اتحاد طلبة أميركا
يبلغ عدد الطلبة الكويتيين الدارسين في الولايات المتحدة ١١ ألفاً تقريباً. ومع أن أميركا هي وجهة قديمة للبعثات الكويتية، فإن إنشاء فرع للاتحاد فيها تأخر كثيراً عن الفروع الأخرى المؤسسة له سنة ١٩٦٤، وربما يعود ذلك إلى أن أميركا، خلافاً للفروع في البلدان الأخرى كمصر ولبنان وبريطانيا، هي بلد مترامي الأطراف يصعب فيه تجميع الطلبة.إلا أن الملاحظ هو أنه ومنذ عدة سنوات تمكن القائمون على الهيئة الإدارية للاتحاد من أن يجعلوا من مؤتمرهم السنوي حالة فريدة من التميز والإبداع والتنوع تستحق الانتباه، مما جعل الفعاليات الرسمية والعامة وشركات كويتية كبرى تسافر طويلاً لمشاركة قادة المستقبل، إحساساً من تلك المؤسسات والشركات الحكومية وشبه الحكومية بأن هناك تميزاً على الأرض.
كانت لمحة ذكية مثلاً من الهيئة الإدارية دعوتها هيئة مكافحة الفساد، التي أحسنت بالاستجابة لتلك الدعوة، وكان لوجود الهيئة برئيسها وجهازها الإداري وقع طيب، وإن لم يخل من التشكيك بقدرتها على مكافحة الفساد، ولذلك حديث آخر سنخصصه للهيئة ذاتها لاحقاً.المؤتمر السنوي للاتحاد صار تظاهرة سنوية تتحرك فيها الأمور بشكل يسير عكس حالة الإحباط السائدة في البلد، ولربما تعلمت حكومتنا شيئاً من قدرات التميز والإبداع في الإدارة التي يقودها الشباب الكويتيون هناك بحالة عمل جماعي ملحوظة. وبالطبع لا يوجد عمل يخلو من ملاحظات وانتقادات، وقد تحدثت مع القائمين على المؤتمر فيها أملاً في تداركها مستقبلاً، ولكننا نتحدث عن الصورة العامة كما شاهدناها لشباب متطوعين استطاعوا أن يخلقوا حالة إيجابية لافتة للانتباه.سيتخرج هؤلاء الطلبة المبدعون ويعودون لوطن ينهشه الفساد، ويدمره سوء الإدارة وضعفها، وتكسره الطائفية والقبلية، فيضيعون فيه ويذوبون لدرجة التلاشي. وهو هاجس مماثل وإن بتفاصيل مختلفة كان يشغلنا حين كنا طلاباً في أميركا وبريطانيا ومن قبلها في مصر، وصار علينا أن نطرح تصورات لاستثمار هذه القدرات في بلد ضاعت بوصلته، فهؤلاء هم قادة المستقبل، والاستثمار في البشر أهم وأجدى منه في الحجر فقط.