لم تستطع نعيمة عاكف بما لديها من تأثير كبير على حسين فوزي، أن تخرجه من عزلته وحزنه الكبير على رحيل زوجته، إلا أن الفنان أنور وجدي، الذي يكره الحزن والمرض والموت، لمجرد سماع سيرتها، استطاع أن يخترق عالم حسين فوزي الحزين، ويعيده إلى عالم السينما، ليبدأوا على الفور تصوير فيلم «النمر»، خصوصاً أنه كان قد انتهى من الترتيبات كافة لبدء التصوير قبل وفاة زوجته.

Ad

خرج حسين فوزي في فيلم «النمر» عن تلك الدائرة التي وضع فيها نعيمة عاكف منذ أن قدمها في أول أفلامها «العيش والملح»، فابتعد عن مشاهد الفقر والجوع، وهجر الأب بيت الزوجية، والزواج من شابة في عمر أبنائه، وعوالم السيرك والبهلوانات والأكروبات، وأجواء الحارة المصرية والنماذج المساعدة لبطلته في رحلة البحث عن ذاتها لأجل الوصول إلى الشهرة. فدارت أحداث الفيلم حول «درويش» صاحب ملهى ليلي، غير أنه لا يستنكف أن يعمل في البار، لتقديم المشروبات لرواد الملهى، فيما تعمل ابنته «فاتن» راقصة ومطربة، ورغم ما يتمتع به من طيبة وحسن أخلاق ظاهرين، فإنه كان حازماً عند اللزوم، خصوصاً مع ابنته، حتى لا تتجاوز حدود الأخلاق.

على جانب آخر يحاول البوليس الوصول إلى عصابة خطيرة لتهريب المخدرات، أرهقته في البحث عن أفرادها ورئيسهم الذي يدعى «النمر» الذي يقود العصابة بكل قوة وحزم وشراسة، حيث لا يعرف الرحمة مع من يخطئ.

يذهب الصحافي «صلاح» إلى الملهى الليلي لمشاهدة استعراض فاتن الجديد، والكتابة عنها، في الوقت نفسه يقع أحد أفراد العصابة في خطأ، فيعاقبه النمر أشد العقاب، غير أنه قبل أن يموت يترك لشقيقته «هدى» أوراقاً توضح من هو «النمر» فتقود الصدفة صلاح إلى الحصول على هذه الأوراق، غير أنه قبل أن يطلع عليها، تقع في يد فاتن، لتكتشف الحقيقة المؤلمة، وهي أن «النمر» ما هو  إلا والدها «درويش» الرجل البسيط الطيب، فتقرر أن تبعده عن هذا الطريق بأسلوبها، ومن دون أن تشعره بأنها كشفت حقيقته، حتى لا يقع في يد البوليس، فكلما همَّ بتنفيذ عملية تهريب جديدة، أفسدتها عليه، وتركت له كلمة «الفهد» ليظن أنه مجرم آخر أقوى منه، يحاربه، ليكون الفهد في مواجهة «النمر»، ويحاول صلاح البحث عن رئيس العصابة، بعد أن فقد الأوراق التي تدل عليه، فيقوم بمراقبة فاتن، ليجدها في مكان تسليم واحدة من عمليات التهريب، فيظن أنها رئيسة العصابة، لكنه يكتشف الحقيقة، بعد أن يتم فضح أمر «النمر»، وتكتشف فاتن أنه ليس والدها، بعد أن تنطق والدتها التي ظلت لسنوات طويلة عاجزة عن الكلام.

رهان وتحدٍ

شعر حسين فوزي بأنه أمام تجربة مهمة في حياته الفنية، بإخراجه فيلماً لممثل ومخرج ومنتج بحجم أنور وجدي، فدخل في رهان وتحدٍ مع نفسه أولاً، وأنه يستطيع أن يقدم فيلماً يفوق نوعية أفلام أنور وجدي، فكما غيَّر التيمة التي لعب عليها في أفلامه السابقة مع نعيمة، لجأ أيضاً إلى مجموعة مختلفة من الممثلين، إلى جانب نعيمة وأنور وجدي، فاستعان بالفنان الكبير زكي رستم، ليقدم دور «درويش والد فاتن» ومعه فريد شوقي، وكمال حسين، ورياض القصبجي، والمطرب شفيق جلال، وماري باي باي، في أدوار العصابة، وعزيزة حلمي في دور أم فاتن، والفنان إلياس مؤدب، والوجه الكوميدي الجديد سيد المغربي، في دور «جرسون الملهى»، ليقدم حسين فوزي فيلما أقرب إلى الأفلام البوليسية، مع الاحتفاظ لنعيمة بشقاوتها وخفتها، ودون أن تتخلى عن الغناء والاستعراض، بل يلجأ إلى تجربة جديدة يقدمها في أحد استعراضات نعيمة بالفيلم، حيث يقدم استعراضاً يؤدي فيه الراقصون أدوار عصابة عبر ملابسهم ورقصهم، فيلجأ حسين فوزي إلى الموسيقار عزت الجاهلي لوضع موسيقى هذا الجزء، فيما يضع الموسيقار محمد عبد الوهاب لحن أغنية «حن» نظم محمد علي فتوح، والتي تغنيها نعيمة ضمن الاستعراض:

حن.. حن ياللي هجرت الحب

ومالكش قلب يحن

قلبي أنا مجروح

بين الضلوع بيئن

ارحم آلامي.. ارحم آلامي

ارحم آلامي.. وحن

قاضي الغرام زعلان على اللي جرى ليا

دا أنت مالكش أمان وواخد الهوا غية

والحب جنة ونار.. بينهم أنا محتار

حن حن ياللي هجرت الحب

ومالكش قلب يحن

قلبي أنا مجروح

بين الضلوع بيئن

ارحم آلامي.. ارحم آلامي

ارحم آلامي وحن

لما فؤادي احتار وشربت مر الكاس

قلت الهوا غدار مالوش أمان يا ناس

ياللي زرعت الهوا في قلبي أمتى تحن

عوازلي حنو عليا وأنت لم بتحن

ارحم دموعي يا قاسي وحن على عشقي

وجد بوصلك يا ظالم.. والنبي لتحن

حن حن ياللي هجرت الحب

ومالكش قلب يحن

قلبي أنا مجروح

بين الضلوع بيئن

ارحم آلامي.. ارحم آلامي

ارحم آلامي وحن

بمجرد الانتهاء من تصوير الفيلم، تقرر عرضه على الفور، فكان عرضه الأول في دار سينما «ميامي» يوم الاثنين 14 يناير عام 1952، وكعادة نعيمة تحرص على مشاهدة العرض الأول في كل دار عرض يقدم فيها الفيلم، لتشهد النجاح الكبير الذي حققه، فحرصت على أن تحضر العرض في دار سينما «ريفولي» في الأسبوع الثاني، إلا أنها فوجئت بدور العرض كافة التي يعرض بها في وسط القاهرة، قد التهمتها النيران، ليس هي فحسب، بل فجأة ومن دون مقدمات، وجد سكان القاهرة في ظهر يوم السبت 26 يناير 1952، الحرائق تنتشر بسرعة هائلة، في منطقة وسط القاهرة. حتى إنه في خلال ساعات قلائل التهمت النيران ما يزيد على سبعمئة محل ودار عرض سينمائي وكازينو وفندق ومكتب ونادٍ، إضافة إلى العشرات من معارض السيارات ومتاجر السلاح، والمقاهي والمطاعم والكازينوهات والحانات، فضلاً عن مصرع أكثر من خمسين شخصاً، من بينهم تسعة أجانب تقريباً، وإصابة ما يقرب من ستمئة شخص بإصابات مختلفة بين حروق وكسور، فضلاً عن تشريد عدة آلاف من العاملين في المنشآت التي احترقت.

«عودة للحارة»

سجد أنور وجدي لله شكراً، لعدم إصراره على إنتاج «النمر»، فيما تكبد حسين فوزي خسائر كبيرة ليس بسبب عدم إقبال الجمهور على الفيلم، فقد حقق إيرادات غير مسبوقة في الاثني عشر يوما الأولى، لكن لتوقف عرضه بسبب «حريق القاهرة» حيث أتت النيران على أغلب سينمات وسط القاهرة. إلا أن ذلك لم يمنع حسين فوزي من التفكير في إنتاج فيلم جديد لبطلته، غير أنه قبل أن يشرع في إنتاجه، قادته الصدفة لأن يلتقي المطرب والفنان محمد فوزي، الذي فاجأه بسؤاله:

- يعني يا أستاذ حسين نبقى أخوات ولا نشتغلش مع بعض لحد دلوقت.

= هاهاها... فعلاً غريبة أوي الحكاية دي... إزاي حصل كده.

- بتسألني أنا يا أستاذ... أسأل نفسك.

= عموماً ملحوقة... وأنا عن نفسي يشرفني أشتغل مع أهم وأظرف مطرب وممثل موجود على الساحة الفنية... وثانياً، يا سيدي هو أنا أطول أكون أخوك. دا شرف عظيم للعيلة كلها... ومستعد أكتب معاك العقد حالاً.

- عقد بأنك موافق تبقى أخويا.

= هاهاها.. مش بقولك. أنا هاروح فين جنب خفة دمك.

- المهم سيبك من خفة دمي دلوقت هانبقى نحللها بعدين.. شوف يا سيدي الراجل خفيف الدم اللي بجد أبو السعود الإبياري كاتب لي حتة رواية تحفة مافيش كدا... وأنا كنت ناوي أنتجها للموسم اللي جاي... إيه رأيك؟.. وطبعاً قبل ما ترد.. أعمل حسابك مش هاتبقى لوحدك.

= أيه هاخرج نص الفيلم وهاتجيب مخرج يخرج النص التاني.

- لا لا ده أنا أبقى أجرمت في حق السينما المصرية مش في حقك بس.. أنا ياسيدي قصدي تكون أنت ونصك الحلو.

= إيه؟ نصي الحلو؟

- آه أنا باعتذر... والله أنا كان قصدي بطلتك اللهلوبة اللي شعللت السينما وملتها شقاوة وعفرته.

= موافق طبعاً... بس مسألة الإنتاج دي يعني...

- آه جينا للخلاف بقى.

= لا مافيش خلاف ولا حاجة... لكن أنت عارف اللي حصل لفيلم «النمر» في حريق القاهرة.. وكنت عايز أعوض الخسارة دي.

- وأنا ماعنديش مانع ننتجه سوا.

كتب أبو السعود الإبياري فيلم «يا حلاوة الحب»، وأخرجه حسين فوزي، وشارك في إنتاجه مع محمد فوزي، وبالتالي كان الفنانون المشاركون فيه توليفة من الممثلين الذين يعملون بين الاثنين، فقدمت نعيمة عاكف دور «بمبة» ومحمد فوزي دور «نبيل»، بالمشاركة مع الفنان سليمان نجيب، في دور عم نبيل، وزينات صدقي في دور والدة «بمبة»، وداد حمدي في دور «مستكة»، فؤاد شفيق، في دور «عبد الشكور بك»، ولولا صدقي في دور «شكرية»، إضافة إلى محمد توفيق، وهبة حسب الله، عبد الحميد بدوي، علي عبد العال، صوفي ديمتري، بهيجة رشدي، عبد النبي محمد، محمد شوقي، وعبد العزيز سعيد.

رغم قلق نعيمة من أن تغني إلى جوار مطرب محبوب بحجم محمد فوزي، فإ نها فوجئت به هو من يطالبها بالغناء، ووضع لها ألحان اسكتش «يا سلام على حبك يا عجوز»:

* يا سلام على حبك يا عجوز

في القلب مكانك محجوز

كل الشبان مالهمش أمان

بلا شغل أونطة وارجوز

ياسلام يا سلام على حبك يا عجوز

الدم خفيف.. والقلب نضيف

ومعادك مظبوط ع الساعة

شعرك مصفوف.. لا عنين بتزوغ

ولا تعمل يوم زي جماعة

لك هيبة وقد القول والحق مافهوش مجادلة

مش زي الواحد من دول يتغير ويا البدلة

يا هنا اللي تحبك وتكون.. وتخش في قلبك ياعجوز

كل الشبان مالهمش أمان

بلا شغل أونطة وارجوز

ياسلام يا سلام على حبك يا عجوز

أوعو يا ستات.. وانتو يابنات..

شبان اليوم تفل في ميه

سن العشرين.. فما فوق خاينين

يتنقلوا بين ديه وديه

أما العواجيز القيمة طلعتهم طلعة مهابة

لو رحت معاه السيما هايقولوا دي وياها بابا

لو حتى الشارع مدروز.. يحترمونك بالمعكوس

قول للشبان مالكمش أمان بلا شغل أونطة واراجوز

يا سلام يا سلام على حبك يا عجوز

ما إن انتهت نعيمة من تصوير الاسكتش، وصاح حسين فوزي بإيقاف التصوير، حتى جاء صوت أحد العمال يصرخ من خلف الكاميرا:

- الجيش نزل.. والدبابات في كل حتة في الشوارع

تحيا الثورة

في الوقت الذي كانت الغالبية العظمى من المصريين تشعر بالمهانة من سيطرة حفنة قليلة من كبار الإقطاعيين على كل خيرات البلد، من مشروعات وأراض زراعية، ما جعل الفلاحين يعانون سطوتهم وظلمهم، إضافة إلى قصر التعليم على الأغنياء في ظل نظام فاسد وحاشية مفسدة. أتت ليلة الثالث والعشرين من يوليو سنة 1952، إذ انطلقت مجموعة من ضابط جيش مصر الأحرار، لتعلن للشعب انتهاء فترة الاستعباد وبداية عصر جديد تاريخ مصر، مع البيان الأول لثورة الجيش المصري، لتنتصر إرادة الشعب الذي التف حول الضباط الأحرار لنبذ الظلم، لاستعادة الحرية وتحقيق العدالة الاجتماعية.

خرج الفنان محمد فوزي بصحبة نعيمة عاكف والمخرج حسين فوزي وعدد من الفنانين والفنيين المشاركين في الفيلم، وساروا في شارع «ستوديو نحاس» وهم يهتفون:

= تحيا الثورة.. يحيا الجيش...

لم يكن لدى نعيمة الوقت لتعيش حياتها، كمن هن في مثل عمرها، خصوصاً بعد أصبح لديها مال وفير بحساب في البنك، وسيارة فارهة، وكل ما حلمت به. غير أنها لم تكن تحلم به لنفسها فقط، وإلا تفرغت للاستمتاع به، بل حلمت به لكل من حولها، فإلى جانب اهتمامها المبالغ فيه بوالدتها، لم تتردد لحظة في مساعدة أخواتها وأخوتها، الأشقاء وغير الأشقاء، وإرسال كل ما يلزم والدها من مال يعينه على الحياة، بعدما تقدم عمره، ولم يعد قادراً على القيام بما كان يقوم به. كذلك حرصت على مراعاة أخواتها الأصغر منها، خصوصاً أختها غير الشقيقة «انشراح» التي لم تكن قد بلغت عامها العاشر، والتي لاحظت نعيمة أن بها الكثير منها، لا سيما أنها تحاول أن تقلدها من خلال أفلامها، وأن لديها موهبة ظاهرة، فعملت على رعايتها بشكل خاص. حتى إنها قدمتها للمخرج حسين فوزي:

* إيه رأيك بقى يا أستاذ.. لهلوبة جديدة من عيلة عاكف.. وبكرة تبقى لهاليبو الجديدة

= هايلة أنا ماكنتش متخيل أنها بالعفرتة دي الظاهر أن العفرته وراثة.

* طبعا يا أستاذ... الفن متأصل في العيلة.

= صحيح هي لهلوبة فعلا... بس أنا واثق أن مافيش ومش هايبقى فيه غير لهاليبو واحدة بس.

حرصت نعيمة على أن تجد في فيلمها الجديد «جنة ونار» دورا لأختها «انشراح عاكف»، خصوصاً أن القصة التي كتبها حسين فوزي، استمد فيها ملامح جديدة للتضحية استمدها من شخصية نعيمة، فجاءت الأحداث ملائمة تماما لها، وتسمح بوجود انشراح في الفيلم، بل وعدد كبير من الأطفال، حيث الفتاة الفقيرة «ننوس» التي تعمل راقصة، من أجل أن تعول أشقاءها الستة، وتجد العطف والحنان من جارها المطرب «عبد الحق»، الذي يعيش معها في «حارة اللقمة الهنية»، وفي الوقت نفسه تشاركه العمل في «كازينو الفرفشة» بروض الفرح، وتصطحب معها شقيقتها «لوزة» لتساعدها، حتى تقودها الصدفة للتعرف على «معروف» العجوز اليائس من حياته، فتعطف عليه وتصطحبه معهما إلى الملهى، ثم إلى حارة «اللقمة الهنية» ليعيش يوما لم يعش مثله في حياته من قبل، ويخرج من هذا اليوم بحكمة تكون سببا في تغيير حياته، وعندما يرد لها الجميل بأن يغدق عليها هي وأخوتها بالهدايا، تكتشف باشا ثريا، لكنه رغم ثرائه، يعيش في قصره كالسجين، محروماً من كل شيء، بسبب سيطرة «قاسم» زوج ابنته الجشع عليه وعلى ابنته، طمعاً في أمواله. ولا يخفف عنه هذا السجن سوى حفيده «منير»، وعندما يطلب معروف الزواج من ننوس ترفض. لكن زوج ابنته قاسم يوغر صدر المعلم «قرمه» الجزار، ابن حارتها الذي يطمع في الزواج منها، ضد الباشا ليقتله، غير أن الإصابة تأتي في الحفيد منير، وتنقذه العناية الإلهية وتكتشف ننوس أنها تحب منير وهو يحبها، فيضحي المطرب عبد الحق من أجل سعادتها وزواجها من منير.

بدأ تصوير فيلم «جنة ونار» الذي كتب حسين فوزي القصة والسيناريو له، وشارك مع أبو السعود الإبياري في كتابة السيناريو والحوار، واختار المطرب عبد العزيز محمود في أول بطولة له أمام نعيمة عاكف، وشاركهما كل من شكري سرحان، حسين رياض، وداد حمدي، أحمد علام، عزيزة حلمي، وسيد المغربي، وعبد المنعم إسماعيل، والأطفال انشراح عاكف، فلفلة، عبد المنعم سليما، وجيه الأطرش، مجدي السيد، وسلوى السيد. وقبل أن ينتهي تصوير الفيلم، فوجئت نعيمة بما لم تتوقعه.

البقية في الحلقة المقبلة

يا حلاوة الحب

لم يكن سيناريو فيلم «ياحلاوة الحب» الذي كتبه أبو السعود الإبياري، مكتوباً لتقدمه نعيمة عاكف، لذا قام بتعديله بالمشاركة مع حسين فوزي، ليتناسب معها. غير أنه لم يبتعد كثيراً عن تلك الأجواء الشعبية، تلك التي يفضلها حسين ونعيمة، في أفلامهما، والتي تسعى دائماً إلى الانتصار على الجانب الأرستقراطي، وتأكيد على أن الحارة المصرية هي الأساس، وهي الأصل الذي يعود إليه كل شيء جميل، فقدم «شكرية» ابنة الطبقة الأرستقراطية المدللة، والتي تسعى هي ووالدها إلى الإيقاع بالمطرب الثري نبيل، فيقيم والد شكرية حفلا ساهرا، يدعو فيه نبيل حتى يتيح الفرصة لابنته شكرية أن تقترب منه وتتعرف إليه. ولأن والدها يكره الأرقام الفردية ويتشاءم منها. يبحث عن شخص يتمم عدد المدعوين للحفل، ليكون الرقم زوجياً، ويتصادف وصول الفتاة «بمبة» من محل الملابس، وقد أحضرت الفستان الذي سترتديه شكرية في الحفل، فتقترح شكرية على والدها أن تعطي هذه الفتاة فستاناً من ملابسها، وتقدمها في الحفل باعتبارها من صديقاتها، ليكتمل عدد المدعوين، لكنهما في الحفل يكتشفان أن هذه الفتاة تهوى الغناء والرقص، وتلفت أنظار جميع المدعوين. وما إن يراها نبيل وعمه حتى يقع الاثنان في حبها، ويطلبها نبيل للعمل معه. لكنها تظن أنه يحبها، غير أنها تعلم أن نبيل يقدم على مشروع خطبة شكرية، فتقرر إثارة غيرته بالتظاهر بأنها تحب عمه، وتنجح خطتها بالفعل، وتثار غيرة نبيل، ويتضح ذلك من سخريته منها لوقوعها في حب «العجوز» فترد عليه «بمبة» باسكتش غنائي.