أوباما يدحض مقولة «البطة العرجاء»
حقق إنجازات أبرزها تشريع زواج المثليين و«التجارة الحرة»
أربعة انتصارات سياسية تمكن الرئيس الأميركي باراك أوباما من تحقيقها في نهاية ولايته الثانية والأخيرة، وهو ما اعتبر دحضاً لمقولة «البطة العرجاء»، حين يدخل الرؤساء الأميركيون في فترة «الشلل السياسي» في الربع الأخير من حكمهم.إقرار مجلس الشيوخ الأميركي بأغلبية 60 صوتاً في مقابل 38 مشروع قانون يمنح الرئيس مزيداً من الصلاحيات لإبرام اتفاق لإنشاء منطقة ضخمة للتجارة الحرة في منطقة آسيا- المحيط الهادئ، أنهى معركة برلمانية استمرت أسابيع في أروقة الكابيتول، وكرس نصراً سياسياً لأوباما رغم الانقسام الذي تسبب فيه المشروع في أوساط الحزب الديمقراطي.
أوساط من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، وصفت الأمر بأنه تكريس لتقليد طالما اتبع خلال 40 عاما لتسريع إقرار مشاريع تعتبر حيوية بالنسبة إلى الولايات المتحدة. لكنها اعتبرت إقرار القانون نوعاً من المقايضة السياسية التي يستعد لها المشرعون الأميركيون مع الرئيس قبيل توقيع الاتفاق النووي المزمع مع إيران.اعتراضات الحزب الديمقراطي على القانون كانت تركز في غالبيتها على اخلاقيات توقيع اتفاقات اقتصادية مع دول لا تراعي حقوق العمال سواء في شروط العمل أو في البدل العادل أو في تشغيل عمالة الأطفال.ورغم ظهور الاعتراضات، كأنها تصدر من موقع «على يسار» الرئيس، فإن تجاوزها لا يعكس تبدلا في الموقع الذي لا يزال يمثله أوباما نفسه بالنسبة الى الحزب الديمقراطي، وصفة «اليسارية» بالمفهوم الأميركي عموماً.غير أن هناك من يعتبر هذا «الانتصار» تنازلاً «أوبامياً» للجمهوريين، وتعزيزاً لخطته في مواصلة إنعاش الاقتصاد الأميركي، بعدما ضمن موافقة المحكمة الأميركية العليا على رفض الدعوى المقدمة من الجمهوريين لإلغاء خطة الرئيس في منح الطبابة لملايين الأميركيين الذين لا يملكون تأميناً صحياً، أو ما يعرف بـ»أوباما كير». وهو الانتصار الثاني الذي حققه أوباما في أسبوع واحد، حين صوت ستة قضاة على رفض الدعوى التي قدمت عام 2010 لإبطال هذا القانون مقابل ثلاثة، ما أظهر أن الرئيس لا يزال يحتفظ بعوامل قوة لا يستهان بها للتأثير في الحياة السياسية الأميركية.الانتصار الثالث لأوباما تمثل في إقرار المحكمة العليا أيضا قانونا يسمح بزواج المثليين بخمسة اصوات مقابل اربعة، وهو ما اعتبره تحقيقا لوعده الانتخابي حين انحاز الى حرية الفرد في التمتع بخياراته الفردية، نازعا من الولايات حق الاعتراض على هذا الخيار.أما الانتصار السياسي الرابع لأوباما فتمثل في المكالمة الهاتفية التي أجراها معه نظيره الروسي فلاديمير بوتين مساء الخميس الماضي، وناقشا فيها كيفية الحفاظ على وحدة الموقف الدولي في المفاوضات الجارية مع طهران حول برنامجها النووي، في مواجهة «التشدد» الإيراني الذي ظهر في ربع الساعة الأخير، مع تصريحات المرشد الإيراني علي خامنئي التي أعاد فيها التأكيد على خطوط بلاده الحمر.ورغم أن الرئيسين ناقشا ملفات الإرهاب والوضع في سورية بوجه خاص، فإن توقيت المكالمة جاء قبيل توجه وزير الخارجية الاميركي جون كيري الى فيينا لاستكمال المفاوضات النووية التي بات محسوما تمديدها بضعة ايام، ما اعتبر تصليباً لموقف الرئيس في مواجهة الكونغرس الجمهوري الذي ينتظر المسودة الأخيرة التي سترسو عليها المقايضات في هذا الملف. تقول أوساط أميركية، إن احتمال فشل المفاوضات بات أمراً مستبعداً، في الوقت الذي تتواتر فيه الأنباء عن قيام الإيرانيين بتقديم مبادرات عدة تشمل مروحة واسعة من الملفات السياسية والاقتصادية والإعلامية وتبادل الخدمات مع الولايات المتحدة على نطاق واسع. وتعتبر أن التشدد الإيراني الأخير لا يعدو محاولات لتحسين دفتر الشروط، فيما تجاوز الخطوط الحمر تفرضه الحاجات الملحة التي لا تحتمل التأجيل بالنسبة الى مستقبل النظام والدولة الإيرانية المنخرطة في مجابهات إقليمية، تتطلب موارد ضخمة لا يمكن توفيرها من دون تقديم تنازلات في ملف استنفدت أدواره ووظائفه.... و«يرتل» في تشارلستونحمل الرئيس الأميركي باراك أوباما على العنصرية وفوضى الأسلحة النارية في كلمة مؤثرة ألقاها في تأبين ضحايا الهجوم في تشارلستون وختمها بـ «ترتيلة» «إميزينغ غرايس» التي رددها معه آلاف الحاضرين.وحذر أوباما في كلمته الشعب الأميركي من مغبة «الاحتماء وراء الصمت» بعد حادث إطلاق النار الذي راح ضحيته تسعة أشخاص من السود ونفذه متطرف أبيض داخل كنيسة، ودعاهم إلى «عدم التهرب من الوقائع التي تثير القلق».كما أشار الرئيس في تشارلستون (كارولاينا الجنوبية) في كلمته إلى «الألم العميق» الذي يثيره علم الكونفدرالية لدى قسم كبير من الأميركيين.ويعتبر العلم الكونفدرالي بنجومه الـ13 الحمراء والبيضاء والزرقاء رمزاً لإرث الجنوب بالنسبة إلى مؤيديه وإلى العنصرية والعبودية ونظرية تفوق العرق الأبيض بالنسبة إلى معارضيه. وتابع أوباما أن «العلم لم يكن السبب وراء الهجوم، لكن علينا الإقرار بأن العلم هو بالنسبة إلى كثيرين رمز لقمع منهجي».(تشارلستون - أ ف ب)