاورة أهمية استقلالية وحيادية الرقابة على الخدمات الصحية باعتبارها تمس الحياة ولا يمكن تركها دون رقابة، فأعادت تلك الدول هيكلة القطاع الصحي، بفصل تقديم الخدمة، وأنشأت هيئات مستقلة عن وزارة الصحة، لتقوم بالمهام الرقابية، بغرض تحسين الجودة ومحاسبة المخطئ مهما كان موقعه، استناداً إلى المراقبة والتقييم الفني المستقل والمحايد.

back to top