أعلن مجلس الأمن الدولي الأربعاء دعمه للاتفاق على تشكيل حكومة وحدة وطنية في ليبيا الذي أبرم الأسبوع الماضي وعبّر عن أمله في أن يساهم ذلك في الحد من تدفق المهاجرين على أوروبا وفي تعزيز التصدي لتنامي تنظيم داعش في هذا البلد.

Ad

وأكدت الدول الـ 15 الأعضاء في المجلس دعمها للاتفاق الذي وقع الأسبوع الماضي في مدينة الصخيرات المغربية بين ممثلين عن البرلمانين المتنافسين في البلاد، وقالت إنها "تشيد بالتوقيع على الاتفاق السياسي الليبي في مدينة الصخيرات".

وقدّم السفير البريطاني في الأمم المتحدة ماثيو رايكروفت مشروع القرار الذي قال إنه يشكل "إشارة جماعية قوية بشأن التزامنا سيادة ليبيا ووحدة وسلامة أراضيها ووحدتها الوطنية".

وأضاف "إنها بداية العملية فقط لتأمين مستقبل من الازدهار والاستقرار لكل الليبيين"، وتابع السفير البريطاني "ندعو كل الذين لم يوقعوا بعد إلى أن يقرروا الآن كيف سيدعمون الاتفاق والعمل مع حكومة التوافق الوطني".

ويعمل موفد الأمم المتحدة إلى ليبيا مارتن كوبلر حالياً على وضع الترتيبات للسماح لحكومة الوحدة الوطنية هذه بالتمركز في طرابلس التي يسيطر عليها مقاتلون مسلحون.

وقال كوبلر بعد التصويت على النص "أشجع الذين لم ينضموا بعد إلى الالتحاق بالركب والباب مفتوح"، مؤكداً على أن الأولوية الأولى الآن ستكون "مكافحة داعش وخطر داعش" الذي يتمدد شرقاً وغرباً وجنوباً في ليبيا.

من جهته، أكد سفير فرنسا فرنسوا ديلاتير "أن فرنسا ستتحمل مع شركائها في الاتحاد الأوروبي مسؤوليتها كاملة" في جهود دعم الحكومة الليبية، مشيراً إلى أن هذه الحكومة "ستوضع سريعاً على المحك من الراغبين في تخريب العملية" السياسية.

واعتبر السفير الليبي لدى الأمم المتحدة ابراهيم دباشي أن "هذا الاتفاق هو الأمل الوحيد في استعادة سلطة الدولة وتفادي تلاشي ليبيا كدولة ذات سيادة".

ووصف قرار مجلس الأمن حكومة الوفاق الوطني المعلنة في الاتفاق بأنها "الحكومة الشرعية الوحيدة"، مؤكداً على أن "المجلس يعلن تصميمه على دعمها".

وطلب القرار من المجلس الرئاسي الذي انشأه الاتفاق "العمل في إطار مهلة الثلاثين يوماً" على تشكيل الحكومة واتخاذ "الإجراءات الأمنية الضرورية".

وقال دبلوماسيون إنه عندما تصبح الحكومة الجديدة عملانية فإنه سيكون بإمكانها طلب المساعدة في محاربة تنظيم داعش الذي تمركز في ليبيا ولوقف الهجرة إلى أوروبا.

وأكدت السفيرة الأميركية سامانثا باور التي ترأس مجلس الأمن في ديسمبر أن حكومة الوحدة الوطنية الليبية الجديدة ستصبح بعد تبني هذا القرار "الحكومة الشرعية الوحيدة في ليبيا".

وأضافت أن "الولايات المتحدة تدعو كل الليبيين إلى الاتحاد وراء الاتفاق السياسي الليبي وانتهاز فرصة الاتفاق التي سنحت للعمل معاً من أجل التوصل إلى السلام والاستقرار وحكم القانون".

وأضافت أن "الاتفاق يهدف إلى تحسين الوضع أمني وسنتعاون بشكل وثيق مع حكومة الوحدة لدحر المجموعات التابعة لتنظيم داعش في ليبيا والقضاء على التهديد الذي تشكله على أمننا الجماعي".

لكن بحسب كوبلر فإنه على الحكومة الجديدة أولاً أن "تنسق مكافحة تنظيم داعش بين الليبيين" قبل طلب مساعدة أجنبية.

الحاجة إلى أسلحة

واستغل تنظيم داعش حالة الفوضى في ليبيا ليتمركز على الساحل الليبي خصوصاً في منطقة سرت التي تقع على بعد 450 كلم شرقي العاصمة طرابلس وينتشر فيها ما بين الفين وثلاثة آلاف مسلح محلي وأجنبي.

ويبدي الغربيون خشيتهم من تصاعد نفوذ هذا التنظيم الذي يسيطر على مناطق واسعة في العراق وسورية.

ودعا مجلس الأمن الدول الأعضاء في الأمم المتحدة إلى "تقديم مساعدة فعّالة للحكومة الجديدة بهدف دحر تنظيم داعش" وأنصار الشريعة وباقي المجموعات المتطرفة من حلفاء القاعدة وتنظيم داعش الناشطة في ليبيا.

وبحسب دبلوماسيين فإن هذه المساعدة يمكن أن تكون لوجستية وفي مجالات التسليح والاستخبارات والتدريب وحتى الغارات الجوية ضد مواقع الجهاديين.

وستقرر كل دولة منفردة أو ضمن تحالف طبيعة المساعدة التي تقدمها، ولن يكون من الضروري تبني قرار جديد من الأمم المتحدة في حال جاء طلب المساعدة من حكومة ليبية شرعية.

وقال كوبلر أن الحكومة الليبية يمكنها "أن تطلب استثناءات من حظر الأسلحة" المفروض من الأمم المتحدة على ليبيا لأن "الجيش النظامي بحاجة إلى أسلحة" لمحاربة تنظيم داعش.

وأكد أنه "على حكومة الوحدة الوطنية تنظيم محاربة ليبيا لداعش ثم في لاحق تحديد ما إذا كانت بحاجة إلى مساعدة أجنبية وهذا يعود إلى الحكومة"، وأضاف أنه "على الحكومة التركيز الآن على جمع الليبيين في مكافحة الإرهاب".

كما سيكون بإمكان الحكومة الجديدة دعوة الاتحاد الأوروبي إلى توسيع نطاق عمليته البحرية التي ينفذها في أعالي البحار لرصد مراكب الهجرة غير الشرعية والتصدي للمهربين، إلى سواحل ليبيا ومياهها الإقليمية.

وتسعى أوروبا إلى وقف تدفق مهاجرين غير مسبوق منذ الحرب العالمية الثانية.

وبعد أشهر من المفاوضات وقع سياسيون وممثلون عن المجتمع المدني وأعضاء في البرلمانين المتنافسين، في الصخيرات الخميس اتفاقاً برعاية الأمم المتحدة.

لكن رئيسي البرلمانين يعارضان نص الاتفاق ويفضلان عليه اتفاقاً بديلاً وقع في بداية ديسمبر في تونس.

وليبيا الغارقة في الفوضى منذ الإطاحة بنظام الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، بها حالياً برلمانان وحكومتان، واحدة في طرابلس والثانية في طبرق (شرق ليبيا) هي المعترف بها دولياً.

وطلب قرار مجلس الأمن من دول المنطقة التوقف عن دعم "هذه المؤسسات الموازية" ومن المجموعات المسلحة "احترام سلطة" حكومة الوفاق الوطني.